باسم عبد الحميد حمودي يعتقد الكثير من محبي الأغاني الشعبية أن أغاني ورقصة (الهيوة) الشهيرة وجدتا (فنيا) من أجل التسلية وقضاء وقت ممتع لدى مؤديهما وهم من السود بوجه عام . تاريخيا فأن رقصة الهيوة والأغاني التابعة لها تعدان من مظاهر التدين والرقص الصوفي، تماما مثل رقص الدراويش والمتصوفة،ويرجح الباحثون في حقل الفولكلور أن وجود (المكايد) في البصرة هو وجود ديني حيث يؤدي الرجال فيه رقصة الهيوة بوجد وتوق يستشرفان القدرة العلوية مع الأغاني الخاصة بذلك والتي تبدأ باسم الله.
يقول الأستاذ عباس بغدادي في كتابه (بغداد كما عرفتها) إن بقايا المسلمين الآتين من كينيا (منطقة ممباسا العاصمة وما جاورها) والذين سكنوا منطقة الجوبة في رصافة بغداد يرفعون أعلامهم كل خميس وسط شعبان وأواسط رمضان وهم يضربون دفوفهم بطريقتهم الخاصة ويؤدون رقصهم التعبيري وأغانيهم التي تبدأ بعبارة (لا اله الاّ الله ... يا رب توبة) وهي عبارة تعبّر عن طلب الغفران ليبدأ ضرب (الطار) من جديد وأداء ما تبقى من عرض يستحوذ على اهتمام الحضور الذين تجمعوا في ساحة الجوبة . ويذكر عبد الكريم محمد علي أن سكان محلة الإسماعيلية في سوق الشيوخ (وهم من ذوي السحنة السمراء) يقيمون احتفالات الهيوة حيث يقيمونها في احد البيوت ويبدأونها وهم جلوس يتمايلون على دقات الطبول ثم تتصاعد لديهم الحركات مع شدة العزف وهم يرددون كلمات عربية وافريقية مختلطة حتى إذا أشتد اندماجهم بالحركة (شاخوا) واهتزت أجسامهم وهم يعيشون حالة من النشوة الروحية.يقول د.عدنان الظاهر في ذكرياته عن مدينة (الحلة) إن السود في المدينة كانوا يقيمون احتفالاتهم في منطقة الجوبة ويقدمون الهيوة ويحضر الناس تلك الاحتفالات . من ذلك يتبين أن رقصة الهيوة تبدو رقصة دينية يقدمها رجال قدموا من أفريقيا منذ مئات السنين وهم يبتهلون ويرددون أدعية الاسترحام وتجلت فعاليات هؤلاء في رمضان وأيام الأعياد ولكن بعض من يقدمها حوّلها الى رقصة فنية عامة وإنشاد عادي دون أن تتحول المقدمات عن سياقها الديني.
الهيوة في رمضان: لا اله إلاّ الله ... يا رب توبة
نشر في: 19 أغسطس, 2011: 09:14 م