عالية طالبيتناقل العراقيون اليوم إشاعات كثيرة بعضها يقترب من الحقيقة وبعضها يبقى في مدار الشك حتى يتبين الخيط الأسود من الأبيض, وبعضها يمتزج مع أحلام اليقظة ليبشر بأوضاع طبيعية وشوارع نظيفة ومؤثثة وعامرة بالورود والألوان بدل الحواجز والتفتيش والطرق الضيقة التي تشبه عنق الزجاجة التي لا يفلت منها أحد إلا بعد قراءة كل ما حفظه من الكتب السماوية لتكون له عونا في اجتياز سريع يحمد الله انه لم يستغرق إلا ساعتين في الذهاب ومثلها للعودة في رحلة العمل التي يتشبث بها بأنيابه وهو يرى طوابير العاطلين تتباكى على ما يحفظ قوتها دون جدوى.
الإشاعات تقترب من "الكوميديا" الباكية وهي تقول أن التذمر من اسيجة الكونكريت العازلة التي تتسبب في تدمير وقت وأعصاب المواطن يوميا وهو يقف بسيارته في طوابير طويلة قبل ان يسمح له بالدخول إلى منطقة سكنه, هذا التذمر لا بد ان لا يستفحل تماما وان على المواطن ان يحمد ربه على نعمة تخلصه من السيارات المفخخة والعبوات اللاصقة والمزروعة والتي تتقلص بقدرة قادر بعد تسييج المنطقة بآلاف من قطع الكونكريت التي تبلغ كلفة الواحدة منها – 1500 $ فقط لا غير تذهب إلى جيوب من قدم رأس مال لا يتعدى بضعة عبوات زرعت بعناية لتحصد أرواح الناس ولتقنع خطة فرض "الإرباك" عفوا "القانون" بضرورة التسييج للتخلص من الإرهاب والإرهابيين والمجرمين والمتشددين ومناهضي الاحتلال والفساد والعاملين على إبقاء الأوضاع الأمنية متدهورة والذين يتم القضاء على كل أحلامهم المريضة بمجرد "التسييج" المخلص والمنقذ السماوي.هذه الإشاعة الفضية والتي ينتظر ان تصبح ذهبية وماسية قريبا ، لها ما يرفعها من مستوى الإشاعة إلى مستوى تبين الخيط الأسود من الخيط الأبيض, خاصة إذا ما عرفنا إن اغلب نقاط التفتيش والقائمين عليها يعرفون بقدرة القادر, الإرهابي من الإنسان البسيط بمجرد النظر إليه من وراء زجاج سيارته التي تقف لاهبة في الطوابير الكثيرة بانتظار إشارة من يد جندي لا يتجاوز عمره العشرين عاما منشغلا بالضحك والحديث في تلفونه المحمول وهو يشعر بالملوكية أمام رعية تنتظر الإشارة المخلصة. إما جهاز كشف روائح المواد الكيماوية والـ"تي إن تي" الذي يمرر على السيارات حسب مزاجية الحارس الهمام فان اشد ما يزعجه السيارات التي يكون بين ركابها النساء لأنهن يضعن عطورا تتداخل روائحها مع العطور التفجيرية وبما يسبب إرباكا للقائم بالتفتيش وللجهاز المتخلف الذي هو واحد من صفقات الفساد المتعددة.فما حقيقة الاسيجة الكونكريتية المقامة والتي ينتظر ان تقام قريبا لمناطق أخرى تشهد الآن العديد من التفجيرات المتواترة بالرغم من وجود نقاط التفتيش التي لا تبعد الواحدة عن الأخرى إلا بأمتارمحددة؟وما حقيقة الصفقات التجارية التي تنشغل بإشعال فتيل الأزمات الأمنية للوصول إلى ملء الجيوب بأثمان دماء الأبرياء؟وما التداخل الواضح بين خطة فرض القانون والإرباك المتحقق عنها وبسببها لكل المواطنين الذين لا يرون سببا لزرع نقاط تفتيش متقاربة في مناطق مسيجة ومقفلة مثل المرور السريع الذي يمر بمنطقة الدورة،وصولا إلى شارع – محمد القاسم – وجسر الجادرية والذي يتطلب وقتا لا يقل أحيانا عن ساعتين لقطع مسافة لا تزيد عن كيلومتر أو كيلومترين وهي مسيجة بقطع الكونكريت التي تمنع دخول السيارات ومفخخاتها وقنابلها وحمولاتها اللاانسانية والتي لا ندري كيف مرت على نظرات الحراس الخبيرة وأجهزتهم "المتطورة" التي يكفي ان تضع بقرب حمولاتها التفجيرية علبة طرشي محملة بالخل النافذ لتؤشر وتلمع فيطمئن القائم على الأمن أنها سيارة سليمة لتمر وفق خطة فرض الإرباك اللاحضاري واللاانساني الذي لا يرحم لا كبار السن ولا الأطفال والنساء والمرضى من هذه المنحة التي تدل على قوة واستحكام ومتانة الخطة الأمنية التي حققت أهدافها بكل نجاح لمقاولي العبوات والقنابل المستوردة تحت أنظار المسؤول عن الأمن والحدود والعباد.
وقفة: متـى تنتهـي خطـة فرض الإرباك؟
![](/wp-content/uploads/2024/01/bgdefualt.jpg)
نشر في: 27 أغسطس, 2011: 08:57 م