TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > الثورات العربية الجديدة والديمقراطية

الثورات العربية الجديدة والديمقراطية

نشر في: 3 سبتمبر, 2011: 05:31 م

أوس عزالدين عباسيبدو مصطلح ((الديمقراطية)) اليوم واحدا من أبرز وأكثر المصطلحات استخداما في إعلامنا العربي, وخاصة بعد التطورات التي مرت وتمر بها الآن منطقتنا العربية, والتي كشفت عن عدد من التغيرات والتحولات الكبيرة في الساحة السياسية, والتي من بينها تولد مجموعات جديدة من الأحزاب السياسية الليبرالية, وتحول منظمات وقوى سياسية منظمة, أغلبها ينتمي للتيارات الإسلامية, لم تحظ سابقا بحرية إقامة كيانات سياسية شرعية, إلى أحزاب سياسية بالمعنى المتعارف عليه في المجتمعات المدنية,
كما حدث في مصر وتونس وليبيا, وسواهما, وهو مايبدو ظاهرة جديدة تعبر عن تحول ثقافي كبير في مفاهيم الديمقراطية الحديثة, والتي تبدو في ظاهرها عملا سياسيا, ولكن في جوهرها صياغة جديدة لمفاهيم الدولة المدنية وحوار بين قوى المجتمع المختلفة حول الأسس الجديدة لشكل الحكم الديمقراطي المبتغى في المرحلة المقبلة, فكيف يمكن إذاً قراءة هذه المتغيرات الجديدة ؟ولعل أبرز ماشهدته الساحة المصرية من تحول في هذا السياق, هو إعلان جماعة الإخوان المسلمين في مصر عن تأسيس حزب جديد بمسمى يتخلى عن أي شعار ديني, وهو ((حزب العدالة والحرية)), وهو مايعني تحول هذا التيار إلى مؤسسة حزبية تخضع لمفاهيم وقوانين المجتمع المدني في إدارة الشأن السياسي, وقد أعقب إعلان الإخوان المسلمين قيام بعض الجماعات الدينية المتطرفة وغيرها من التيارات الجديدة والشبيهة لها بالإعلان عن تأسيس أحزاب أخرى مماثلة, فيما يشبه إجماعا من تلك التيارات ذات الطابع الديني على إن ممارسة العمل السياسي لابد له من أن يخضع لقواعد اللعبة السياسية, وأن يستجيب لمبادئ الديمقراطية, بوصفها الصيغة المتفق عليها دوليا في إدارة حكم المجتمعات البشرية.لكن دخول هذه التيارات الدينية في العملية السياسية عبر الأحزاب أثار تساؤلات كثيرة في شارعنا العربي عما إذا كانت هذه القوى تبتغي في عملها السياسي هذا تحويل المجتمعات التي حصلت على حرياتها وسعت للقضاء على النظم الدكتاتورية والفساد, إلى مايسمونه بـ ((الدولة الدينية)) أو ((الدولة المدنية ذات المرجعية الدينية)), وهي أسئلة تحمل في طياتها تساؤلات أخرى مباشرة تتضمن شكوكا من استخدام هذه التيارات الدينية للديمقراطية لإقامة دول أخرى, بديلة للدول الدكتاتورية, وتحت مسميات وشعارات براقة تتستر بالدين.وقد بدا واضحا إن المجتمعات العربية التي تعيش هذه التغيرات قد انشغلت بهذه الأسئلة إلى حد تدخل مؤسسة كالأزهر بثقلها في محاولة لإعادة ضبط المفاهيم التي تخلط السياسة بالدين, عبر وثيقة أعلن عنها شيخ الأزهر عقب مشاورات وحوارات كثيرة جادة مع العديد من التيارات الفكرية وأفراد من المثقفين في مصر, والتي أحدثت أثرا واسعا في أوساط الجمهور, وذلك لكونها وثيقة شديدة الأهمية في حرصها على توضيح العلاقة بين الدين والدولة, والتأكيد على التسامح وعلى الطابع الديمقراطي في أصول الإسلام.ولعلها المرة الأولى التي تعلن فيها قيادة الأزهر وجوب التفريق بين السياسة والدين, والتأكيد على إن المؤسسات الدينية, والتي من بينها الأزهر, لاينبغي لها أن تتحول إلى أداة في الصراعات والمصالح السياسية, وهي قبل كل ذلك وثيقة يبدو بها الأزهر وقد استعاد دوره المهم في الإصلاح الديني, وبها يؤكد فهمه الأبعاد الثقافية والحضارية للأديان المختلفة, وهو ماأعلنه شيخ الأزهر في إعلانه للوثيقة قائلا : ((إن الأزهر المنارة الهادية, والتي يحتكم إليها في تحديد علاقة الدين بالدولة وبيان أسس الشرعية الصحيحة التي ينبغي انتهاجها ارتكازا على خبراته المتراكمة وتاريخه الثقافي والعلمي والذي ارتكز على عدة أبعاد, منها: البعد الفقهي في إحياء علوم الدين وتجديدها , والذي يجمع بين العقل والنقل, ويكشف عن قواعد التأويل المراعية لنصوص الشريعة, والبعد التاريخي لدور الأزهر المجيد في قيادة الحركة الوطنية نحو الاستقلال والحرية والمساواة, والبعد الحضاري لإحياء مختلف العلوم الطبيعية والفنون والآداب, وأخيرا البعد العملي في قيادة حركة المجتمع بصورة عامة وتشكيل قادة الرأي في الحياة المصرية)).وإلى جوار هذه الرؤية الشاملة فقد أكدت الوثيقة  ضرورة الالتزام بالمواثيق والقرارات الدولية والتمسك بالمنجزات الحضارية في العلاقات الإنسانية المتوافقة مع التقاليد السمحة في الثقافة الإسلامية والعربية والمتسقة مع الخبرة الطويلة للشعب المصري في عصوره المختلفة وفي جميع المجالات وماقدمه من نماذج فائقة في التعايش السلمي.كما أكدت  ضرورة الحرص التام على صيانة كرامة الأمة الإسلامية والحفاظ على عزتها الوطنية, وتأكيد الحماية التامة والاحترام الكامل لدور العبادة لأتباع الديانات السماوية المختلفة وضمان الممارسة الحرة لجميع الشعائر الدينية وبدون أي معوقات, واحترام جميع مظاهر العبادة بمختلف أشكالها دون تسفيه لثقافة ذلك الشعب أو تشويه لتقاليده الأصيلة, وكذلك الحرص التام على صيانة حرية التعبير والإبداع الفني والأدبي في إطار منظومة قيمنا الحضارية الثابتة.ومن الجدير بالانتباه إن الأزهر في وثيقته الجديدة إنه شدد على دور العلم والمعرفة العلمية في مستقبل الدول العربية, وخصوصا في مصر, حيث نبهت الوثيقة إلى ضرورة اعتبار التعليم والبحث العلمي ودخول عصر المعرفة قاطرة التقدم الحضاري في مصر, وتكريس كل الجهود لتدارك مافات في هذه المجالات, وحشد طاقة المجتمع كله لمحو الأمية, واستثمار الثروة البشرية, وتطب

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram