TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > كلاكيت :عندما نسمع الصورة

كلاكيت :عندما نسمع الصورة

نشر في: 7 سبتمبر, 2011: 05:16 م

 علاء المفرجي 2-2 أغلب موسيقى الأفلام لم تتطور إلى أبعد من أيام السينما الصامتة ، فهي اُستخدمت كمؤثرات أو لحشو خلفية الشريط ، غير أن بودوفكين وآيزنشتين كانا يصرّان على أن الموسيقى لا يجب أن تؤدي دور المرافق مطلقا. كانا يريان أن على الموسيقى أن تحتفظ بخطها الخاص وتفرّدها . وكانت الموسيقى الفيلمية إحدى هموم آيزنشتين النظرية .
بيّن في فيلمه " ألكسندر نفسكي " كيف ولماذا تكون سلسلة معيّنة من لقطات في نظام معيّن ، وذات طول معيّن متعلقة بطريقة نوعية أكثر من أي طريقة أخرى في قطعة معيّنة من الموسيقى ، فقد تعاون مع المؤلف بروكوفييف على وضع نوع من التأليف السمعي- البصري ، حيث يقابل كل سطر موسيقي حركة الصور ، التي تمّ وضعها في صف ( تقطيع عمودي ) ، أي توحيد كلا الشريطين ( الموسيقي والصوري ) رأسيا (( بتوفيق كل عبارة موسيقية متصلة مع كل عبارة متصلة متوازية من الشريط الصوري . ))تؤدي الموسيقى وظيفتها في الأشرطة السينمائية بطرق مختلفة ، حيث يكون استخدامها متنوّعاً بشكل مدهش، فهي ابتداء بالعناوين يمكن أن  تهيئ المشاهد للجو العام للفيلم . ويلح بعض صانعي الأفلام على الموسيقى الوصفية البحتة ، فيستخدمونها كنوع من المعادل الحرفي للصورة . مخرجون آخرون يقررون بأن الموسيقى يجب  ألا تكون (( جيدة جدا )) لئلا تحرف الانتباه عن الصورة . ومن هنا جاءت الملاحظة الشائعة بأن أفضل موسيقى تصويرية هي تلك التي لا يسمعها أحد ، غير أن أغلب المخرجين الكبار لايتفق مع وجهات النظر هذه ، فالموسيقى بالنسبة لهم ، حتى وإن كانت لأعظم الملحنين ، يمكن إستخدامها في الشريط الفلمي . علاوة على ذلك ، يمكن للموسيقى أن يكون لها دورا دراميا مكملا في سيناريو الفلم ، على سبيل المثال ، يمكنها أن تقوم بوظيفة التباين الساخر ، حيث يُعكَس إتجاه المشهد بإستخدام موسيقى مضادة ، كما في فلم " الدكتاتور العظيم " لشابلن ، الذي وضع موسيقاه بنفسه ، ففي المشهد الشهير الذي يلعب فيه الدكتاتور بنموذج للكرة الأرضية ــ وهنا الإيحاء واضح ــ تقوم النغمات الموسيقية الحالمة بمقابلة ساخرة مع أداء شابلن . يمكن للموسيقى أيضا أن تعزز تأثير المشهد وتزيد من شحنته العاطفية ، كما في فلم " الأرض " ليوسف شاهين ، حيث يتكرر لحن أغنية " الأرض لو عطشانة " ، الذي وضعه علي إسماعيل ، طوال الفيلم ويتصاعد تأثيره المثير للمشاعر في المشهد الأخير منه .من وظائف الموسيقى الفيلمية الأخرى ، تحديد معالم الشخصية ، الذي يمكن أن يتم الإيحاء به من خلال الألحان الموسيقية المكررة . وكما يبيّن جان بيير شيفر حول مسألة استخدام اللازمة الموسيقية قائلا ، (( إذا ما حدث لدى الاستماع الأول للمصاحبة الموسيقية أن كثفت هذه المصاحبة الإيحاء بالمناخ اللحني ، فإن تكرار اللازمة سيتيح ، خلال مجرى أحداث الفيلم ، نوعاً من الدلالة الحقيقية للموسيقى ، بمعنى ، أن محتوى الموسيقى سيكون في آن معا ذهنيا وعاطفيا ، وقد يكون في اللحظة نفسها ثمة تفاوت بين ما تظهره الصورة وما تؤكده الموسيقى ، وانه لتناقض، تصبح الموسيقى بفضله واحدة من الشخصيات اللامتوقعة ، غير القابلة للإمساك . )) ولنا أمثلة عن هذا النوع المليء بالذكاء والفاعلية من أنواع استخدام الموسيقى ( في أفلام مثل   " قصة حب " ، " فطور في تيفاني " ، " صائد الغزلان " ) ، حيث تتدخل الموسيقى في بنيان الفيلم ، فيصبح لها دور درامي فاعل . ففي " قصة حب " ، تتجلى فاعلية الموسيقى هذه في المشهد الذي يخرج فيه اوليفر من المستشفى بعد وفاة جيني ، يسير في الشارع ذاهلاً ، فتبدأ اللازمة الموسيقية لفرانسيس لي ، التي كانت تهيمن على أغلب مشاهد الفيلم ، لكنها هذه المرّة ما أن تبدأ حتى تُقمع ــ أو تغصّ حزناً ــ بأصوات ضجيج الشارع وأبواق السيارات ، وتتكرر على هذا المنوال ؛ موسيقى مبتسرة ، تُقطع في كل مرّة ، لتعبّر عن قصة حب عمرها قصير . هنا تصبح الموسيقى (( شخصية لا متوقعة )) ، في مشهد مثير للمشاعر .مثال آخر عن لازمة موسيقية تصاحب الشخصية ، في " حدث ذات مرّة في الغرب " ، حيث ترافق موسيقي الهارمونيكا شخصية البطل ، تشارلز برونسن ، أو تنبئ عن الشخصية قبل حضورها في المشهد ، كما يحدث مع جاسون روباردز ، الذي يمثل دور الشرير، فنحن نعلم بوجوده قبل أن نراه في الكادر ، من خلال لازمة من لحن ساخر بآلات نحاسية، يبدو ناشزاً.ويُعدّ هذا العمل قمة أعمال المؤلف الموسيقي الكبير اينيو موريكوني ، مع موسيقى فيلم " المهمة التبشيرية " . فاللازمة الشهيرة في هذا الفيلم التي يؤديها جيرمي آيرونز أمام السكان الأصليين بأنغامها الرخيّة التي تدعو إلى الحب ، ستتكرر في الفيلم لتتحول في المشهد الختامي مرثاة لقمع الحب وسيادة الكراهية .لعبت موسيقى الأفلام دائما دورا أساسيا في تشكيل وعي المشاهد ، ويمكن أن يُنسَب إليها ذلك السحر الناشئ عن الصورة السينمائية ، ولعل انجذاب المشاهد لبعض الأفلام يعود إلى موسيقى هذه الأفلام . على سبيل المثال ، فيلم " رجل وامرأة " لكلود ليلوش ، الذي كتب موسيقاه فرانسيس لي ، و"المحترف" لجان بول بولم

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram