TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > العمود الثـامـن: الغاز الغضبان وأوهام السنيد

العمود الثـامـن: الغاز الغضبان وأوهام السنيد

نشر في: 7 سبتمبر, 2011: 10:55 م

علــــي حســينمنذ أن ورث ثامر الغضبان منصب كبير مستشاري رئيس الوزراء ونحن نعيش شيئا أقرب للكوميديا في خطاب الحكومة، فإلى جانب ما يتمتع به السيد الغضبان من قدرات خارقة على الصمت والكتمان فإنه يتمتع أيضا بخفة ورشاقة غزال، بما يتيح له القفز من الموقف إلى نقيضه، ومن الحالة إلى عكسها،
فالرجل الذي ترأس الوفد الفني الذي زار الكويت لمناقشة الأضرار التي يمكن أن تلحق بالعراق جراء بناء ميناء مبارك عاد ألينا بخفي تصريح يتيم قال فيه انه عقد اتفاق "جنتلمان مع الكويت، بأن الكويت لن تنفذ المرحلة الرابعة" مستدركا فيما بعد من "أن هذا الاتفاق لا لا يحتوي أي ضمانات مكتوبة للعراق"، ولعل ابرز التناقضات في تصريح السيد الغضبان وأفدحها إصراره على أن المشكلة ستحل بمجرد التخلي عن تنفيذ المرحلة الرابعة، طبعا نحن لا نعرف ما هي المراحل الثلاث الأولى، ثم تراجعه عن مواقفه وأقواله، معلنا أن مجلس الوزراء بصدد اتخاذ قرار مناسب للوقوف بوجه هذا المشروع، بعدها اختفى الغضبان عن الأنظار ليظهر عدد من المقربين لم يشاءوا أن تتوقف الدراما عند هذا الحد فاخذوا على عاتقهم تسخين الجو، و بغض النظر عن شكل النهاية التي سيضعها القائمون على هذا المسلسل الدرامي الطويل والمثير فإنه يحسب للحكومة أنها لا تزال تواصل اللعب على أكثر من حبل وبمهارة، فلا أحد فينا يعلم علم اليقين حقيقة ما دار في اللقاءات المغلقة التي جمعت كبير مستشاري المالكي مع الكويتيين، لم نسمع سوى التصريحات الإعلامية النارية على شاكلة ما صرحت به النائبة عالية نصيف التي هددت باجتياح الكويت، فيما خرج علينا السيد علي الشلاه بتصريح غريب قال فيه أن "جميع نواب البرلمان العراقي متفقون على إيقاف افتعال الأزمات حول الميناء"، وقبل الجميع كان وزير الناطقية قد أطلق إحدى قذائفه الكلامية التي أثارت وراءها الكثير من الغبار والزوابع، حين صرح لصحيفة السياسة الكويتية لا يوجد أي اعتراض عراقي على إنشاء ميناء مبارك الكبير.بعدها فوجئنا بسيل من الخبراء الملاحيين يطلقون الفرقعات الإعلامية هنا وهناك، البعض يقول إن الميناء سيضر الملاحة في العراق وآخرون يؤكدون أننا يمكن أن نستفيد من هذا الميناء في إعمار العراق إذن لدينا المتخصصون والخبراء يقولون بوضوح إن العراق بحاجة إلى إنشاء ميناء كبير، ولدينا نجوم الفضائيات يتحدثون بجمل وعبارات لا تفهمها الناس من عينة "إن الكويتيين قرروا إلغاء بناء كاسر الأمواج"، على حد تعبير الغضبان الامر الذي دفع الناس للبحث عن حل للغز الكاسر، هذا. الحكومة ترتكب العديد من الخطايا وليس الأخطاء، حين لا تسعى لإيقاف هذا المسلسل الممل من التصريحات التي لا تترك وراءها سوى الغبار المضر بالعقول. فالتجارب السابقة والقضايا المماثلة التي شمرت فيها الحكومة عن ساعديها، اكتشفنا فيما بعد أن معظمها شعارات بلا لون ولا طعم ولا رائحة وان ما كان يقال في الغرف المغلقة مختلف كثيرا عما يقال لوسائل الإعلام.ولم تفك الناس ألغاز الغضبان حتى خرجت علينا الحكومة بلغز جديد يقول، "إن رئيس الوزراء نوري المالكي أرسل وفدا برئاسة رئيس لجنة الأمن والدفاع في البرلمان حسن السنيد إلى الكويت للتباحث بشأن ميناء مبارك"، وحتما سيعود السنيد من رحلته الميمونة ليبشرنا بان لا وجود لشيء اسمه ميناء اسمه مبارك وان الذي حصل مجرد أوهام في عقول العراقيين، مثلمان سبق له ان قال بعد عودته من المناطق التي تعرضت للقصف الايراني، بان الامور عال العال. ما حدث من تصريحات ومواقف في قضية ميناء مبارك يعكس بصورة واضحة حالة العراق التي نعيشها الآن.. انفلات شامل من الجميع، وحكومة مترددة، ووساسة عاجزين واحياناً متواطئين، وحكومة تبدو في بعض الأحيان غامضة، حتى يكاد يشعر المرء أحيانا إلى أن هناك بهلوانا يمتلئ جرابه بالحيل والألاعيب التي لا تنتهي.استغرقنا في النقاش حول ميناء مبارك، وانشغلنا في تساؤل؛ هل نهاجم الكويت أم نعفو عنها، وإذا تم البناء، هل نتعامل معه أم نقاطعه، بعدها انشغلنا في الأداء الباهت للعديد من السياسيين حول هذا الملف ونسينا أننا لم نخطُ خطوة واحدة في مشروع حيوي اسمه ميناء الفاو حاول البعض ويحاول منذ أربع سنوات الوقوف بوجه بنائه.البهلوان الحكومي يريدنا أن ننسى أن هناك مشروعا اسمه ميناء الفاو كان يمكن له أن يمتص البطالة التي يعاني منها شباب البصرة، ولذلك يريد البهلوان أن يشغلنا عن الأمر بمعركة هنا أو هناك.أصل القضية هو المستقبل.. كيف نصيغ مستقبلا للناس خال من الانتهازيين والسراق والمرتشين؟، كيف نواجه مشاريع دول الجوار بمشاريع ذات نفع للناس، كيف نزيح الفاسدين عن الواجهة والأهم من كل ذلك كيف نواجه تحديات العصر ببناء عراق جديد حقا؟!تلك هي المسألة.. والسؤال هو؛ متى يتوقف بهلوانات الحكومة عن وضع أيديهم في جيوبهم وإخراج المزيد من الحيل.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram