TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > السطور الأخيرة: ألوان من البطر

السطور الأخيرة: ألوان من البطر

نشر في: 17 أغسطس, 2011: 08:57 م

  سلام خياط* مدت الزوجة الثانية –حديثة النعمة– يدها لأمها متباهية: أنظري هذا الخاتم الماسي الذي أهدانيه أبو الأولاد، يقول إن ثمنه لا يقل عن (......) دولار. مطت الأمم شفتيها استهانة، وردت مستنكرة: محبس؟؟ هه! لماذا تبخسين قدرك هكذا؟ أنت تساوين ثقلك ماسا (ألماس).
* أرملة قضى زوجها نحبه إثر عملية إرهابية، وخلف لها خمسة يتامى، كتمت أمر عملها الجديد –كخبازة–.  شكت لقريبها –حديث النعمة– الذي يزورهم لماما ويتصدق عليهم بالفتات: والله يا أبا فلان، لم أضع قدرا على النار، ولم أوقد التنور منذ أسبوع، الوقوف في محطة توزيع الغاز يرهقني والطابور طويل طويل، وموزع الغاز المتجول لم يمر في الحارة منذ أمد. رفع قريبها كفه المرصع بالخواتم، وتحشرجت نبرته: والله أمرك عجيب يا أم فلان، لماذا تتعبين نفسك وتخبزين، والخباز على الناصية والخبز ميسور، أعرفك منذ صغرك متعبة و غاوية مشاكل.!* قالت الزوجة لزوجها تعاتبه: بالله عليك، كف عن شراء هذا الطعام المعلب المنتهية صلاحيته، ألا تخاف على الأولاد يتسممون؟ أجابها الزوج مغلوبا: تقولين يتسممون؟ ماذا لو تسمموا من الماء الملوث، ماذا لو ماتوا من الجوع؟!، من المرض، من الحر، ليشبعوا الليلة، فغدا له حساب آخر!! * أصغت الصبية البريطانية لأحاديث أمها مع جارتها العراقية، وهي تتحدث عمن يسبحون بعرقهم حيث درجات الحرارة في العراق تتجاوز الخمسين درجة.. هتفت منفعلة: لماذا لا يذهبون للبلاجات والشواطئ أو حمامات السباحة؟؟ أضافت أمها: كم أحسدهم! إنهم يتعرقون تلقائيا، أما نحن فنلجأ لحمامات السونا، أو الركض أميالا لنزخ قطرات قليلة من العرق! * انتظمت الأسرة حول صينية العشاء (طاسة  للدبس، وأصغر منها للراشي) الأب عاطل، والأم مريضة، والأولاد خمسة، سلمت الأم كل فرد رغيفا من الخبز مع تمتمة خافتة (باسم الله).. ما أن بادروا بتناول اللقمة الأولى، حتى حدج الأب ابنه الأوسط بنظرة عتاب، بعد لحظة، لكزه في كتفه، بعد دقيقة لكزه في خاصرته، وهنا صاح الابن نافذ الصبر محتجا: بابا! ما بك بابا، ماذا فعلت لتغمز لي وتلكزني؟  أجاب الأب حانقا: يا ابن الكلب، أما ترى إنك تغمس قطعة الخبز بصحن الدبس مرتين، ومن الجهتين؟ أما ترى إنك تستحوذ على لطعة زائدة على حساب إخوتك؟ * أقسم بالله ثلاثا، إن لدي من هذه الحكايا ما يملأ معجما ضخما، مما يدمي القلب ويوخز الضمير، ليس لي منها سوى صدقها وأمانة روايتها، أسفحها على الورق، ليقرأ من يقرأ ويبادر من يبادر بحل سريع، لعل الذين لا تقشعر أبدانهم من خشية الله، تقشعر جلودهم خشية الجموع اللآئبة، الذين وعدوا بالانتشال من جب الجبروت الكبير، لتتلاقفهم فخاخ صغار الجبابرة.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram