الكتاب: تحليل للإدمانتأليف:هوارد ماركيلترجمة: ابتسام عبد اللهكان سيغموند فرويد يشمّه، أمّا ويليام هالستيد فكان يزرقه تحت الجلد. كان الرجلان من الأطباء الشبان، طموحين ومندفعين في الثمانينات من القرن التاسع عشر،وأصبحا مدمنين للكوكايين. ويقول التاريخ إن فرويد تخلص من إدمانه، ولكن هالستيد لم يشف قط منه. حياتهما كانت متشابهة، لكنهما لم يلتقيا قط.
كان هالستيد من أوائل الأطباء الذين برزوا في الجراحة بنيويورك وفي استخدام المخدّر والمواد المعقمة في غرف الجراحة. أما فرويد (في فيينا) فقد منحنا مصباحاً لإنارة المتاهة السوداء في اللاوعي. وقد لعب الرجلان كلاً من موقعه دوريهما المهميّن في حقل الاكتشاف في عصرنا الحديث، وحكايتاهما مثل حكاية الكوكايين نفسه،نُسجتا معاً في كتاب هوارد ماركيل،تحليل للإدمان. ويقول المؤلف:"عندما تعرّف كل من فرويدو هالستيد إلى اكتشافهما الكيماوي، استقبلا برحابة الكوكايين"، "كدواء مثير للإعجاب في حقل الأدوية الحديثة". ولم يكن أيّ واحد منهما يعرف مدى خطورة الكوكايين". و"الإدمان"، كلمة لم تكن قد دخلت بعد الكتب الطبية المقررة. وكان فرويد يعالج جرّاحاً صديقاً، فقد ذراعه، معوّلاً على المورفين من اجل القضاء على آلامه. وتعلق فرويد بأمل وهو أن يتمكن الكوكايين من تخليص صديقه من المورفين.وكانت النتائج الأولية تكاد تكون معجزة. ويقول المؤلف إن كلاً من فرويد وهالستيد، قررا تجربة المخدّر قبل اعتماده طبياً، لمعرفة آثاره ونتائجه، وهكذا بدآ باستخدامه، وتعلقا به، لأنه منحهما نوعاً من النشوة.وطبع فرويد آنذاك بحثاً علمياً كان بعنوان"أغنية المديح"، تغيّر إلى،"عن كوكا"، وطبع في عام 1885، أولاً أن يؤدي إلى إعلاء اسمه، ويحلل فرويد في ذلك البحث ردود أفعاله تجاه الكوكايين، وأسلوبه الجديد في تطبيق طريقة العلاج على نفسه والذي سيُسهم في نشر وإعلاء اسمه- ولكنه لم ينتبه إلى شيء آخر وهو تأثير الكوكايين كمخدر موضعي. ولكن كارل كوللر اكتشف مدى قوته. وكان الأخير من منافسي فرويد في مستشفى فيينا العام، وقد انتشر بحثه ذلك في العالم ونال الإعجاب، مما سبّب همّاً لفرويد.ويقول المؤلف، إن اكتشاف مادة تزرق بإبرة تحت الجلد، وتترك المريض واعياً بشكل كامل، وفي نفس الوقت غير شاعر بآلام الجراحة التي تجرى له، أصبح خبراً مدويّا مثل هزّة أرضية.وأخبار اكتشاف كوللر، هزّ طبيباً شاباً يعمل في مستشفيات نيويورك وهو هالستيد، المنحدر من عائلة غنية. وبدأ هالستيد في الحال تجاربه مع الكوكايين حالما سمع به، ومثل فرويد استخدم نفسه مثل خنزير غيني (كانت تجرى عليه التجارب آنذاك)، وسرعان ما أدمن العقار.ويحاول المؤلف في كتابه إضفاء أجواء روائية على ما يرويه عن الطموحات الطبية والمادة العلمية.ويتحدث عن ابتكار شراب جديد يخلط أوراق الكوكا الخضراء مع الشراب الأحمر، كان مفضلاً بالنسبة للملكة فكتوريا، توماس أديسون وآرثر كونان دويل وآخرين.وفي خلال عمله آنذاك، كتب فرويد،"تفسير الأحلام"، شارحاً المشاعر المتعددة للإنسان:السعادة، والألم والإحساس بالإثم والتحرر.إن الكوكايين قد دمرّ حياة هالستيد وعمله. لقد عاش هالستيد بقية حياته تحت رعاية صديقه ويليام ويلش، الذي آمن بعبقريته، وأصبح الأستاذ الأول في الجراحة في مستشفى جون هوبكنز الذي شيد في بالتيمور.وكان هالستيد، يستخدم المورفين والكوكايين في عمله. وقد حاول أصدقاؤه، إخفاء تلك العادة السيئة عن الآخرين، كي لا تؤثر على حياته العملية.ولم يلتق فرويد بهالستيد قط، رغم أن الاثنين قد زارا باريس وفيينّا، في مرات عدة.عن/ لوس أنجليس تايمز
المخدّرات من الطب إلى الإدمان
نشر في: 5 سبتمبر, 2011: 05:54 م