اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > الملاحق > غاز الجنوب.. عودة إلى زمن الهيمنة الأجنبية

غاز الجنوب.. عودة إلى زمن الهيمنة الأجنبية

نشر في: 27 أغسطس, 2011: 06:50 م

 د. حيدر عبدالرزاق حسين* لم يكد يفيق الشعب العراقي من صدمة عقود الكهرباء الوهمية التي أطلت علينا في شهر رمضان المبارك وخلال أقسى فترات الصيف الحارق ،حتى فوجئنا بما تنوي وزارة النفط القيام به من توقيع لعقد طويل الأمد يمتد خمسة وعشرين عاماً مع شركتي شل الانكلوهولندية ومتسوبيشي اليابانية لمعالجة وتصدير الغاز المنتج من حقول الجنوب على الرغم من معارضة معظم خبراء النفط والغاز العراقيين
 الذين أكدوا بما لا يقبل الشك أن هذه الصفقة المريبة تحمل في طياتها من الكوارث والمصائب التي ستحل على بلادنا مالا يمكن السكوت عليه أو التغاضي عن كشفه للرأي العام العراقي. فهذا العقد وبصيغته المعدلة والتي تم التوقيع بالأحرف الأولى عليها يعتبر ببساطة انتكاسه هائلة وترجعنا إلى الخلف لعقود طويلة،عندما كانت شركات النفط العالمية هي المتحكمة في ثرواتنا النفطية ولم تترك لنا إلا الفتات. لا نبالغ عندما نقول أن هذا المشروع يعتبر مشروعاً استعماريا جديداً حيث أنه يسعى إلى فرض سيطرة الشركات الأجنبية على كافة مقدرات قطاع الغاز في العراق ولتوضيح هذا الأمر وبشكل مباشر ومبسط فإننا نشير إلى خمس نقاط هامة لابد من معرفتها لاستيعاب حجم الضرر الذي سيلحقه هذا المشروع بالعراق وبشعبه:اولا: ينص العقد في أكثر من مادة على تفرد شركة شل في اتخاذ القرارات الرئيسية بخصوص انتاج ومعالجة وتصدير الغاز في كافة انحاء العراق مما يجعل من هذا العقد عقداً احتكارياً يمنح الشريك الأجنبي اليد الطولى ويوفر له الغطاء القانوني لتحقيق كافة اهدافه دون مساءلة من أحد ، فمثلاً لا يستطيع أي طرف في العراق سواء كان شركة أجنبية أو وطنية أو مشتركة تصدير الغاز للخارج إذا لم تستكمل شركة شل وحسب رغبتها كافة عمليات التصدير التي تستهدفها من هذا المشروع.  وهكذا فإن الجميع بما في ذلك الجانب الحكومي صاحب الثروة سيقف في طابور طويل حتى "ترتوي" شل وحينها فقط سيتمكن الآخرون من التنافس على ما تبقى ، هذا إذا بقي شيء!!ثانيا: رغم ما تقوم به وزارة النفط وشركة شل كل على حدة بنفي أن العقد ينص على أولوية التصدير قبل تحقيق الاكتفاء المحلي فإن كافة المواد المتعلقة بالتصدير في العقد تشير وبصراحة ومن دون أية شروط على أولوية التصدير الذي ستتمتع بتحقيق أرباحه المهولة شركة شيل وتعطي الفتات للحكومة.   وهذا يحصل في بلد قام مؤخراً بتوقيع عقود مكلفة لاستيراد الغاز من إيران!!  ما هذه المفارقات العجيبة ؟ نبيع الغاز لشركة شيل بأبخس الأثمان لكي تصدره وتربح من ورائه عشرات المليارات بينما يقوم العراق باستيراد نفس نوعية الغاز من إيران وبالأسعار العالمية ثم يقوم بدعمه محلياً بمليارات الدولارات .ثالثا: ستقوم الحكومة بشراء ما تبقى من الغاز بعد تصدير ما ترغب شل في تصديره ، وبيعه في السوق المحلية بأسعار مدعومة!  وحسب دراسات الخبراء العراقيين فإن ما ينتجه العراق حالياً من غاز،إضافة الى كل كميات الغاز المنتج عند رفع مستوى انتاج النفط الى ذروته المتوقعة (6 مليون برميل يومياً) فإن الغاز المصاحب المنتج لن يكفي لإمداد محطات الكهرباء لوحدها التي يحتاجها العراق لتوفير الكهرباء للمواطنين ، ناهيكم عن احتياجات القطاعين الصناعي والزراعي من الغاز لكي ينهضا مجددا.رابعا: ينص العقد صراحة على أن يتشارك الجانبان, الحكومي وشركة شل  في الاستثمار وفي الأرباح  وهو ما يتعارض بشدة مع توجهات الحكومة  لتبني عقود خدمة مقابل أجر محدد عوضاً عن عقود الامتياز التي ترى فيها الدولة شكلاً من أشكال الاستعمار الجديد!!  وهذا لعمري تضارب عجيب لا احد يجرؤ على المجاهرة به سوى وزارة النفط. بل ان الحكومة العراقية لم تعط أحدا غير شركة شل امتياز الشراكة في صناعة النفط العراقية وهو ما يثير الريبة والشك في هذه الصفقة المشبوهة ، خاصة اذا ماعرفنا ان هذه الصيغة من الشراكة ستعطي الأفضلية الى شل في اتخاذ كافة القرارات التي ستعود عليها بمنافع غير مسبوقة بينما يتحمل العراق خسائر جسيمة بسبب الفروقات في الاسعار التي بموجبها سيباع الغاز الخام الى شل والأسعار العالمية التي ستبيع شيل بموجبها الغاز المعالج الى العراق لضخه الى المستهلك المحلي العراقي بعد تقديم دعم هائل بمليارات الدولارات من الميزانية الاتحادية  حتى تكون الاسعار في متناول المواطن العراقي.خامسا: لا تكتفي شل بما ينتجه العراق حاليا او ما سينتجه من الغاز مستقبلا ، بل انها تضع شروطا غاية في الغرابة تلزم الحكومة بإمداد شيل بكل الغاز المنتج من أية مكامن جديدة يتم استكشافها مستقبلا ، خاصة أن هناك العديد من المكامن التي يمكن ان يتواجد  فيها الغاز مما يعني أن شيل لن تتملك ما هو موجود من غاز فقط ، وإنما ستتملك كل ما لدى العراق من غاز مستقبلا .مما سبق يمكن الاستنتاج  أن هذا العقد سيمكن شيل من كل غاز الجنوب ويضع بيدها كل قرارات الانتاج والتصدير بما في ذلك قرارات التسعير بشكل انفرادي .مع كل هذا نقول ان الفرصة لازالت سانحة امام الحكومة العراقية لتدارك الامر من خلال عدم توقيع العقد لإنقاذ العراق من هذا الفخ القاتل.  نعم ، انقذوا العراق لكي تبقى ثرواته في يد ابنائه، بدلا من تصديرها للخارج لتنعم شل بأرب

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

اشتعال أزمة سوريا وتركيا.. ورومني يدعم تسليح المعارضة
الملاحق

اشتعال أزمة سوريا وتركيا.. ورومني يدعم تسليح المعارضة

  دمشق / BBCبعد أيام من سقوط القذائف السورية عبر الحدود إلى تركيا، ما يزال التوتر وأعمال القتل، تتصاعد على جانبي الحدود، في وقت أعلن فيه مقاتلو المعارضة قرب السيطرة على معسكر للجيش النظامي...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram