عامر القيسي العفو من الصفات الإنسانية خصوصا عند المقدرة، والعفو نصت عليه الكتب المقدسة والعرف الاجتماعي فضلا عن القوانين الوضعية التي منحت بعض الشخصيات والهيئات صلاحيات العفو. هذا أمر لا خلاف عليه، لكن ان يأتي العفو بسبب ضغوطات سياسية وترضيات وان يشمل القتلة والمزورين والمختلسين!! أي ضياع للحقوق هذا؟ وأي قانون يجعل الآخرين يشعرون بالحيف لان حقوقهم ابتلعها قانون العفو الغريب الذي يناقش في البرلمان؟
وأي قانون سيفتح الأبواب على مصاريعها أمام الآخرين للانزلاق إلى عالم الجريمة المنظمة وغير المنظمة مادامت لوبيات الضغط السياسي بانتظارهم لإخراجهم من خلف القضبان؟ أسئلة يثيرها المواطن البسيط، إن كان مختلسو الملايين سينعمون بالحرية؟ أو القتلة ممن تلطخت أيديهم بدم الشعب سيمشون بطولهم أمام عوائل الضحايا من الأرامل والايتام؟ كيف ستعرف الملطخة من غير الملطخة وهذه نفس أزمة اجتثاث البعث التي تجاوزها الجميع، بامتياز، بسبب التراضيات السياسية..وزير العدل قال في مؤتمر صحفي "إن تمرير قانون العفو العام في مجلس النواب بصيغته الحالية ستكون له تبعات سلبية على البلاد". ربما لسان حال الحكومة يقول إن لم نعفُ عنهم فان التهريب من السجون سيكون بانتظارهم، وبالتالي فمن الأفضل أن نختصر الطريق ونفعلها نحن منذ البداية!!ليس أمامنا صراحة إلا طرح الأسئلة، لان الحقائق مغيبة، هل أوصلتنا الطبقة السياسية إلى الحد الذي نكرس جهدنا ووقتنا من اجل تشريع قوانين لإطلاق سراح القتلة والمجرمين، رامين خلف ظهورنا مشاكلنا وأزماتنا اليومية من دون حلول؟ وهل ستبقى مساحة للثقة بالقانون والحكومة من أنهما ظهير الإنسان العراقي المغلوب على أمره؟ الاكثر غرابة في الكوميديا السوداء المستمر عرضها الآن، إن ائتلاف دولة القانون يتهم العراقية والتيار الصدري من أنهما يقفان بقوة خلف القانون لإمراره، حسب النائب جواد البزوني الذي قال إن تمرير قانون العفو خلال الأسابيع المقبلة"، عازيا الأمر إلى "رغبة بعض الكتل السياسية ولاسيما العراقية والتيار الصدري بضرورة تمريره"، وكأن لا احد يعرف ان القانون خرج من عباءة الحكومة التي رئيس وزرائها نوري المالكي من ائتلاف دولة القانون!! ما هذه المسخرة؟ وأي مواطنين يتصورون أنهم يحكمون؟ لو ذهبنا إلى التيار الصدري لنفى وقال القانون قانون الحكومة، ولو ذهبنا للعراقية لقالوا، السلطة بيد المالكي وهو من يقرر وإننا نعاني من الإقصاء والتهميش؟ وهذا كلام يقوله الجميع لتعود علينا دولة القانون وتقول إنها رغبة الآخرين!! لسنا ضد العفو لكننا ضد ضياع حقوق الناس من اجل عيون السياسة والسياسيين!!
كتابة على الحيطان :وداعاً لحقوق الناس!
نشر في: 6 سبتمبر, 2011: 09:06 م