وديع غزوانكما اعتدنا لن نتوقع أن يتم القبض على قاتل شهيد التحرير هادي المهدي ، فبعد سلسلة من التصريحات عن تشكيل اللجان التحقيقية وما سيعقبها ربما من تسريبات عن القبض على مشتبه بهم ، ستسجل القضية ضد مجهول .روح ودم وقضية الشهيد هادي لاتختلف عن اي عراقي آخر لقي حتفه وسط غياب القانون وصراعات السياسيين ، لكن ما يميز موضوعها انها ارتبطت مباشرة بأحلام الناس وآمانيهم الضائعة ما جعل من موضوعة استشهاد الاعلامي هادي ( قضية رأي عام ).
وما قاله البعض من المواطنين ،ومن شرائح مختلفة في بغداد والمحافظات ، بان يكون كل واحد منهم هادي المهدي لن يكون إنشائياً ولا ينبغي ان يمر مرور الكرام بل يجب ان يتصاعد ويستمر يومياً لوضع حد لحالة الاستهتار بأرواح العراقيين ومن مختلف مكوناتهم . معلوماتنا المتواضعة وتجربتنا وملاحظاتنا عن أداء الأجهزة الأمنية تعطينا الحق لنجزم بأنهم قادرون إذا أرادوا أن يكشفوا أسرار وخفايا العديد من الجرائم ، غير ان تداخل السياسي بالامني وسطوة وهيمنة الاول على الآخر تعرقل عمل مفاصل عدد غير قليل من هذه الاجهزة ، وهي قضية معروفة للجميع . ملايين العراقيين لم يعرفوا الشهيد وربما لم يسمع به بعضهم ، رغم نشاطاته المتميزة وبرنامجه الإذاعي النقدي ، لكن قضية اغتياله بالطريقة والتوقيت أفزعتهم وجعلتهم يتساءلون أكثر من ذي قبل عن الذي تحقق لهم كعراقيين منذ 2003 الى الآن ، خاصة في مجال حقوق الانسان . قد يقول قائل ان التظاهرات وما ينشر في وسائل الاعلام ليس بالقليل بعد عقود من الدكتاتورية ، متناسين ما حصل ويحصل في العالم من متغيرات ومنعطفات ، جعلت دولة عظمى كالاتحاد السوفيتي تتحول الى مجاميع تحت ضغط المبادىء الديمقراطية والتطلع الى الحريات . لسنا مسرورين لما حدث في المعسكر الاشتراكي لأننا متمسكون بالاشتراكية كخيار ، لكنها الحقيقة التي يجب ان نفهمها ونعرف من خلالها ان ما حصل في العراق كان حتمياً ولابد من أن يتحقق بعد كل التضحيات التي قدمها شعبنا بمختلف مكوناته ، لذا ليس لأحد فضل على ما جرى وتحقق ،فقد ضحّى الشعب واستفاد السياسيون واعوانهم وحاشياتهم دون وجه حق بعد ان حوّلوا العراق إلى شركة يتقاسمون مقاعد مجلس ادارتها ، فانتشرت المافيات والميليشيات وضاع الحق والحقوق . صورة ما ارادها عراقي ذاق القهر والحرمان وعقود الخوف من طارق يدقّ بابه وسط الليل او في وضح النهار ليقتاده الى المجهول هو وسابع ظهر من الابعدين والاقربين .. صورة هزت وجداننا ونحن نرى ثرواتنا تنهب باسم القانون ومفسدين يعيثون في العراق خراباً دون رادع ، فكانت التظاهرات الاحتجاجية التي جعلت الشهيد هادي وزملاءه من الشباب يعمون على تطويرها من اجل التغيير ليس إلا ، غير ان صوته كان متميزاً وشجاعاً ومملوءاً بالثقة ،لذا فقد أرعب هادي الجلادين ممن اعتادوا العيش متطفلين على عذابات الناس وإرهابهم . واجب كبير يقع على منظمات المجتمع المدني والشخصيات الوطنية لإبقاء قضية اغتيال هادي المهدي في الضمير الى ان ينكشف الجناة ولا تسجل القضية ضد مجهول .
كردستانيات: ضد مجهول
![](/wp-content/uploads/2024/01/bgdefualt.jpg)
نشر في: 10 سبتمبر, 2011: 07:38 م