بغداد/ المدى تنشر "المدى" وصية الراحل هادي المهدي والتي أكد فيها مواصلته للاحتجاجات في ساحة التحرير وفي ما يتأتي نصها: "أصدقائي : قديما كنا نصر ونعاند البلد الخاكي لنغني للحرية بصمت.. معا في الوزيرية كنا نغني للحرية والمعرفة والعمق والجمال.. غنينا للحرية وكانت أمعاؤنا تصطك من الجوع وملابسنا تقطر رثة
وكتبنا مهترئة وكانت بغداد تغرق بوحل من الدم والكراهية واللون الزتوني ونهيق القائد وحزبه كان يردد خلفه أناشيد تبتهل لضرورته وكان العراق الخائف الهلع أيضا يهتف او يتمرد سرا.. كنا نغني ونواصل العزف على نفس مقام الجمال.. كنا نغني: أيتها الحرية.. انت قرآني وإنجيلي.. مهد طفولتي ومدرستي وفانوسي.. أيتها الحرية أنت أمي .. ايتها الحرية قبليني بشفتيك.. دعيني اسكر بخمرتك التي لا تزول.. خذيني نحو السماء لأكون شمسا وضياء.. أصدقائي: الآن أين انتم؟ أين أنا الآن؟ أين هي تلك الحرية التي حلمنا بها منذ ولادتنا وغنينا لها.. ذهب الضرورة إلى حتميته.. وعاث في البلاد مغول وتتار وفرس وأمريكان.. كلهم داسوا على أحلامنا التي ذبلت على ضفاف دجلة.. ذبلت على شفاهنا.. ذبلت على جدران قلوبنا التي تحولت إلى معابد سوداء داكنة لمأتم الحرية.. لا عيد بعد الآن لا قبلات .. شفاهنا التي غنت طوال الأمس تحجرت من طول الانتظار والحرمان.. الحرمان من قبلات الحرية المشتهات تلك.. الكل جاؤوا وذهبوا إلا الحرية.. ترى هل جرحنا قلب الحرية واحزنا روحها وكدرنا صفوها لكثرت ما آمنا بها وغنينا وصلينا وسجدنا لها؟ فهجرتنا وتركت لنا وحوش لهم قلوب دواب مريضة يدوسون بتباهي على أدمغتنا ويفسدون أعمارنا؟؟ نعم الذنب ذنبنا كفرنا بكل شيء ووحدنا صلاتنا على قبلة الحرية.. الحرية التي تنكرت لنا وتناستنا منتظرين ولم تبالي بتوحيدنا لها بها وكرمت صبرنا بكل هذا الخراب الفادح للحاضر ! أصدقائي: بقيت وحيدا.. وبكيت وحيدا وسكرت وحيدا وصليت وحيدا وهتفت وحيدا وغنيت وحيدا للحرية أيضا وأيضا رغما عنها وعن أي قدر.. وطالعت فجأة طفلة زنجية كتبت قصيدة تقول فيها: لو أن الأرض مربعة لاختفينا في زواياها.. ولكنها دائرية لذلك توجب علينا مواجهة العالم.. مواجهة الحياة .. آه. آه كم حسدت قلب تلك الطفلة الزنجية وكم تذكرت المسيح والحسين وغاندي وجيفارا وبوذا وتذكرت بطلا بقي وحيدا من قبائل الهنود الحمر المبادة ظل يصرخ والى النهاية: لن استسلم لن اهرب فهذه ارضي وغابة أحلامي ومهد طفولتي وعقيدتي ومنتهاي .. أصدقائي: سأواصل دربي ولن اهرب ولن ارتجف ولن أخاف.. سأواصل برغم كل العناء.. وسأصر هذه المرة لا على الغناء إنما على الهتاف للحرية تحت نصب جواد سليم لعلي أعثر على قبري تحته وأنام بسلام.. هناك تحت نصب الحرية أريد أن ارقد.. وأنام .. أنام طويلا.. احلم أن يكتب اسمي بشكل صحيح على شاهدة قبري.. واحلم أن يأتي لزيارتي ولو لمرة واحدة .. ابني نالي .. الذي لا يجيد العربية.. احلم انه سيجيد قراءة اسم أباه عاشق الحرية وشهيدها بشكل صحيح".هيوا المهدي يرثي أباه على موقع التواصل الاجتماعي"بابالن أنسى أبداً ما فعلتَ من أجليلقد خلقتَ مني ذلك الرجل الذي أنا هو الآن،أنا جزء منك، وسأُنهي ما بدأتَه أنت، أن تساعد أولئك الناس وتخبرهم أن يكونوا أقوياءً، أنت بطل.كم أشعر بالفخر لأنني أبنك.كنت أتمنى أن أستطيع التحدث إليك مرة ثانية،أبنك الفخور بك هيوا هادي المهدي؟"
المهدي يوصي باستمرار الاحتجاج تحت نصب الحرية
نشر في: 9 سبتمبر, 2011: 10:24 م