TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > العمود الثـامـن: ظهور الشلاه واختفاء الفتلاوي

العمود الثـامـن: ظهور الشلاه واختفاء الفتلاوي

نشر في: 15 أغسطس, 2011: 10:24 م

علـي حسـينكنت أتساءل؛ أين اختفى النائب علي الشلاه صاحب الطبخة الشهيرة والمسماة "قانون حقوق الصحفيين" منذ ذلك اليوم، وقد مر أسبوع بالتمام والكمال والجماهير تستدعي هذه الصورة الخالدة، وتبدي دهشتها من تواري الشلاه عن الأنظار، وبالأمس عاد السيد الشلاه للظهور، لكنه بدا هذه المرة متجهما ومتحدثا بخشونة عبر مؤتمر صحفي عقده في البرلمان تعليقا على تصاعد حدة الغضب الشعبي ضد الطريقة التي تدار بها عقود الكهرباء،
واختيار الشلاه لإلقاء هذا البيان الغاضب، في حد ذاته، يحمل أكثر من إشارة ورسالة، فإذا كان الوجه الذي انحفرت ملامحه في ذاكرة الناس باعتباره الأقرب إلى السيد رئيس الوزراء يتحدث بهذه النبرة الغاضبة التي يشم منها رائحة سخرية من الضجة التي أثيرت حول عقود الكهرباء الوهمية، فإن على من يهمه الأمر أن يعي ويستوعب رد السيد المالكي على التحركات والمطالب المتصاعدة في كشف ملفات الفساد  كهذا، هذا على مستوى الشكل، أما في الموضوع فإن أخطر ما ورد في بيان الشلاه تلك العبارة التي قال فيها: "البعض يستعمل وثائق غير دقيقة بشأن هذا الموضوع"، مشددا على أن "الشهرستاني ورئيس الوزراء نوري المالكي اعترضا على العقد، داعيا إلى "إبعاد محاربة الفساد عن الخلافات".ولو وضعت هذه العبارة بجوار ما تشتغل عليه منظومة المقربين من المالكي، من أمثال الشابندر الذي أفتى بان عرض ملفات فساد وزارة الكهرباء هي فساد بحد ذاته لأن الطريقة التي تم الحصول بها على هذه الملفات حسب قوله تثير الشك، فيما كان مقرب آخر هو حسن السنيد يبث البشرى للناس من أن رئيس الوزراء وجّه بإقالة وزير الكهرباء بسبب تورطه في صفقة العقود الوهمية. ولم تمض ساعات على تصريح السنيد حتى خرج علينا مقرب آخر ليقول أن وزير الكهرباء معروف بـ"نزاهته" ولا يتحمل مسؤولية عقود الكهرباء مع الشركتين الكندية والألمانية.  فيما بيان لرئاسة الوزراء أكد عدم وجود إثباتات تؤكد ضلوع الوزير شخصياً بقضايا فساد تستدعي اتخاذ إجراءات ضده، فيما غابت عن الصورة الزعيمة حنان الفتلاوي التي كانت قد توعدت الوزير بالويل والبثور وعظائم الأمور، وأنها ستقتص من الوزير حتى لو سامحته الحكومة. لو جمعنا كل هذه التصريحات فسنكتشف أننا بصدد لعبة خطرة تقوم على الوقيعة بين الكتلة الصامتة من الشعب من جانب، وبين كل من تسول له نفسه بكشف ملفات الفساد من جانب آخر، وربما تتجاوز ذلك إلى التحريض على المطالبين بكشف ملفات الفساد وتصويرهم وكأنهم مجموعة من المشاغبين الذين يهددون مصالح الوطن العليالقد أدهشني في معظم برامج "التوك شو" التي قررت جمعية المقربين من المالكي أن يقدموها للناس، ذلك الاصرار على تسفيه ومحاربة أية دعوة جادة لكشف ملفات الفساد.  وثائق العقود الوهمية تكشف لنا بالدليل القاطع الكم المهول من الأموال المنهوبة، الكم الكبير من التسيب، و من إهدار المال العام، و من فساد الذمم، والاهم من بيع المواقف و التلون والتسابق في خدمة رئيس الوزراء. ولا ادري بأي حجة يقول الشابندر إن الشهرستاني بريء من العقود الوهمية براءة الذئب من دم يوسف وبأي رؤية ادعى الشلاه أن المحاضر الرسمية لاجتماعات لجنة الطاقة الوزارية تؤكد اعتراض نائب رئيس الوزراء حسين الشهرستاني على عقدي الشركتين الكندية والألمانية. هل يريد السادة المقربون استمرار هذا الفساد والإهدار؟ أم كانوا غير مدركين للكارثة التي كانت تحيط بنا؟ بأي منطق كان يطلب منا السادة المقربون أن ننظر إلى الجزء المملوء من الكوب؟ وبأي علم استندوا إليه وهم يقولون إن المالكي قد اعترض على العقد، وان الأمانة العامة لمجلس الوزراء كانت قد أبلغت بعدم التعاقد مع هذه الشركات . يريدنا السادة المقربون أن نلجأ لرئيس الوزراء في كل شيء، فهو صمام الأمان الذي سينقذ الشعب من براثن البعض، يريدون منا أن نقدم لرئيس الوزراء رقابنا وأعناقنا، ونحن مطمئنون، لأنه ليس شخصا عاديا حتى نتوجس منه، ونعطيه أيضا كل شيء في العراق حتى لو أراد الديكتاتورية، لأنه ديكتاتور عادل... كما أنه الديمقراطي الأول في العراق ويجب أن نعطيه تفويضا مطلقا وليس لعدد محدود من السنوات. هؤلاء هم نافخو الكير الذين يضيعون البلاد والعباد من أجل خدمة مصالحهم الشخصية. بعد تصريحات الشلاه لم يبق أمام العراقيين سوى أن يرفعوا أيديهم إلى السماء وهم يرددون.اللهم إنا نشكو إليك جهلنا وغفلتنا وقلة حيلتنا، اللهم ارزقنا من يذود عنا، ويرد لنا حقوقنا.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram