الكتاب/ رفيق كامبرج للروائيين الانكليز تأليف/ سمير رحيم العرض ترجمة/ هاجر العاني سمعة ناقد كامبرج، الذي كان يـُـنظـَـر إليه فيما مضى على أنه حارس بوابة الأدب الانكليزي، قد انحدرت انحداراً كبيراً جداً منذ وفاته عام 1978، وما يزال بإمكانك العثور على أناس داخل الجامعات وحتى خارجها يفخرون بتسمية أنفسهم الإمبسونيين (نسبة إلى نهر إمبسون في نيوزيلندا) ولكن عندما يتّهمك أحد (وهو دائماً تقريباً اتهام) بأنك ليفستي (أي من اتباع او معجبي ليفس) فما يقصدونه في الواقع هو أنك محدود في ميولك ونزق في اسلوبك ولا علاقة لك بالنقد الحديث.
وفي هذه المقدمة لـ (رفيق كامبرج للروائيين الانكليز) يشير أدريان بول الى ان عدد المؤلفين الذين اختارهم - 27- اكبر بكثير من "الحفنة" التي اعترف بها ليفس في (التقليد العظيم / الصادر عام 1948)، وبالإضافة الى تلك الشخصيات التي أعلن ليفس بثقة أنهم الروائيون الانكليز البارزون – أوستن وإليوت وجيمس وكونراد مع إشارات خاصة الى ديكنز ولورنس – فـإن بول طلب من شتى الأكاديميين ان يكتبوا مقالات عن شخصيات أخرى كثيرة بمن فيهم ستيرن وبرني وثاكيري وشارلوت برونتي وستيفنسن – وكلهم إستهجنهم ليفس. بدأت الرواية الانكليزية في القرن الثامن عشر، ويذكـَّـرنا بيتر سابر بأن عمل ريتشاردسون المعنون كلاريسا كان عملاً ناجحاً بوجود جونسون وصائغي الذوق الأدبي المعاصرين الآخرين وقال برني "كان لديه [الذوق الأدبي] أعمق القوى المأساوية التي يمكن للقلم ان يوجهها الى القلب"، وبلا ريب انه عمل لافت للنظر تكون شخصيتاه الرئيستان، كلاريسا ولافـلــَــيس، خلائق تنبض بالحياة بشكل استثنائي، كما أنه – كما لا يقولها سابر - يكون غير صالح للقراءة تقريباً هذه الايام، وهي ليست أطول رواية باللغة الانكليزية وحسب (1500 صفحة من الطباعة المتراصة) بل ان النمط المكتوب بشكل سلسلة رسائل يجعل من العسير التجوال، وهنا يبدو حكم ليفس بأن "لا نفع من التظاهر بأن بالإمكان جعل ريتشاردسون يوماً كلاسيكياً " (يبدو) انه ليس نخبوياً بشكل ضيق ولكنه حكم يـُـدخـِـل في حسبانه الصحيح القارئ العادي، وبنفس الطريقة تقتبس مقالة صحيفة ميفلين نيوز عن ستيرن (تقتبس) النبذ القاسي من ليفس لرواية تريستارم شاندي بأنها "عبث لا مبالي (ومقرف)"، وهذا أمر مفرط ولكن، مرة أخرى، يمكنك ان تفهم وجهة نظره. وجين أوستن، أول عظماء ليفس لديها وضع لكونها الروائية الانكليزية الاولى التي تكتب بالشكل المألوف لدينا اليوم، فقد دمجت أوستن بين الالتباس الاخلاقي والرنين العاطفي في ريتشاردسون مع الصوت القصصي البارع الجازم لفيلدنغ، وما هو مثير كذلك، كما تجادل جوسلين هاريس، ان أوستن كانت في مطالعاتها أوسع مما يوصي به ليفس، فقد عشقت كاتبين هما ماريا إدغورث وتوبياس سموليت اللذين لا يصنعا حتى أسلوب بول، والمزيد من الكتــّـاب من المفترض انهم اقل من ذلك ينتفعون هنا من الثقل الكامل لمـُـدافـِـع أكاديمي، ويخلق نيكولاس ديمس قضية متحمسة لاجل ثاكيري حيث تولي (بريجيد لو) اهتماماً لكتابة اليزابيث غاسكل أشد من الاهتمام المعتاد ويدافع أدريان بول دفاعاً ثابت العزم عن ستيفنسن. ويتم التعامل مع الاسماء الكبيرة عندما يكون لدى الناقد خط متميز في المحاججة، ويكتب روبرت دوغلاس – فيرهرست كتابة جميلة عن "قدرة ديكنز على فتننا كل يوم" وتعالج ماود إيلمان [الأمر] بالاستمتاع بالطعام وتناوله في جويس، والفاشلون يكونون عادة ً ذوي إحساس ضئيل باللغة او يقيدون حرية مؤلفيهم بالتقوى، ويئز ميشيل هين طوال سيرة حياة جيمس المهنية كما لو أن رواية (ذا غولدن باول- الوعاء الذهبي) قد كــُـتــِـبت بنفس اسلوب رواية (واشنطن سكوير – ميدان واشنطن) وتـُــنقــِـص باتسي ستونمان من الغرابة الهمجية لرواية جين اير للكاتبة شارلوت برونتي لتوصلها الى درس في المساواة بين الجنسين. وعندما نأتي الى القرن العشرين يحاول اختيار بول أن يدعي الدافع لمؤلفيه المفضلين قبل انفضاض الغبار النقدي، وقطعة (بهارات تاندون) الأدبية المـُـجادَلة باحكام عن هنري غرين مقنـِـعة. اما أنتوني لين عن (واو) فـإنه نظير ملهــَـم، ويصف روبرت ماكفرلين بذكاء رواية (لورد اوف ذا فلايز – سيد الذباب) لغولدنغ بأنها "خرافة باطلة" والتي تبدو انها تثمر تراسلات بسيطة بين الرمز والمعنى (المحارة: الديمقراطية) بل انها تضم ايضاً ألغازاً يتعذر تبسيطها (الوحش والطيار الميت) مما يضفي على الكتاب قوته الخاصة. تلك القوة الخاصة، مهما كان شكلها، هي ما نثمنه في الأدب القصصي، وقد اعتقد ليفس بأنها كانت "قدرة حيوية لاجل التجربة، بل نوع من الانفتاح الموقر أمام الحياة وتركــُّــز معنوي ملحوظ"، وقد نكش خصومه بـإبرة في مصطلح "الحياة" بحثاً عن غموضه، بيد انه هناك "قدرة حيوية" في تشكيلة المؤلفين الذين تتم تغطيتهم هنا، ففي رواية (آور موتشوال فريند – صديقنا المشترَك) لديكنز (والتي نقحها بول واعتقد ليفس أنها دون مستوى رواية (هارد تايمز – الأوقات العصيبة) ثمة مرحلة تعرض لمحة عن الفضول البشري تــُـلهــِـم كلاً من كتـّـاب الرواية وقرّائها. ويشاهد مجموعة من المتفرجين بافتتان فيما يعود الى الوعي الوغد روغ رايدرهود من الغرق الوشيك:"لي
رفيق للروائيين الانكليز
نشر في: 15 أغسطس, 2011: 06:14 م