اسم الكتاب/طائر العقعق و السناجب و اللصوص المؤلف/ جاكلين يالوب ترجمة/ عبد الخالق علي عندما فتحت هذا الكتاب كنت أتساءل ما إذا كنت سأجد تفسيرا لهواية جمع الأشياء في داخلي: هل سأتحول إلى عقعق سارق أو إلى سنجاب يختزن الحب؟ أناس آخرون ينتقلون من بيوتهم لتكوين عائلة اكبر، اما انا فاجمع الكثير من بوسترات افلام هيتشكوك و صور قديمة لمدينة مانهاتن مع قناع و تاج من إكليل مذهب، مع بعض أعشاش الطيور من حديقتي.
خفق قلبي عندما اكتشفت ان انشغال الفكر – في راي فرويد – بالتلهف يوحي بالشذوذ و عدم الكفاءة الجنسية و الفشل الشخصي. في رواية " صورة سيدة" للروائي هنري جيمس، يتزوج كلبرت اوزموند امرأة لكي يكمل بها حليته من الخزف النادر: هواية الجمع هي بديل عن الحب، نفس المنطق الحزين الذي قاد نيك هورنبي الى الاستنتاج بان جامعي السجلات كلهم انطوائيون. لحسن الحظ فان يالوب تبدد هذه الوصمة من خلال تقديم نموذج لامرأة تاجرة جريئة لا تلين تدعى تشارلوت شريبر التي تقطع أوربا، مع زوجها السلس، خلال سبعينات القرن التاسع عشر و هي تقوم بمساومات صعبة من اجل السيراميك. شخصية أخرى هي ميشيل ماير الذي يمتد طمعه من أتربة مقابر الانكلو ساكسون الى المخطوطات النابليونية التي لا يمكن قراءتها. في اغلب أجزائه، يعتبر هذا الكتاب تاريخا اجتماعيا مليئا بالنوادر، و قصصيا في تصميمه على اعادة الماضي النتن الى الحياة: انه يناقش تأسيس متحف فكتوريا و البرت. تشعر يالوب باضطرارها الى ان تؤكد لنا ان الربيع عندما وصل الى كنغستون لجنوبية عام 1854 " تفتحت الأوراق الخضراء على الاشجار "، و قبل عيد الميلاد عام 1867 كانت نوافذ هارودز " تتلألأ بالهدايا و التحف و الانوار ". يدور كتاب يالوب عن التواطؤ القذر بين الثروة و الجمالية، و بين الحضارة و التزلف الاجتماعي. أول هواة جمع الأشياء الذين تتفحصهم هو جون تشارلس روبنسن الذي " كان يشتري و يبيع بعنف " و يساعد في تجهيز المعارض الجديدة في كينغستون الجنوبية. كان منافسه اوستن هنري لايارد – عالم الآثار و عضو البرلمان و مسؤول المعرض الوطني - يذمه و يهجوه لكونه " متغطرسا و مقززا "، و يقول عنه " انه ليس الا تاجرا ": فجامعو الأشياء هم سادة مهذبون، اما التجار فانهم يهدفون باساليب قذرة الى جني الارباح. عند هذه النقطة تذكرت علية القوم البارزين الذين يمتلكون معارض في مايفير و تساءلت ما اذا كان لايارد مخطئا. تكتب يالوب عن النطاق الإمبراطوري الجديد لجمع الاشياء خلال العصر الفيكتوري. السواح الارستقراطيون في القرن الثامن عشر يهدفون الى جلب اللوحات الى اوطانهم او المنحوتات من ايطاليا، الا ان جامعي يالوب يمكن ان يسرقوا العالم. موراي قام بنبش القبور المصرية، و قام ستيفن بوشيل – الدبلوماسي الذي ارسل الى بكسن في 1880 – يجهز المتاحف بالبرونز الصيني و الحلي و يستطلع قبور (كينك) لصيد بعض القردة النادرة التي يشحنها الى جمعية الحيوانات في لندن. البلدان التي تمت سرقتها تنظر و هي لا حول لها و تعتمد على الفن لتتظاهر بالانتقام الوهمي. ان الجمع، مثل الإمبراطورية، كان ناتجا فرعيا للرأسمالية، و ان لدى يالوب قصصا جيدة ترويها عن محاولات لأتلاف هذا السوق المزدحم الجشع. المسافرون الى الهند يدفعون بسذاجة مقابل كنوز قديمة تتم صناعتها بالجملة في مصانع برمنغهام، بينما يصنع المزور لويس مارسي اعمالا فنية زائفة. أكثر شخصية محببة و متقلبة المزاج في الكتاب هو الرسام دانتي جبريل روسيتي الذي يمتلئ منزله الأنيق الواقع على شاطئ النهر في تشيلسي بالتحف الصغيرة المصنوعة من النحاس و القصدير و بالسجاد الشرقي و بالقطيفة و الأقمشة المزخرفة و بأثاث الشيراتون و القطع الاسبانية و صفوف من المرايا. الا ان روسيتي كان اكثر من متذوق للجمال، فمنزله كان بمثابة حديقة حيوان تمتلئ بالكلاب و البوم و الارانب و الفئران و القنافذ و الدببة و الراكون و الكنغر و الببغاء و السحالي. هذه الحيوانات و الطيور هي تأنيب لروسيتي عن هوسه الجشع، فان هاوي الجمع يكتفي بجسم تمساح مثلا او بتماثيل شبيهة بالحقيقة مثل نمر سلطان ميسور. الفن لا يمكن ابدا ان ينافس الجمال النقي و النادر للطبيعة.
كيف جمع الفيكتوريون العالم؟
نشر في: 15 أغسطس, 2011: 06:13 م