TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > العمود الثـامـن: الحكومة تلهو

العمود الثـامـن: الحكومة تلهو

نشر في: 5 سبتمبر, 2011: 09:46 م

علـي حســينما الذي يجعلنا نصدق كبار مسؤولينا حينما يقسمون بأنهم لن يسمحوا ولو لجندي أمريكي واحد بالوقوف على الأراضي العراقية بعد انتهاء مدة بقاء القوات، وما الذي يجعلنا نصدقهم عندما يقسمون بأغلظ الأيمان بأنهم يعارضون أية ضربة عسكرية توجه لبعض دول الجوار؟ شخصيا أتمنى أن يصدق السياسيون والمسؤولون في تصريحاتهم حتى لو خابت كل توقعاتنا المسبقة بشأن مدى صدقهم أو حتى المحافظة على وعودهم وعهودهم.
لكن المشكلة أن السجل الحافل بالأكاذيب والعنجهيات يقول إن مسؤولينا لن يرفضوا أي طلب للمستر أوباما ومساعده السيد بايدن حينما يتعلق الأمر بالقرارات الكبرى التي ترسم شكل السياسة العراقية لسنوات قادمة. من لا يصدق ذلك عليه أن يراجع تاريخ العلاقات الأمريكية مع العديد من مسؤولينا منذ أيام السيد بريمر وما أعقبها من سهرات مع الحاج زلماي خليل زاد وانتهاء بالمستر جيفري حيث يسود الكتمان ويشاع مبدأ السرية في كل الاتفاقيات التي تمت مع الجانب الأمريكي، فلا نحن المواطنين ولا حتى العديد من النواب الموقرين نعرف كيف تتخذ القرارات التي تتعلق بأمن الناس ومستقبلها. اليوم الحكومة تريد أن توهمنا بأنها تختلف مع الجانب الأميركي في العديد من الملفات وعلى رأسها طبعا التمديد لبقاء القوات الأميركية، هكذا اخبرنا السيد علي الدباغ قبل مدة حين قال إن "الحكومة العراقية لا تريد أن ترى أي وجود أميركي أو أجنبي على الأراضي العراقية"، مضيفا أن "الإدارة الأميركية لن تستطيع فرض إرادتها على العراق ولا يمكن لقواتها أن تبقى في أي بلد في العالم خارج حدودها من دون اتفاق مع الدولة المضيفة"، مشيراً إلى أن "العراق لا يريد بقاء القوات الأميركية بعد العام 2011". وكانت الصحف الأميركية قد نشرت تصريحا للسيد المالكي يقول فيه انه كان مشغولا طيلة أشهر بالتشاور مع الأطراف السياسية العراقية للقرار إما على الطلب من الولايات المتحدة لإبقاء بعض قطعاتها في العراق، أو لا، فيما أكدت الصحيفة إن المالكي يدعم استمرار الوجود الأميركي إذا ما وافق 70 % من القادة السياسيين على ذلك، وانه يحاول التوصل إلى قرار بشأن ذلك، طبعا سيخرج علينا عدد من المقربين ويقولون إن الصحافة الأميركية كاذبة وتعمل على الإساءة لسمعة الحكومة، ولكن المؤكد أن الجميع، مسؤولين وسياسيين، لم يبذلوا جهودا حقيقية لحسم هذا الملف الشائك. ندرك جيدا أن الكثير من المسؤولين والسياسيين يتعاملون بعشوائية مع ملفات خطيرة وهامة، وتراهم يتحركون بلا أي إستراتيجية، وصارت معظم تصريحات قادتنا الأمنيين تثير المشاكل، والأخطر غضب الناس، قد يكون السيد المالكي محقا لو انه خرج لنا ليقول إن الحكومة مع القوى السياسية كافة تدرس موضوعة القوات الأمريكية وتأثير بقائها على الأمن والاستقرار السياسي، أما أن تطفح شاشات الفضائيات كل يوم بسياسي يقف فاردا قامته محركا رقبته ليعلن أن موقفنا ثابت من انسحاب جميع القوات الأميركية ومن جميع الأراضي والمياه والأجواء، ثم يتسلل في الخفاء ليجلس قبالة السفير الأميركي يشرح له المنافع والفوائد التي ستعود على العراقيين لو أنهم حكموا عقلهم ووافقوا على التمديد. سيكون الساسة والمسؤولون محقين لو أنهم شرحوا للناس ايجابيات وسلبيات التمديد للقوات الأميركية وكشفوا تفاصيل الاتفاقيات التي تجري في الزوايا والدهاليز ومحقين أكثر لو أنهم تحدثوا عن الفساد الإداري والمالي الذي يعشش في المؤسسة الأمنية، ولكنهم يخطأون حين يتاجرون بأمن الناس، وحين يصنعون من القوات الأميركية شماعة يغطون بها فشلهم في تقديم ابسط الخدمات للعراقيين. ما ليس مقبولا أن يصبح مستقبل هذا الشعب وأمنه سلعة رخيصة في سوق المزايدات السياسية، وليس مقبولا أن يحاول البعض التغطية على ملفات الفساد وسرقة المال العام والانتهازية السياسية ليوجه الأنظار نحو ملفات أخرى لا ناقة للناس فيها ولا جمل، يمكنني اتهام العديد من المسؤولين والسياسيين بالتسبب في إثارة مخاوف الناس وخلق حالة من عدم الاستقرار في البلاد، ويمكنني أن اطلب من البرلمان مساءلة الحكومة عن التأخر في حسم المناصب الأمنية ويمكنني أن أتهم العديد من السياسيين بالتقصير لأنهم يتعاملون مع ملف حساس وخطير بطريقة المفرقعات الإعلاميةأفهم أن يخرج مسؤول ويقول: "نحن ندرس الأمر من جميع جوانبه، خصوصا حول تأثيره على الأمن الوطني"، أما أن يسارع كبار المسؤولين إلى النفي التام للأمر، وأنهم ضد بقاء جندي أميركي واحد فهذا ما يزيد شكوكنا وريبتنا ويجعلنا نعتقد أن مظلة السفارة الأميركية اليوم تغطي وتظلل فوق رؤوس الكثير من في المسؤولين أتمنى أن تكون الحكومة قد قررت فعلا رفض التمديد للقوات الأميركية.. لكن هل نحن خارج مظلة المستر أوباما فعلا كي نرفض له طلبا، أغلب الظن أننا سنمضي أياما مع وصلات من الهيجان السياسي بين جميع الأطراف مما يعيد لنا جزءا من سيرة داحس والغبراء التي تلهو بها الحكومة كل يوم.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram