إيمان محسن جاسم منذ عشر سنوات ونحن نقول: إن ما حدث في الحادي عشر من أيلول عام 2001 هو عمل إرهابي، دون أن نفكر بأن ما حصل هو حالة حرب معلنة بين طرف هيلامي غير مرئي، يتستر ويختفي ويظهر وقت يشاء ، منتشر في أكثـر من بقعة ، وبين أمريكا المستعدة للحرب بشكل كبير جداً ، وفتح أكثـر من جبهة شريطة أن تكون خارج الأراضي الأمريكية .
ما حدث أكبر من أن يكون عملاً إرهابياً ، بل كما قلنا يمثل حالة حرب معلنة كانت بدايتها مقتل أكثر من 3 آلاف أمريكي، وخرقا واضحا وكبيرا للأمن في هذا البلد ، وهو في نفس الوقت تحدي كبير للسلام في العالم.وقناعتنا على إنها حرب ناجمة عن الأحداث التي تلت الحادي عشر من أيلول والتي تمثلت بأن رد الفعل الأمريكي تمثل بشن الحرب على دولة بعينها وهي أفغانستان، حيث تتمركز الجماعات الإرهابية بقيادة تنظيم القاعدة الذي تبنى هجمات أيلول،وهذا التبني للهجمات أسقط كل السيناريوهات التي تدور في مخيلة الكثير من الناس من إن الأحداث مدبرة من قبل أجهزة معينة داخل أمريكا ، وبالتأكيد فإن تنظيم القاعدة ومن يدعمه ارتكبوا خطأ تأريخيا بجريمتهم هذه، لأنها مهدت الطريق لأن يدفع العرب والمسلمون فواتير مضاعفة عن جريمة ارتكبت باسمهم دون أن يأخذ رأيهم فيها ، وهذا ما يجعلنا نستنتج بأن تنظيم القاعدة يمثل خطراً كبيراً على المسلمين قبل أن يكون خطراً على غيرهم.وأول تداعيات هذه الأحداث هو التعاطف الأوربي مع الولايات المتحدة الأمريكية والذي تمثل بتشكيل تحالف دولي لمحاربة الإرهاب في أفغانستان ومن ثم بقي هذا التحالف في حرب تحرير العراق من النظام الصدامي، الذي كان متهماً بدعم تنظيم القاعدة ، وقد أثبتت الأحداث التي تلت سقوط نظام صدام والدور الرئيس الذي مارسته تنظيمات القاعدة في العراق بضرب الشعب العراقي والبنى التحتية، بأنها كانت بالفعل جزءا من النظام السابق في العراق بشكل أو بآخر.لقد أعطت أحداث أيلول 2001 المشروعية الكاملة لأمريكا بأن تشن حربها على الإرهاب أو تستخدم هذه الورقة في ترتيب أوضاع الكثير من مناطق العالم وفي مقدمتها منطقة الشرق الأوسط التي انطلقت منها الأفكار والأموال الساعية لتدمير أمريكا.وأعطت هذه ألأحداث أيضاً إشارة البداية لعاصفة هوجاء وأعاصير ضدَّ كلّ ما هو عربي وإسلامي في الغرب بصورة عامة ، ومن أتيحت له فرصة متابعة رد فعل الشارع الأمريكي بعد الأحداث سيجده بأنه كان مزيجاً من حاقدين سلبيين في بعض الأماكن، وغالبية منهم راحت تسأل من هم العرب وما هو الإسلام، ولِمَ هذا الحقد في العالم الإسلامي على أميركا بالتحديد؟؟، وتساؤلات كثيرة كانت أشبه بصحوة على النفس وعلى العالم من حول أميركا.خاصة وإن لأمريكا حلفاء تقليديون في دول عربية وإسلامية، وهذه العلاقة أصبحت محل شك ليس للمواطن الأمريكي فقط بل حتى المسؤولين أنفسهم .وهذا يعني بأن بناة السياسة الأمريكية في ما بعد اتجهوا باتجاهين، الأول يتمثل بأن ما حدث هو هجوم «إسلاميّ» الدين، «عربيّ» الجنسية، وأدرجه ضمن خانة الصراعات الدينية بأبعادها الخطيرة جدا ، وهذا ما أتاح للرئيس بوش الابن أن يعزف على الوتر الديني في حربه في أفغانستان والعراق ، وهذا أكسبه الرأي العام داخل أمريكا الذي وجد بأن حكومته توجه ضربات لمن يعتقد بأنهم يقفون وراء ما حدث في 11 أيلول 2001 .أما الاتجاه الثاني الاتجاه الثاني، يرى أنّ ما حدث أشبه ما يكون بصفَّارة إنذار تدعو الأميركيين إلى فهم أفضل للعالم ولِما يجري حولهم بعد عقود من الجهل بـالآخر الموجود خارج أميركا. لهذا يمكننا القول إن أحداث أيلول تركت آثاراً كبيرة ليس على أمريكا وحدها، بل آثارها الكبيرة علينا نحن من حيث إنها جعلت من أراضينا ساحة مفتوحة لتصفية حسابات أمريكية مع أعدائها مما زاد من الفاتورة التي ما زلنا ندفعها جراء هذا العدوان الذي ارتكبته تنظيمات همجية إرهابية باسم الإسلام.
هجمات أيلول.. من دفع الثمن؟
نشر في: 10 سبتمبر, 2011: 06:20 م