بغداد /المدى عقد المجلس العراقي للسلم والتضامن ندوة حوارية تحت عنوان (الدولة المدنية وسلطة العشيرة) ، شارك فيها عدد من المثقفين والمهتمين بهذا الموضوع الحساس . وناقش المشاركون ابرز ما يمر به المجتمع من مشاكل، خاصة ما يتعلق بتداخل سلطة العشيرة وأعرافها وقوانينها مع السلطة الشرعية للدولة.
وخرجت الندوة بجملة توصيات بهدف ترسيخ قيم المواطنة والقانون حيث اكدت على الجانب الاقتصادي والتنمية والإعمار، وإتاحة الفرصة للمستثمرين لتنفيذ المشاريع التي يتعاقدون عليها في الريف والمدينة دون معارضة لكي يساهموا في امتصاص البطالة وتنمية المناطق الريفية والحضرية، وتفعيل التأمين الإلزامي على الحياة والممتلكات وأن يكون التعويض ملائماً ليتسنى للمتضررين اللجوء إلى مؤسسات التأمين، بدلاً من البحث عن الحلول العشائرية.ودعا المشركون الى تدارس إمكانية إصدار تشريع يمنع حل المنازعات والمشاكل بين الأفراد أو خارج إطار القانون الوضعي النافذ ، وإدخال مفهوم المواطنة والتعايش السلمي في ظل القانون في المناهج التربوية ومنع ترويج المفاهيم العشائرية في المؤسسات التربوية. واقترحت الندوة إيجاد ميثاق وطني يرسخ الانتماء الوطني وسمو القانون ومنع الاحتكام إلى العشيرة والعشائرية. ويؤكد رفعة وسمو مفاهيم حقوق الإنسان في مقابل حقوق العشيرة والطائفة والمذهب والإثنية, وتشجيع الدولة ومنظمات المجتمع المدني الفعاليات التي تؤدي إلى الاتصال بالجمهور وبث ثقافة المواطنة وسيادة القانون ومؤسسات الدولة . وعدم تثبيت القيم التي تؤدي إلى التمييز بين المواطنين على أسس لها علاقة بكونهم مواطنين متساوين. وأن تنسب الأفعال والسلوكيات الطيبة إلى القيم المترسخة في مجتمعنا وأبنائه وليس إلى اية قيم ذات صفة عشائرية. واستعرضت الندوة دور العشائر في المجتمع العراقي ومساهمتها الواضحة في ثورة العشرين الخالدة , وتداعيات فشل الثورة والتطورات التي حصلت بعد ثورة الرابع عشر من تموز ، حيث تمت مناقشة دور العشائر في ثورة العشرين المجيدة، ولاحظت الأثر الكبير لرجال الدين ورؤساء العشائر في الحشد الجماهيري الذي قاوم الاحتلال الإنكليزي. كما أسهمت العشائر في دعم وإسناد عوائل شهداء الثورة. واستنتج المشاركون انه بعد خسارة الثورة وتفوق المحتل، ونشوء المجتمع الملكي، كان دور (رؤساء العشائر) واضحا في إسناد الحكم الملكي ونواة نشوء الإقطاع. وما رافق هذا من مظالم تعرض لها الشعب العراقي. خصوصاً في الريف. كما شخصت الندوة اثر تدخل الدولة بعد ثورة 14 تموز 1958 المجيدة، في إضعاف دور العشيرة وإلغاء نظام دعاوى العشائر من خلال القضاء على الإقطاع وإقرار قوانين الإصلاح الزراعي .وخلصت الى انه وبعد سقوط النظام السياسي عام 2003 برزت مرة أخرى ظاهرة نفوذ العشيرة من خلال استقطاب العشائر من الأحزاب والكتل المتنفذة في البلاد مستفيدة من الوضع الأمني المرتبك، والوضع الاقتصادي المشوه. وقد استخدمت العشائرية في مرحلة من مراحل الاحتقان الطائفي في تثبيت السلطة، كما تجلى ذلك في المواسم الانتخابية.. وكان من ضمن اعتقاد الدولة بدور العشائر هو إنشاء وزارة للعشائر ومجالس للإسناد بدعوى تنظيم العلاقة بين السلطة والمجتمع. وحذرت من المشاكل التي تواجه المجتمع العراقي في حالة التغييب المقصود لسلطة القانون بناء على تمادي النزعة العشائرية وسلطة العشائر في التدخل بشؤون المجتمع وخارج مظلة القانون ، حيث يعاني الفرد من وطأة هذه السلطة، كما تعاني مؤسسات الدولة والعاملون فيها منها إلى الحد الذي يحول دون أدائهم لواجباتهم ومهامهم ولو بالحد الأدنى. فضلاً عما يواجهه من تقع لديه حادثة أو مشكلة من إجراءات وآليات معقدة ومبالغة في المطالبات المادية (الفصل) ذات صلة بالعشائر تحول دون إنفاذ القانون .
متخصصون يحذرون من مخاطر التغييب المتعمد لسلطة القانون
نشر في: 21 أغسطس, 2011: 10:09 م