متابعة/ المدى حثت أطراف سياسية عراقية وكويتية على اللجوء للطرق الدبلوماسية وتهدئة الأوضاع لإنهاء أزمة ميناء مبارك الكبير الكويتي والابتعاد عن التصريحات المتشنجة التي تعقد الأزمة بشكل اكبر. ومعروف أن ميناء مبارك هو قيد الإنشاء ويقع في شرق جزيرة بوبيان الواقعة شمال الكويت، ويمر إنشاء الميناء بأربع مراحل تنجز المرحلة الأولى في عام 2015 بـ 4 أرصفة مع وجود مخطط هيكلي مستقبلي يصل إلى ستين رصيف ليكون واحداً من أكبر الموانئ في الخليج العربي، لكن إنشائه أثار استياء شعبينا ورسميا لدى بعض الجهات العراقية التي يرى بأن الميناء سيقطع الشريان البحري الرئيسي الذي يمتلكه.
وطالبت رئاسة إقليم كردستان كل من العراق والكويت تجنب خلق أزمة على خلفية إنشاء الميناء محذرة من أن نشوب أية أزمة ستلحق الضرر بالطرفين في وقت يجري فيه وفد عراقي في الكويت مباحثات للاطلاع على تفاصيل بناء الميناء. ونقل بيان عن ناطق باسم رئاسة الإقليم دون ذكر اسمه قوله "منذ فترة بدأت تظهر بوادر أزمة بين العراق والكويت، بسبب بناء ميناء جديد"، وتابع "نحن نرى أنه يتوجب على العراق والكويت، ألا يسمحا بخلق أية أزمة بينهما، والتي لن تكون في صالح أي من الطرفين". وأشار إلى أن "الحوار هو السبيل الوحيد لحل أية مشكلة. يأتي ذلك في وقت قال فيه مسؤول في وزارة الخارجية الكويتية إن اجتماعا موسعا عقد قبل يومين بين الجانبين "العراقي والكويتي" على هامش الزيارة التي يقوم بها للكويت وفد فني عراقي لبحث مشروع ميناء "مبارك الكبير". ونقلت مصادر إعلامية عن المسؤول الذي فضل عدم ذكر اسمه قوله إن الجانب الكويتي "قام بعرض الدراسات المتعلقة بمشروع ميناء مبارك من حيث الموقع وتدارس مدى تأثيره على حركة الملاحة في القناة المائية لخور عبد الله وكذلك ما يتصل بالنواحي البيئية المرافقة للمشروع"، مشيرا إلى أن أعضاء الوفد الفني العراقي قاموا "بزيارة ميدانية إلى موقع الميناء كما سيعقدون لقاءات مع المنظمة الإقليمية لحماية البيئة البحرية وبعض الجهات الفنية ذات العلاقة بالمشروع.إلى ذلك كشف أحد أعضاء الوفد العراقي الزائر للكويت أن "اللقاء الأول مع الجانب الكويتي بخصوص ميناء مبارك كان لقاء طيبا ومثمرا لدرجة كبيرة وتم التفاهم على العديد من النقاط الجوهرية والتي أهمها إلغاء المرحلة الرابعة من المشروع والتي كانت هي بؤرة المشكلة على اعتبار أن هذه المرحلة ستبنى داخل مياه خور عبد الله والذي كانت ستعيق الملاحة"، مضيفا أن "الجانب الكويتي أكد لنا إلغاءها والاكتفاء بالمراحل الثلاث فقط، بعد أن عرضوا علينا كل المراحل من خلال الوثائق". وأوضح عضو الوفد العراقي الذي رفض ذكر اسمه، أن "الجانب العراقي ليس معترضا على بناء الكويت لأي منشأة على أرضها، ولكن تحفظنا على المرحلة الرابعة التي تهدد سير الملاحة للعراق في هذا الوقت الذي تكثر المشاريع في كل أنحاء العراق لإعادة إعماره بعد سنوات من الدمار"، لافتا إلى أن "الأضرار البيئية كان حاضرة وبقوة والتي تعهد الجانب الكويتي بالعمل على حماية البيئة والحفاظ عليها وصيانتها من التلوث الذي ستسببه السفن من رمي المخلفات الكيميائية وغيرها".وفي معرض الحديث عن المنافع الاقتصادية التي ستعود على البلدين في حال إنشاء الميناء ذكر النائب الإسلامي الكويتي وليد الطباطائي أن الميناء يخدم العراق أكثر من الكويت لأنه يعمق الممرات المائية نحو عشرة أميال إلى ميناء الفاو. ودعا الطباطائي الحكومة الكويتية إلى نقل الميناء لجنوب جزيرة بوبيان أو أي مكان آخر لكي يقطع دابر المشكلة التي حصلت بين الطرفين، مشيرا إلى أن ميناء مبارك الذي وصلت مرحلة بناءه إلى نسبة (30%) بالإمكان استخدامه في أعمال أخرى. وشهدت العلاقات بين العراق والكويت بعد عام 2003، تحسناً ملموساً في السنوات القليلة الماضية إذ بدا كأنها تتجاوز تداعيات الاجتياح العراقي أيام نظام صدام حسين عام 1990. وما زال على العراق الاعتراف رسمياً بحدود الكويت البرية والبحرية. لكن بغداد تحتج على ترسيم الحدود الذي أجراه مجلس الأمن عام 1993 بموجب القرار 883. وفي تقدير المختصين أن هناك ثلاثة سيناريوهات للخروج من هذه الأزمة، الأول يتمركز حول استمرار الكويت في بناء ميناء مبارك كون الميناء مبنيا على أرض سيادية كويتية مدعومة بقرار من مجلس الأمن، وتستند الكويت قانونيا إلى حقها السيادي بهذا المشروع، والتخوفات العراقية إذا تمت إزالتها من خلال زيارة الوفد العراقي للكويت في الأيام المقبلة وتم شرح كل الأبعاد الفنية للمشروع وحين تأكد العراق من خلو المشروع من أي أضرار على الملاحة العراقية، بالتالي لابد أن يغلق ملف هذه الأزمة، وتكمل الكويت ما بدأته من مراحل هذا المشروع، والانتقال من ملف أزمة إلى ملف تعاون شامل يخدم البلدين لما فيه من مصالح اقتصادية تخدم المنطقة جميعها. والثاني هو إلغاء أو تأجيل ميناء مبارك، ويعارض عدد كبير من الكويتيين هذا السيناريو حيث يرون أن عملية إلغاء مشروع الميناء لها من الأضرار السيادية في المقام الأول، ومن الأضرار الاقتصادية في المقام الثاني، مع استبعاد عملية إيقاف المشروع إذ انه ليس ضمن السيناريوهات المقبولة في الكويت لا على المستوى الرسمي ولا على المستوى الشعبي. أما السيناريو الثالث والمتمثل في تغيير موقع ميناء مبارك الكبير، فهو سيناريو قد يطالب به العراق كمخرج حين لا يقتنع بالتأكيد الكويتي الرسمي لسلامة الملاحة
أزمة ميناء مبارك: مساعٍ حثيثة مشتركة لإنهائها

نشر في: 17 أغسطس, 2011: 09:12 م









