بغداد/ المدى الهروب من المشكلة كالهروب من المرض، أي تركه يستفحل من غير علاج، فقد يكون العلاج سهلاً في البداية، لكنّه مع الترك والإهمال قد تحدث مضاعفات ليست بالبال ولا بالحسبان. وكذلك هي المشكلة فقد يهرب صاحبها من مواجهتها بأساليب متعدِّدة قد يكلّفه بعضها حياته، ولو كان أعطاها جهده ووقته وتفكيره لكان اهتدى إلى ما يخرجه من قبضتها.
إنّ البعض من الشبان يلجأ ـ في سبيل التخلص من مشكلته ـ إلى بعض الأساليب المنكرة والمستهجنة وغير الجائزة شرعاً لينجو منها ولو لفترة، فهو يكذب مثلاً لينال مأربه، أو لينفذ بجلده، أو يسرق ليلبي بعض احتياجاته المادية، أو يسدد بعض ديونه، أو تراه يغش ليجتاز امتحاناً لم يستعد له بشكل جيد، وأحياناً ينفس عن مشكلته الخانقة بالعدوان والانفعال والسباب والشتائم وبغير ذلك من طرق العنف التي تزيد الطين بلة. وأخطر من ذلك أن يهرب الشاب من وجه مشكلته ليطمس وجهه وصحته في المخدرات أو المسكرات ظنا منه أنها العلاج الشافي والحل الوافي بما تنسيه ـ ولو بنحو مؤقت ـ شيئاً من همومه، في حين أنها تجر عليه من الهموم والمشاكل ما يجعله أسير المسكرات ومدمناً للمخدرات ومرتكباً للمحرمات فيما بقيت مشكلته الأصلية تراوح مكانها من غير حل، فسرعان ما تتبخر المؤثرات المخدرة أو المسكرة وتطفح المشكلة أو تطفو على السطح من جديد. ولعل أشد وسائل الهروب خطورة هي إقدام صاحب المشكلة على وضع نهاية مأساوية لحـياته بالانتحار الذي يعتبره بعض اليائسين الفاشلين الحل الأنسب لمشكلة عويصة أو مشاكل عدّة تعصف بهم، فلا يرون من سبيل للخلاص من ضغط هذه المشاكل إلاّ بالخلاص من الحياة نفسها. فلقد لوحظ في بعض إحصـائيات الانتحار أن حوادثه تقع في السنوات ما بين ( 16 ـ 20 ) سنة وهو عمر المراهقة والبلوغ والشباب، وأنه يحصل أحـياناً لأتفه الأسباب، إما للانتقام من الآخرين الذين كانوا السـبب في نشوء المشكلة أو تفاقمها، أو للتعويض عن حالة كالحـرمان الشديد الذي كان المنتحر يقاسيه قبل اتخاذ هذه الخطوة الجنونية أو للفرار من الصعوبات التي يتصور المنتحر في مرحلة ما أنها غير قابلة للتحمل وأنه لم تعد له طاقة أو قبل بها.ومع أّن بعض علماء النفس يرون أن الانتحار هو تعبير عن حب المنتحر لنفسه لأنه يسعى لتخليصها من عذابها، إلا أننا نعتبر ذلك حبا مريضاً قاتلاً. والسؤال يبقى لماذا نختار أسوأ الحلول أو الحل الوهمي لمشاكلنا..؟!
"الجيل الجديد" يلجأ إلى الانتحار هرباً من مشاكله
نشر في: 9 سبتمبر, 2011: 07:46 م