TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > المقاولات.. مهنة أم سلوك اجتماعي؟

المقاولات.. مهنة أم سلوك اجتماعي؟

نشر في: 14 أغسطس, 2011: 05:12 م

د.طالب المحسنقرب جدار الكرملن ومساء كان يأتي رجل كل يوم ويصرخ بأعلى صوته ( خروتشوف مجنون خروتشوف مجنون)، ثم يلوذ بالفرار ،وقد نصب له الحرس كمينا حتى وقع بالفخ وحكمته المحكمه بعشر سنيين سجن , الخمسة الأولى لانه اعتدى على اكبر شخصيه في جمهوريات الاتحاد السوفياتي والخمسة الثانية لأنه أذاع سرا من إسرار الدوله !!
قبل أيام وعلى قناة الفيحاء كان لقاء مع السيد طارق الهاشمي نائب رئيس الجمهورية , وقال : لولا الخلافات السياسية بيننا نحن القادة لتحولنا إلى مقاولين لبناء العراق !!! طبعا ليست زلة لسان , فلم يقل نتحول إلى حراس , عمال أو بناة بل إلى مقاولين ،وكأنه بهذا يكون صاحب فضل جم علينا......والأدهى من ذلك لم اسمع من السياسيين الآخرين أي كلمة عتاب أو لوم للهاشمي , لأنه أذاع سرا من إسرار الدوله لكن- كما يبدو- من المشهد إن هذا السر لم يعد خافيا. أحدهم صرح لجريدة المدى إن إعادة إعمار فندق الشيراتون قد اشترك فيها مقاولون لم يمارسوا المهنة بل إن بعضهم سواق استفادوا من قربهم للمتنفذين , لذلك لا عجب أن ترى أدوات بدائيه في إعمار واحد من اكبر فنادق العراق !!لعن الله الراشي والمرتشي , لا ادري هل هنالك من يؤول الراشي في هذا الحديث الشريف وإلا كيف نبرر ظاهرة الرشوة في دولة تحكمها أحزاب إسلامية؟ !منظر الهياكل الحديدية لمدارس مزعومة أصبح منظرا مقرفا وكأنها هياكل عظمية لكائنات أسطورية , ويتساءل الطلبة متى تكتسي هذه العظام لحما كي تدب الروح في مدارس جديدة أم أنهم ينتظرون الإجابة من مقاولين جدد.المقاول لم يسمم الحياة السياسية فحسب بل سمم المجتمع وألقى بظله الثقيل على مجمل العلاقات العامة وأصبح هامش الربح والخسارة مقياسا وكذلك الحصول على مآرب بأية طريقه أضحت جزءاً من السلوك العام , فإن حادثا مروريا بسيطا قد يستنزف الكثير من إمكاناتك وتصبح موردا اقتصاديا للطرف الآخر ,حتى العشيرة (ليست الكل) تحولت في بعض مفاصلها إلى كتلة اقتصادية تتحرك بحسابات الربح والخسارة . إن كثيرا من الأطباء اليوم يمتنعون من إجراء عمليات جراحيه خوفا من نتائج قد لا تعجب المريض وحينها على الطبيب أن يدفع (الفصل) ،وهو مبلغ قد يعادل تعب الطبيب طيلة عمره ،علما إن هامش الخطورة في أية عمليه جراحيه تقره كل مستشفيات العالم, بينما مريضنا في الخارج يدفع أجورا مضاعفة ويتقبل كل النتائج عن طيب خاطر. بعض مشاريع الدولة تمر عبر أراض زراعيه أو قريبة منها حينها تصبح الشركة المنفذة تحت رحمة المتنفذين هناك وعليها أن تدفع مبالغ طائلة لحماية نفسها أولا!!. احدهم مرت أسلاك شركه تركية قرب أراضيه فرفض ذلك ووقف ضد المشروع إلا أن تدفع الشركة التركية مبلغا كبيرا ،وحين استفسروا عن دواعي هذا الطلب قال صاحبنا إن الجيش العثماني قتل بقره لجده وهو اليوم يطالب بالتعويض , طبعا حسبها على اعتبار البقرة حية ترزق وحسب ولاداتها وحليبها !! بل إن أحزابا تمارس الدور نفسه وتفرض نسبه مقطوعة من الإرباح على المشاريع التي تمر بمناطق نفوذها . حتى التعليم فأن الدروس الخصوصية تكسر ظهر العائلة العراقية إن كان لها ظهر أصلا. المستشفيات الأهلية حدث ولاحرج بعد أن شطبت الولادة الطبيعية من نشاطاتها ويقوم الأطباء أنفسهم بإقناع المسكينة بكل الحجج غير الطبية !!الأدوية مختلفة المناشئ والموجودة في الصيدلية!!(غير صيدلي بشكل عام) يعددها للمريض الذي لايمتلك دفاعا عن نفسه ويدفع ما يطلب منه دون وجود تسعيرة لأي علاج .رجل المرور يتصيدك ليوقفك جانبا حيث تحل المشكلة , باختصار أينما وليت وجهك فعليك أن تدفع . يقول الشيخ علي حاتم إن شيوخا ذهبوا للخليج يستجدون أموالاً بحجة مساعدة الأرامل والأيتام وقد جمعوا مئة مليون دولار عن طريق الشيخة موزة لم تصل منها موزة واحدة لأي يتيم أو أرملة. المجتمع العراقي في بداياته ولإدراكه أهمية الاقتصاد أطلق تسمية الحرامي على السراق وكأنه اختزل كل الحرام بهذا السلوك وحين دمغوا الشرطة بلقب أبو الواشرات انما ليضعوا حدا لأي سلوك يتجاوز على الآخرين ،ولو قيض لحرامي قديم أن يرى ما آلت إليه الأمور اليوم لاستغرب كثيرا كون الحرامية هم رجال الدولة والأغنياء, والغريب الغريب جدا إن المجتمع العراقي الحالي لم يفلح بإنتاج تسميات تحد من هذه الظاهرة بل انه لم يتمكن من ابتداع أمثال شعبيه توصم هذه الظاهره.........باختصار إن المقاول والمقاولة ليست ظاهره محدودة بل أنها ضاربة بالعمق وبحاجه ماسة إلى تصدي المثقفين والقوى الوطنية .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram