TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > العمود الثـامـن: خدعونا فقالوا .. صدام سقط

العمود الثـامـن: خدعونا فقالوا .. صدام سقط

نشر في: 10 سبتمبر, 2011: 10:47 م

علــــي حســينلسنا مجموعة من العميان حتى ندرك أن ما يجرى الآن مقطوع الصلة بما جرى أيام دكتاتورية صدام وتسلطه، وأن سلوكيات البعض ليست بعيدة عن نظام دولة المخابرات والمخبرين السريين، ووثيق الصلة ايضا بحرائق التعصب والانغلاق التي تنتشر اليوم في أكثر من مكان، فحملات اعادة صدام الى الحياة واستنساخ نظامه ومعاقبة الذين يصرخون بوجة الدكتاتورية، لا تزال مستمرة وبنجاح منقطع النظير.
لعل ماجرى ويجري في العراق خلال السنوات الماضية كان تجربة عملية على حرق كل اثر للتغيير وقد كان مشهد الصراع الطائفي على المناصب والمغانم بالغ الدلالة والإيجاز وإذا كان العراقيون البسطاء قد توسموا خيرا بعدسقوط تمثال " صدام " فقد خاب ظنهم حين اكتشفوا ان بينهم اليوم اكثر من صدام، المشهد العراقي اليوم يظل حافلا بالعديد من الأسئلة وعلامات الاستفهام الحائرة.السؤال: ما معنى تضحيات العراقيين في الخلاص من دكتاتورية صدام ليجدوا انفسهم وجها لوجه امام دكتاتوريات القتل المجاني وكواتم الصوت والترهيب والتخوين؟.  ما معنى ان نجد مسؤولين كانوا نائمين معظم سنوات عمرهم في فراش نظام صدام ثم يدعون انهم اصحاب التغيير وحراس الديمقراطية، مامعنى ان يدخل الجميع فى صفقة لتجميل الوجه القبيح للدكتاتوريات العربية، ما معنى ان يصر المقربون من السيد رئيس الوزراء على نعت ثورة الشعوب العربية بالفوضى، كما في تصريح سعدون الدليمي الذي اعتبر تظاهرات العراقيين ومطالبتهم بالخدمات ومحاسبة المفسدين نوعا من الوهم "، إن "من يدعو إلى ربيع عراقي ويعتقد أنه سيجيّش الناس في الشارع ويخلق فوضى لكي يرسم مسارا جديدا فهو على وهم "، لم يكن العراقيون يتصورون أن تضحياتهم في سبيل الخلاص من دكتاتورية "القائد الضرورة" يمكن أن تنتهي إلى دكتاتورية جديدة "، ولم يكن احد يتصور أن العراق الجديد الذي اسقط صنم الطاغية يسعى فيه البعض اليوم وبقوة إلى بناء أصنام جديدة يريدون من الناس أن تركع أمامها ليل نهار، ولم أكن اعلم أن حالة الهلع يمكن أن تصيب ساسة ومسؤولين لمجرد الاختلاف معهم في الراي فيرسلون أزلامهم ليقتلوا الناس بدم بارد، فيما الدولة التي يرفع ساستها شعار الحرية والديمقراطية لم يرف لها جفن وهي تغيب شخصا مثل هادي المهدي في دهاليز قبور العراق الجديد. لقد قامت صورة الدولة بعد 2003 على فكرة تقاسم السلطات والفصل بينها بحيث تمنع ظهور "الحاكم الأوحد" وقد دفع المواطنون جميعا الثمن غاليا بعد عقود من الدكتاتورية التي مارسها صدام وبعد سنوات من الصراع بين أجنحة السلطة للوصول إلى تفاهم مشترك لتقاسم السلطة.التغيير والديمقراطية لم تكن لتتاح لولا تضحيات العراقيين الذين عانوا من سلطة الرجل الذي بيده كل شيء ويعرف كل شيء، لكن يبدو أن البعض لا يريد لصورة القائد الضرورة أن تغادر الذاكرة العراقية. ولو أمعنا النظر فيما يطلقه البعض من السياسيين والمقربين والمسؤولين من دخان اسود ضد المتظاهرين سندرك أن العراق فعلا فى خطر، كونه واقعا بين خطرين يتربصان به، الأول: تصاعد هجمات الحكومة ضد الناشطين السياسيين والداعين الى الاصلاح، مقترنا بتكثيف القصف من قبل الخلايا الحكومية، التى شمرت عن سواعدها لتشويه صورة المتظاهرين واعتبار ساحات الوطن مصدرا للشرور والأخطار على العملية السياسية. أما الخطر الثاني فهو تلك الحالة من الصمت المريب والاكتفاء بالفرجة من جانب أولئك الذين استمدوا شرعية حكمهم للبلاد من تضحيات العراقيين وهم يرون قطعان الوحوش تنهش في لحم الشباب والاعلاميين وفي سمعتهم ووطنيتهم ونقائهم، حتى بلغ الأمر ببعضهم حد التشكيك فى وطنية المتظاهرين. فخرجت علينا بعض المواقع المقربة من الحكومة تقول بالحرف الواحد  "ان من يقف خلف ستار منظمات المجتمع المدني، و كل من يعقد الاجتماعات لتنظيم مظاهرات و اعتصامات تخدم مصالحه و مصالح اسياده خلف الحدود". بل وصل الاستهار بمشاعر الناس وآمالهم ان يقول البعض انه برغم كل الفساد وسوء الخدمات الا ان العراقيين يعلمون ان الحكومة المنتخبة تسعى من اجل تطوير البلد, وان المتظاهرين يقفون حجر عثرة في مسيرة الاعمار والتطوير، ونسي هؤلاء ان صدام ظل جاثما على صدور العراقيين اكثر من ثلاثة عقود وبالحجة نفسها فهو "القائد والضرورة والملهم والمؤمن". اليوم تصبح مسيرات العراقيين وهتافاتهم من اجل الاصلاح ومحاسبة الفاسدين والمفسدين بمثابة النداء الأخير للقوى السياسية بجميع أطيافها، وقطاعات الشعب بمختلف فئاته لإنقاذ التغيير من مخططات وأده وسيناريوهات إجهاضه.إن الحل سيبقى دائما فى ساحات الوطن وها هي ساحات العراق تنادينا كل يوم: كونوا أو لا تكونوا، فالبعض لايريد لصورة صدام ان تغادر ذاكرة العراقيين.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram