TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > شنــاشيــــل: "آكدنيز" .. وآخ بغداد!

شنــاشيــــل: "آكدنيز" .. وآخ بغداد!

نشر في: 24 أغسطس, 2011: 09:28 م

 عدنان حسيناسطنبول واحدة من أجمل المدن في العالم، بل هي مدينة ساحرة، لا يملّ السائح أو صاحب التجارة زيارتها المرة تلو الأخرى، ويظلّ زائرها يرغب دائماً بالعودة إليها من حين إلى آخر. يعيش في اسطنبول ويعمل نحو 15 مليون نسمة ما يجعلها أكبر مدينة أوروبية ومن أكبر مدن العالم. وعدا عن عناصر جمالها الطبيعية والتاريخية، فان تنظيم وتنظيف اسطنبول الضاجّة بالحركة والعمل والحياة على مدار النهار والليل، عنصر رئيس آخر ينضمّ إلى ما يحفظ للمدينة العريقة هذا الجمال ويرسّخ مشاعر الإعجاب بها والرغبة في زيارتها تكراراً.
خلف هذا التنظيم والتنظيف شركة محلية اسمها "آكدنيز" التي يطالعك اسمها في كل مكان.. لا تقطع مئة متر في شوارع المدينة وأزقتها وأسواقها إلا ويواجهك الاسم على حاويات الأزبال الثابتة والسيارة وعلى أسوار الحدائق وعند الحافات البحرية المطلة على بحر مرمرة ومضيق البسفور وفي الجوامع والمواقع الأثرية وعلى مداخل المطاعم والمقاهي والحانات والملاهي.الشركة هذه صاحبة همّة ولا شك، والمسؤولون عنها والعاملون فيها لديهم ولاء لمدينتهم ما يجعلهم مخلصين لهذه المدينة ولمهنتهم، لكن ما كان لهذا وحده أن يحفظ لاسطنبول فتنتها.. وهذه الفتنة ما كان لها ان تكون وتتواصل لو لم يكن الاسطنبولية أنفسهم (قاطنين ووافدين من عدة مدن وبلدان) بالدرجة نفسها من الولاء والإخلاص لمدينتهم.أمس قرأت في إحدى صحفنا المحلية إعلاناً من شركة (آكدنيز) يسعى لتعريف أهل بغداد بالخدمات التي تقدمها إليهم وإلى مدينتهم العريقة "وإظهار وجهها الحضاري والجمالي"، وقد حملت همّ الشركة عند قراءتي الإعلان، فمهمتها في عاصمتنا أصعب وأثقل بمئات المرات مما هي في عاصمة تركيا الاقتصادية والثقافية.في اسطنبول شعب متحضّر، ومن علامات تحضّره اكتراث كل فرد منه بنظافة مدينته وترتيبها وتنظيمها، فلا يرمي أزباله على قارعة الطرق، ولا يلقي بقنينة المشروب الفارغة أو عقب السيكارة وسط الشارع، ولا يبصق ولا يمخط على الأرض، ولا يبول على الجدران، ولا يكدّس على الرصيف مخلفات مبيعاته.. ولا .. ولا. لكن في بغداد يحدث على هذا الصعيد كل ما لا يحدث في اسطنبول وسواها من مدن العالم الكبيرة، والجميلة برغم كبرها وحيويتها.. بغداد الآن مزبلة وليست مدينة، وكان الله في عون "آكدنيز" عليها وعلى أهلها.الزميل عبد الخالق كيطان يُطلق هذه الأيام مشروعاً (بغداد الفتاة) يجعل العراق كله جنة إن تحقق نصفه، لكنني أخشى أن يغص الزميل ونحن، مؤيدوه، معه بهذه اللقمة الكبيرة.. أقترح عليه أن نبدأ بلقمة أصغر.. أن نعمل مع "آكدنيز" على نظافة بغداد وتنظيمها واستعادة تحضّرها.. ليس بوسعنا، بالطبع، أن نرفع الازبال أو نرتب الحدائق مثل "آكدنيز"، لكننا نحن الإعلاميين وعموم المثقفين يمكننا أن نقول لأهل بغداد وزوارها ولأهل سائر مدننا وزوارها عبر محطات الإذاعة والتلفزيون والصحف والمواقع الالكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي.. نقول لهم إن من العيب ومما لا يليق ببغداد وبسائر مدننا أن يرموا أزبالهم على قارعة الطرق، أو يلقوا بقناني المشروبات الفارغة وأعقاب السكائر وسط الشارع، أو أن يبصقوا أو يمخطوا على الارض، أو ان يبولوا على الجدران، أو ان يكدّسوا على الرصيف مخلفات مبيعاتهم.. أو .. أو، فكل ما يريده عبد الخالق كيطان ونحن معه لن يكون له طعم أو لون أو رائحة ما دام يجري وسط مزابل لا في مدن.adnan.h@almadapaper.net

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram