محمد صادق جراد  لم تكن أحداث الحادي عشر من سبتمبر/أيلول، مجرد عملية إرهابية نجح تنظيم القاعدة في تنفيذها داخل الولايات المتحدة الأمريكية بل كانت منعطفا مهما وكبيرا في العلاقات بين المسلمين وبين العالم إضافة إلى إنها كانت البداية لانطلاق ظواهر فكرية وثقافية وسياسية جديدة من بينها ظاهرة الكتب والتحليلات والنظريات الجديدة التي أصبحت تهاجم الإسلام والمسلمين والتي يمكننا إن نسميها ثقافة الحادي عشر من سبتمبر.
من خلال ما حدث نستطيع إن نقول :إن المجتمع الأمريكي والغربي قد حمّل المسلمين أوزار تلك العمليات الإرهابية فأصبح كل مسلم معتدلا كان أم متشددا، متهما بالإرهاب والعنف وأصبح في خانة الاتهام بعدم قبول الآخر ليعيش المسلمون في المهجر حياة صعبة وصراعا مريرا جعل البعض منهم يفقد عمله أو دراسته وجعلنا نشهد أكثر من حالة متطرفة وتصرفا متعصبا يقوم به أشخاص يعادون الإسلام يعتدون فيه على مقدسات المسلمين انتقاما لما فقدوه في أحداث الحادي عشر من سبتمبر .ويمكننا هنا أن نذكر قيام الصحيفة الدانمركية بنشر الرسوم الكاريكاتيرية المسيئة لشخص الرسول الكريم محمد (ص) ،إضافة الى قيام القس الأمريكي المتشدد تيري جونز راعي إحدى الكنائس الأمريكية بإحراق نسخة من القران الكريم في المكان الذي وقعت فيه حادثة الحادي عشر من سبتمبر . وهذه التصرفات ومعها الكثير من الحملات الإعلامية المضادة للإسلام ساهمت في التضييق على المسلمين وتحجيم النشاطات الإسلامية في تلك الدول وانخفاض نسبة الذين كانوا يعتنقون الإسلام من أبناء الدول الأوربية  .وليس من العدالة أن يسقط الغرب جرائم أفراد معدودين على ديانة بأكملها ،حيث أن فئة معينة هي التي تسببت في تشويه صورة الإسلام وأعطت عنه صورة سيئة وأصبح الغرب يراه على أنه دين الإرهاب والعنف بسبب ما نشهده من تنامي ضروب من الاستبداد الفكري الديني لدى بعض القوى الإسلامية والذي يعمل على ظهور أيدلوجيات شمولية تحاول أن تعطي لنفسها الشرعية في قتل الآخرين من خلال تفسير الدين بما يتناسب مع مصالحها تفسيراً ضيقاً ،يجعل أصحابها يعتقدون إنهم وحدهم أصحاب الحقيقة، ومن هنا يأتي رفضهم الديمقراطية والاعتراف بالآخر والمساواة في الحقوق بين البشر من الفئات والأجناس والأديان كافة، ويلغون ما لدى الآخرين من معتقدات و حقائق فيتحول موقفهم إلى تطرف وقطيعة مع الأطراف الأخرى، مما يؤدي إلى قطع الجسور معها واستحالة الالتقاء والتفاهم .وكل هذا يؤدي إلى أن يفقد الدين الإسلامي رسالته و دوره الإصلاحي الأخلاقي العام الذي منح الحق للآخرين بإطلاق أحكامهم الخاطئة على هذا الدين.هذا من جانب،ومن جانب آخر،فقد شكلت هذه الأحداث ذريعة للولايات المتحدة الأمريكية للقيام بحملة عسكرية كبيرة في دول عديدة كأفغانستان والعراق والصومال ودول أخرى، حيث وجدت أن عليها القيام بالحرب الاستباقية للدفاع عن نفسها ليتشكل النظام الدولي الجديد المرعب والذي أصبح يتحكم بالعالم ويتنقل بأساطيله عبر المحيطات من اجل محاربة الإرهاب أينما يكون واستخرج قائمة سوداء تضم المنظمات التي تعدها أمريكا إرهابية . وبالتأكيد فان جميع المنظمات والحركات الإسلامية كانت ضمن هذه القائمة .الجديد في الأمر، أن أمريكا اليوم في ظل إدارة الرئيس اوباما تحاول تجاوز الأزمة من خلال تصريحات وخطابات الرئيس والتي يؤكد من خلالها دائما بان الإرهاب هو عدو أمريكا وليس الإسلام وان أمريكا تتطلع للتعاون والتعايش مع المسلمين وهذا ما أكده الرئيس الأمريكي في أول خطاب له ألقاه في مصر . إضافة إلى الدور الأمريكي الايجابي تجاه الثورات العربية التي حدثت هذه الفترة في المنطقة العربية حيث ساعدت الشعب الليبي في ثورته من خلال التدخل العسكري وساهمت في الضغط على الأنظمة الأخرى في مصر وتونس للتنحي والاستجابة لمطالب المتظاهرين بالرغم من العلاقات الايجابية التي تجمع أمريكا مع الأنظمة العربية إلا إنها كانت داعمة قوية لمطالب الشعوب .لذلك نجد من الضروري أن يسعى المسلمون إلى إزالة اللبس في التصورات الغربية نحو الإسلام من خلال فتح منافذ الحوار والتفاعل البناء مع الآخر , وعلى أمريكا والغرب اليوم في ذكرى أحداث 11 سبتمبر، إعادة النظر في نظرته للإسلام وأسلوب التعامل مع المسلمين على أساس القيم والمبادئ التي يؤمن بها الإسلام الحقيقي وليس تلك الفئة الضالة التي تسعى لنشر الرعب والقتل وتصوره على انه صفة الإسلام والمسلمين .