عامر القيسي المواطنون حائرون... وهي حيرة لا تتعلق فقط بتدبير أمور حياتهم وتأمين خدماتهم بطريقة خاصة مثل الكهرباء والماء غير الملوث وحماية حياتهم.. الخ من مصائب حياتهم اليومية. الحيرة التي نتحدث عنها هي حيرتهم مع السياسيين المتصدين للعملية السياسية، لان المواطنين ونحن معهم لا نعرف من يقول لنا حقيقة الأشياء ومن يكذب علينا، وان تكن القناعة الغالبة عند جمهور المواطنين ان لا احد يقول الحقيقة !
على سبيل المثال، فان السيد المالكي القابض على مفاصل الحكومة يقول بان الشراكة انتهت، بمعنى أنجزت ولا داعي للكلام عنها وجعلها مثل العقدة امام المنشار وان على غرمائه وحلفائه السير معه حتى نهاية الطريق.. حسنا !فيما يقول السيد إياد علاوي رئيس العراقية ان العقدة الآن هي في ان لا شراكة ولا مشاركة في اتخاذ القرارات المهمة والإستراتيجية التي تخص شؤون البلاد والعباد، ويتوعد الرجل في كل مرّة بالانسحاب من الحكومة !لا المالكي يقول للجمهور كيف تحققت الشراكة والمشاركة ولا علاوي يقول لنا كيف ان هذه العقدة لم تحل حتى الآن ! وبعض حلفاء المالكي ان لم يكن جميعهم يقرّون بأنهم ايضا في زاوية التهميش والإقصاء وأنهم ربما سيلجؤون الى تسقيط الحكومة من خلال سحب الثقة منها، لكنهم يتراجعون عند الحصول على بعض المكاسب !وإذا تركنا الرؤوس جانبا، من يستطيع ان يجيبني، من المواطنين طبعا، ان كان يعرف حقيقة " ميناء مبارك " على سبيل المثال ايضا، البعض يقول انه تجاوز على حقوق العراق، والبعض الآخر يقول ان المرحلة الرابعة منه هي التي تشكل اضرارا بنا، فيما تقول لجنة فنية حكومية ان الميناء، بحسب الوثائق التي اطلعوا عليها لا يضر بالمصالح العراقية !هروب قيادات القاعدة والمجرمين والمطلوبين للعدالة من السجون في بغداد والمحافظات، بكل اريحية، من قال لنا كيف ولماذا ومن هو المسؤول وما هي شكل العقوبات التي تعرض لها " المقصرون "،قائد امني يقول ان في الأمر تواطؤا، وقائد آخر يقول لقد حذرنا ولم يسمع أحد تحذيرنا، فيما ينبري لنا قائد امني ليقول ان الجهات المتخصصة شكلت لجنة تحقيقية لكشف "الحقيقة" وآخرها، وليس أخيرها على ما أظن، هروب مجرمي القاعدة من سجن في نينوى. من منكم يعرف حقيقة ما جرى؟ لا أحد طبعا. رحيل الاميركان من عدمه، من منّا يعرف حقيقة مواقف سياسيينا، مع أو ضد، ففي اليوم الواحد بل الساعة الواحدة تتصاعد وتتنازل وتائر المواقف حتى ان بارومتر هذه المواقف ظل حائرا من تبدل المواقف تراجعا أو تقدما! الفساد المالي الذي يطيح بآمالنا في بناء عراقنا، من منّا يعرف ان كان الوزير الفلاني يقف على البر أم انه غارق في مستنقع الفساد حتى آخر شعرة في رأسه ! بصراحة لا نعرف، لان المدافعين عن المسؤول الفاسد أكثر من المتهمين إياه، وحتى عمليات الاستجواب تجري داخل قبة البرلمان بدبلوماسية وحسابات ما بعد الخروج من تحت قبة البرلمان والاجتماعات السرّية هي التي تحدد في النهاية من هو الفاسد من غير الفاسد حسب نوعية الصفقة وأهدافها !لا نملك غير ان نضرب أخماسا بأسداس لكننا بالتأكيد لا نعرف الحقيقة، ولا حقائق ما يجري حولنا وفينا، رغم ان المطلوب منا الكثير الكثير، علينا ان نؤيد الحكومة البرلمان والكتل السياسية والقادة الأمنيين وان نذهب إلى صناديق الاقتراع على إيقاعات قذائف الهاون وان نعمل بكل طاقتنا وإمكاناتنا من اجل بناء العراق. علينا ان نفعل كل ذلك من غير أن نعرف الحقيقة؟ هذا هو الواقع هل تصدقونه!
كتابة على الحيطان :أين الحقيقة؟
نشر في: 4 سبتمبر, 2011: 09:01 م