اسم الكتاب: جنون من الدرجة الأولى المؤلف: ناصر غايمي ترجمة: عبد الخالق علي إن فرضية كتاب الدكتور ناصر عن القيادة و المرض العقلي هي فرضية بسيطة. انه يبدأ كتابه بالقول " هذا الكتاب يزعم انه في ظرف واحد مهم على الأقل يؤدي الجنون إلى نتائج جيدة بينما يكون العقل هو المشكلة". بكلمات أخرى " عندما تتأجج الاضطرابات في عالمنا يؤدي القادة المصابون بالخلل العقلي واجباتهم بشكل أفضل
"أو" عند عصف الأزمات، يمكن للعقل الكامل ان يحرفنا عن الطريق الصحيح بينما القليل من الجنون يمكن ان يوصلنا إلى بر الأمان ". يكتب السيد ناصر قائلا " أفضل قادة الأزمات هم أما مرضى عقليا او مصابون بالاضطراب العقلي، بينما أسوأ قادة الأزمات هم من الأصحاء عقليا". ويستخدم ونستون تشرتشل مثالا على النوع الأول، و يستشهد بأبراهام لنكولن كمثال لقائد مضطرب عقليا مما يجعله يشعر بآلام الآخرين. كما يناقش ناصر تأثير مرض اديسون في التغيير الخطير لفكر الرئيس جون كنيدي. يحاول كتاب " جنون من الدرجة الأولى " أن يثبت نقطة جدله. احيانا يستخدم الكاتب أسلوب الأحرف المائلة، و في أوقات أخرى يتبنى تجربة الكتب الدراسية من خلال لهجة متحذلقة، حيث يسأل مجازيا " ما الذي جعل تشرتشل يرى الحقيقة بينما لم ير تشامبرلن غير الوهم ؟ الفارق الرئيس هو أن تشامبرلن كان سليم العقل بينما تشرتشل لم يكن كذلك ". كذلك فان الدكتور ناصر، الذي يعمل مديرا لبرنامج اضطرابات النزعة في مركز تافتس الطبي في بوسطن، يفضل كبار السن و كتب الأحكام العامة فصيحة اللسان لكن من السهولة ان يتذكرها المرء. يقول " كان غاندي مكتئبا، و كان عامة الناس في الهند طبيعيين. ذلك التمايز قد يفسر كل شيء ". كما انه يبذل جهده ليثير الجدل، مثلما يقدم قرينا غير ممكن للرئيس جون كنيدي و هو ادولف هتلر. في تفصيله للجانب المكشوف من الفرضية يبدي ناصر تواضعا تجاه شخصياته البليدة مستبعدا ذلك الجزء من مذكرات توني بلير الذي يتعامل مع أحداث 11 أيلول حيث يقول " يحافظ توني بلير على عقلية منفتحة ". و يكتب عن الرئيس جورج دبليو بوش، الذي يحمل تفكيرا مصطنعا و غامضا أيضاً، " لم يكن صعود بوش سهلا إلا انه لم يكن صعبا في نفس الوقت ". لا يقصد ناصر أن يكون هذا إضافة الى علم التاريخ النفسي و إنما يراه شيئا أكثر حنكة. انه يغطي مجالا واسعا و يستخدم عصبة من مشاهير القادة متظاهرا بحميمية المعالج معهم جميعا. انه يرتبهم حسب الفترة الزمنية تقريبا. البحث في المصادر يعتبر مشكلة كبيرة في كتاب " جنون من الدرجة الأولى ". أحياناً يبحث الكاتب في السجلات النفسية، لكنه يعتمد أيضاً على مذكرات جين فوندا للحصول على معلومات عن التجاوزات الجنسية المهووسة للسيد تيد ترنر، و على مصادر ثانوية مثل " كنيدي و نيكسون " لكريس ماثيوس من اجل الحصول على أدلة طريفة. ملاحظات الكتاب يمكن ان تبعث على الجنون. عند مناقشة مرض اديسون الخطير لدى كنيدي، يشير ناصر الى فيلم قديم تتم فيه معالجة مصاب باستخدام الكورتيزون، كما هي الحال مع كنيدي، ثم يصبح مختلا عقليا و يرتكب جريمة قتل. انه يكشف سيرة كنيدي التي أخذت منها هذه القصة لكنه لا يكشف اسم الفيلم (الذي اعتقد أن اسمه " اكبر من الحياة"). ينتقل الكتاب من هدف كبير إلى هدف كبير اخر بسرعة غير متقنة. القسم الخاص بلنكولن يبين منهج الكتاب: البحث عن تاريخ المرض العقلي في العائلة، البحث عن محاولات الانتحار و ادلة أخرى عن اليأس، البحث عن حكايات الهوس أيضاً، ثم بعد ذلك استكشاف ملابسات العقاقير التي كانت تعطى للمصاب (بالنسبة إلى لنكولن فقد كان علاجه الاستحمام بالماء البارد و حبوب الزئبق). ثم، و اعتمادا على درجة الجنون، اما يستنتج بان الرجل يسمو فوق المعوقات ليصبح قائدا عظيما أو أن يصبح أنسانا اعتياديا ينخذل أمام تحديات الحياة. كل شخصيات الكتاب من الرجال. لا يتوصل ناصر إلى شيء جديد. كاد هذا الكتاب أن يكون قصيرا لو إن مؤلفه اسقط منه الحالات الغامضة. يقول بالرغم من أن ريتشارد نيكسون لم يكن طبيعيا بالكامل، فانه أيضاً لم يكن شاذا بدرجة كبيرة. كما انه يدور حول أشخاص لا يناسبون نظريته. أما بالنسبة الى هتلر و كنيدي، فان الكتاب جعل حالاتهم المرضية تبدو متشابهة ; فكلاهما كان يتعالج باستخدام أدوية كثيرة من أمراض بقيت مجهولة من قبل الناس، و كلاهما كان يحقن بمركبات الستيرويدز و المخدرات و الأملاح الحامضية، كلاهما أبدى تغييرات سلوكية كبيرة نتيجة استخدام تلك العقاقير.إلا أن كنيدي، في تقدير الكتاب، تصدى للتحديات التي واجهها. يكفي أن نقول بان الدكتور ناصر يعتقد بأنه توصل إلى استبصارات مهمة. ربما يكون ناصر – مثل بعض قادتنا المعروفين – غير واقعي في معتقداته. عن/ النيويورك تايمز
كشف العلاقة بين القيادة و المرض العقلي
نشر في: 22 أغسطس, 2011: 05:49 م