عبد الخالق كيطانأظهر استطلاع حكومي نتائج لا تسرّ بخصوص عمل الوزارات خلال الفترة الماضية، إذ وجد نسبة كبيرة من الذين شملهم الاستطلاع أن ضعف أداء الوزارات والجهات غير المرتبطة بوزارة كان في مقدمة الأسباب التي جعلت مهلة المئة يوم غير كافية للنهوض بالواقع الخدمي المتردي سواء في العاصمة بغداد أو في مختلف المدن العراقية.
الاستطلاع أجرته دائرة شؤون المواطنين في الأمانة العامة لمجلس الوزراء، وخصص لمعرفة آراء الجمهور من أبناء العاصمة تحديداً حول مهلة المئة يوم إياها، تلك التي حدّدها السيد نوري المالكي مع اشتداد المظاهرات المطلبية العام الحالي.. وقصد من ورائها، كما يبدو، احتواء المواطنين الغاضبين بعد أن عجزت القوة عن احتوائهم مثلما عجزت أساليب أخرى.وبالرغم من أن هذا الاستطلاع قد أجري من قبل مؤسسة تابعة للحكومة، الأمر الذي يثير عند كثيرين شكوكاً حول صدقيته، إلا أننا سنسلّم بنتائج هذا الاستطلاع وبنوايا القائمين عليه، وبالتالي نتساءل عن السرّ الذي يدفع بعينات الاستطلاع إلى اتهام الوزارات والجهات غير المرتبطة بوزارة بالتلكؤ في انجاز أعمالها التي حددها السيد رئيس الوزراء. والسيد رئيس الوزراء عندما أطلق مبادرة المئة يوم كان يعني ما يقول، بمعنى أنه كان يمتلك تصوراً معيناً لما يمكن انجازه في هذه الفترة، إلا أن الأمر المخيب للآمال حقاً أن تنتهي الفترة دون أن يتغير أي شيء على الأرض، بل العكس هو الذي حصل، ففضائح الفساد المالي مستمرة وبنجاح ساحق وخيبات الناس ملموسة، ومشاريع تبديل الأرصفة مستمرة والحمد لله!الواضح في هذا الاستطلاع أن القائمين عليه كانوا أذكياء للدرجة التي أوهموا الناس فيها بحياديتهم ومهنيتهم ولكنهم بالمقابل قاموا بتغطية السبب الرئيس في إخفاق الوزارات بتنفيذ تعهدات السيد رئيس الوزراء، وهذا السبب، وبصورة مباشرة وصريحة جداً، هو السيد رئيس الوزراء نفسه!قلنا في يومها، ونكرر القول، أن مشاكل العراق، في الجانب الخدمي تحديداً، كبيرة ومستعصية وتحتاج إلى جهود جبارة ونوايا مخلصة ليتم التخفيف من ثقلها على الناس، ولكن الشعارات والخطب الجاهزة دائماً ما تحضر لذبح أي قول حق. لقد صرح السيد رئيس الوزراء، ومن ورائه عدد كبير من السادة أعضاء قائمته وكتلته، بالقول أنهم على الطريق الصحيح للقضاء على المشاكل الخدمية.. هل تتذكرون، على سبيل الاستطراد، كيف صدح هؤلاء بالقول أيام ما بعد الانتخابات بضرورة أن يستمر السيد المالكي في قيادة الوزارة مرة ثانية من "أجل استكمال برنامجه السياسي والحكومي الذي بدأه في الدورة السابقة"؟، وبالطبع فثمة من يصدق مثل هذا الكلام... ونحن نتوجه بالسؤال في هذا الخصوص تحديداً: ما الذي تم استكماله وقد مرّ على عمر الوزارة الثانية أكثر من عامين؟ فوزارات السيد المالكي الأمنية شاغرة، ووزاراته الخدمية عرضة للتقليص ووزاراته السيادية تتناهبها القوى المؤتلفة في النهار معه، وفي الليل لها شأن آخر!وباختصار شديد: إن الاستطلاع الحكومي الذي نتحدث عنه لم يأت بجديد أبداً. الجمهور يدرك أن الترهّل الذي أصيبت به الوزارات لا شفاء منه، وإن الهيئات والجهات غير المرتبطة بوزارة هي مستعمرات لا رقيب أو حسيب لها أو عليها.. وإن قرار المئة يوم، الذي أريد له أن يكون عصا ساحر، ليس أكثر من رشّة ماء على حشود المواطنين الذين أنهكهم الصيف العراقي وسط ساحة التحرير...
عين: استطلاع الحكومة
![](/wp-content/uploads/2024/01/bgdefualt.jpg)
نشر في: 7 سبتمبر, 2011: 10:02 م