القاهرة: يوسف المحمداوي - تصوير: ماجد موجد(أنني لم أجمعكم حول هذه الأسمطة إلا لأعلمكم طريق البر بالناس، وأنا أعلم أنكم لستم بحاجة إلى ما أعده لكم من طعام وشراب، ولكني وجدتكم قد أغفلتم ما أحببت أن تفهموه من واجب البر عليكم في رمضان،
ولذلك فأنني أمركم أن تفتحوا بيوتكم وتمدوا موائدكم وتهيئوها بأحسن ما ترغبون لأنفسكم ليتذوقها الفقير المحروم..) هكذا خاطب الأمير بن طولون حاشيته من وزراء وتجار في منتصف القرن التاسع الميلادي، بعد أن دعاهم إلى مأدبة إفطار في الأول من رمضان فتفاجأ الوزراء والتجار بوجود أعداد كبيرة من الفقراء على نفس المائدة، ومن لحظتها تبارى التجار والوزراء على إقامة موائد الرحمن في ذلك الشهر الكريم لتستمر الظاهرة الرمضانية إلى يومنا هذا.. فكانت خطبته تلك بمثابة حجر الأساس لموائد الرحمن.rnفي مصر راقصات لهن موائد خاصةعلى طول الطريق المنطلق من الزمالك باتجاه مركز العاصمة ثم إلى حي السيدة زينب في مصر القديمة حيث ينتظرني صديقي الشاعر ماجد موجد، وأنا التفت يمينا ويسارا مذهولاً بهيبة وكثرة الموائد المنتشرة على الطريق، والسائق بكل تباهي يذكر لي.. أسماء أصحاب الموائد.. سواء كانت جمعيات إنسانية أو حكومية أو أسماء لفنانين وفنانات عكفوا على إقامة تلك الموائد. وذكر لي بأن أول من أقامها من الفنانين هو الممثل الراحل فريد شوقي الذي لم تنقطع مأدبته في حي العجوزة حتى بعد رحيله إذ عكفت زوجته سهير ترك وابنته رانيا على إقامة تلك المائدة إلى يومنا هذا.. وهناك راقصات وفنانات لهن موائد خاصة مثل الفنانة شيريهان التي تديم إقامة مائدتها منذ 15 عاما، وكذلك الراقصة فيفي عبده والراقصة دينا وغيرهم من الفنانين والفنانات.rnالأزهر يبارك تلك الموائدقلت للسائق.. ألم يعترض الأزهر على تلك الموائد؟ السائق الذي عرفت منه بأنه قبطي، ومع ذلك يحرص على مشاركة الفقراء بموائدهم تلك من خلال ما يقدمه من خدمة لهم سواء من خلال إيصالهم إلى بيوتهم بعد الإفطار أو المساعدة في إعداد طعام المائدة رد علي قائلا: اختلفت فتاوى الأزهر بين رافض لها أو مبارك القائمين عليها سواء كانوا فنانين أو فنانات.. مفتي مصر د. علي جمعة: أشار إلى عدم مقاطعة تلك الموائد التي يقيمها الفنانون وطالب الجميع بمحاسبة النفس والتأكد من نية الأعمال لمعرفة طريقها هل هو حلال أم حرام؟.. في حين ترى الدكتورة آمنة نصير أستاذة العقيدة بجامعة القاهرة علينا احترام الفنانين الذين يقيمون تلك الموائد، وليس مقاطعتهم .. لأننا لو حرمناهم من تلك الظاهرة فنحن ندعوهم الى إسراف المال بما يغضب الله عز وجل، أو من خلال إقامة سهرات وحفلات ماجنة.rnموائد من المفخخاتفاجأني السائق بسؤاله الذي جعلني أعود ذارعاً شوارع بغداد وخاصة مناطق الأطراف فيها، بالتأكيد أن موائد الرحمن في العراق أدسم وأكثر لما يمتلكه بلدكم من ثروات، ماذا أقول له؟ هل تكفيه دموعي إجابة، أم أصارحه بحقيقة ما يجري في بلدي وأقول له نعم لدينا موائد يومية يعكف على إقامتها أولياء الأمر في قيادة البلد.. موائد من الأزمات.. والخطابات السياسية موائد من ملفات الفساد.. موائد من الموت بكاتم الصوت او المفخخات، هناك يا أخي القبطي.. الساسة مشغولون في تجويع البلد وإدامة خلو خيام المهجرين من الفرش والطعام وابسط حقوق الإنسان كنا ننتظر من قادتنا الجدد أن لا يجعلونا نتذكر حكومة صدام في شهر رمضان التي  هي عبارة عن دجاجة لكل عائلة، لكنهم استطاعوا أن يدفعوا بالضحية صوب الحنين لسياط الجلاد بعد أن أدمنوا وباحتراف معصية الله ومخالفة تعاليمه بحق الإنسان.. الإنسان.rn1100 قدر من جميع أنواع الطعامتركت السائق هارباً بخيبتي اتجاه باب محطة المترو الذي ينتظرني فيه صديقي ماجد، فقطعنا الطريق  من محطة مترو السيدة زينب باتجاه مقامها، ونحن نشق الطريق تملأ العين خيام الغجر عفواً خيام الموائد التي أعدت قبالة المطاعم وفوق الأرصفة طلبت من ماجد أن نصورها، فقال لي يجب أن نستأذن من أصحاب تلك الموائد لأن بعضهم يعتبر ذلك بمثابة الرياء وبالفعل طلبنا منهم ذلك ولم يمانعوا بل ذكر لنا صاحب احدى الموائد وهو المحامي محمود إبراهيم أن اول من أقام  تلك الموائد هو الأمير أحمد بن طولون في السنة الرابعة لولايته وازدهرت تلك الموائد الخيرية في حقبة الدولة الفاطمية وخاصة في عهد الخليفة المعز لدين الله الفاطمي الذي أقامها لسكان المناطق المحيطة بجامع عمرو بن العاص وكان يخرج من قصره 1100 قدر من جميع أنواع الطعام لتوزع على الفقراء، وأضاف إبراهيم أن طول مائدة المعز كانت تبلغ 175م وبعرض أربعة أمتار. وكانت لا تسمى بموائد الرحمن وإنما تدعى باسم دار الفطرة كما واظب على إقامتها المماليك أثناء حكمهم.rn13,555 مائدة رحمن في مصرأحد العاملين في تلك الموائد وهو السيد محمد أحمد موظف في جامع الأزهر، قال لنا:إن التقرير الحكومي لمركز المعلومات التابع لمجلس الوزراء يشير إلى أن ثلاثة ملايين مصري يتردد على موائد الرحمن التي يصل عددها إلى 13,555 مائدة، وفقاً للتقرير المذكور أن 87% من الموائد تنظم من قبل أفراد بينما حصة المنظمات الخيرية تبلغ 13