TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > كتابة على الحيطان: سلامات فرزات..حين يخاف الموت من الكاريكاتير

كتابة على الحيطان: سلامات فرزات..حين يخاف الموت من الكاريكاتير

نشر في: 27 أغسطس, 2011: 09:10 م

  عامر القيسيدائما تؤكد الحكومات العربية تحديدا خوفها وهلع أجهزتها الأمنية المدججة بكل أشكال الموت الذي ينبثق من حركاتها، ليس للراغبين بإلغائها، وإنما للشبهة على مثل هذه الرغبات. السلطة البعثية في سوريا لا تخاف فقط من شجعان الحارات والشباب المنتفضين على الجور والاستبداد وقمع الحريات من اجل كرامتهم الإنسانية، إنها تخاف أيضا من الكاريكاتير، هذا الفن النبيل الذي يعبر عن جوانية ابن الشارع تجاه أنظمة الموت بطريقة ساخرة، تحط من شخصية جنرالات الموت التي تستأسد على الجماهير العزلاء!
علي فرزات واحد من الفنانين الذي لم يحن رأسه لريح الدكتاتورية الهوجاء، ولم يعلن عن ثمن لخطوطه الساخرة المفعمة بكوميديا الحياة السوداء التي خلقتها أنظمة من طراز صدام والقذافي وعلي صالح وحسني مبارك وزين العابدين والأسد أبا وابنا، والقائمة تطول في منطقة تلتهب بالدكتاتوريات وانتفاضات الجماهير المهمشة!  خطوط فرزات كانت تسخر بقوة وجرأة من الذين يسخرون ويستخفون بحياة شعوبهم. فرزات لم يحمل السلاح تجاه شبيحة نظام الأسد، وهم النسخة البعثية السورية من فدائيي صدام، ولم يزاحمهم على كرسي أو منصب، بكل بساطة لقد كان هو كما ينبغي أن يكون، فنانا وكائنا حالما بعالم آخر لا وجود فيه لرسل الموت ومنظريه وناشريه في الأزقة والأرصفة والزنازين السرّية. نعم بكل بساطة كان سلاح فرزات قلما صغيرا يعبّر فيه عن تطلعات شعوب صادرت الأنظمة المستبدة منها كل شيء ولم تترك لها من خيار آخر غير خيار الإجابة على السؤال الأبدي "الحرية أو الموت"!. وهذا اخطر الأسلحة وأكثرها رعبا لمثل هذه الأنظمة. أخافتهم رسومه الكاريكاتيرية، فاختطفوه وهم مرتعبون، لأنهم بكل وضوح لم يعلنوا عن شخصيتهم خشية من الفضيحة التي لا تسترها بيانات النكران. "ملثمون" من هم الملثمون إن لم يكونوا ملثمي السلطة الذين يمتلكون القدرة على الاختطاف والإخفاء وتكسير الأصابع التي أرعبتهم، من هم الملثمون الذين يستطيعون أن يفلتوا من 16 جهازا للأمن ترعى راحة الأسد وعائلته وبعثا هو الجهاز السابع عشر؟! لكنهم لغبائهم لم يدركوا، شأنهم شأن بقية الأنظمة العفنة المتسترة بالأكاذيب والبيانات الجوفاء، إن قدرتهم تتوقف عند حدود تكسير أصابع فرزات وإنهم أعجز من أن يكسروا إرادة فنان حقيقي اختار طريق الشعب وخياراته وتطلعه للمستقبل الكريم. حين اختاروا فرزات، فقد اختاروا الكشف الأكثر سطوعا لفضيحتهم المدوية في قتل كل عناصر الحياة القادرة على أن تخلق الحلم والأمان واستعادة الحرية المفقودة. استطاعوا أن يكسروا أصابعه النحيلة المباركة النبيلة العاشقة للحرية والانعتاق من جسد الموت اليومي، لكنهم لن يستطيعوا أن يلغوا وجود أصابعه وأفكاره إلا بإلغائه من الحياة، والمشكلة عندهم في هذه القضية إن رحيل المبدعين لن يوقف امتداد أفكارهم وأحلامهم على مساحة الوطن كلّه، أي وطن كان! الناس العاشقة للحرية في سوريا الضاجّة بها شوارع الوطن المبتلى بالبعث والعبث، لن ينسوا أبدا ونحن معهم كاريكاتير فرزات ممسكا برأس الأسد ومن خلفه الجماهير ليجبره على أن يقرأ يافطة كبيرة في أعلى المشهد "مبنحبك يا بشار"! سلامات علي فرزات وليذهب الطغاة إلى قاع الجحيم إن وجد لهم مكان!!   

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram