TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > أثر الإنفاق العسكري على النمو الاقتصادي

أثر الإنفاق العسكري على النمو الاقتصادي

نشر في: 11 سبتمبر, 2011: 06:58 م

عبد المجيد حسن شياع ثمة سمة مميزة للتطور العالمي اليوم , والتي تتمثل في التصاعد المتعاظم للإنفاق العسكري في معظم بلدان العالم , بحيث أصبح يشكل عبئا يرهق كاهل موازنات أغلب الدول , ويرى العديد من المحللين الاقتصاديين في العالم إن أعباء الحرب في كل من العراق وأفغانستان هي أحد الأسباب الرئيسية للأزمة الراهنة التي ضربت الاقتصاد الأمريكي بدءا من عام ((2007 )) , ومن ثم تحولت إلى أزمة مالية واقتصادية عالمية , تعيد إلى الأذهان أزمة (( الكساد العظيم )) في بداية الثلاثينيات من القرن الماضي .
لقد كانت الطفرة الاقتصادية التي شهدها الاقتصاد العالمي في تسعينيات القرن الماضي ثمرة مباشرة لانتهاء الحرب الباردة , إذ إن جزءا أساسيا من الأموال التي كانت تنفق على سباق التسلح أخذت تتوجه حينذاك نحو مشاريع البنى التحتية الاجتماعية منها والمادية , غير أن تلك الحقبة الذهبية لم تدم طويلا , فنهاية الحرب الباردة لم تجلب السلام النهائي للعالم , وسرعان ما احتدمت التناقضات بين الدول , وانتشرت النزاعات وتفاقمت الصراعات ووقعت الحروب , وتسابقت وتسارعت عجلة سباق التسلح , سواء كانت بين الدول الكبرى , أم بين دول نامية وفقيرة ذات دخول منخفضة ومتوسطة , حيث كانت في آسيا وإفريقيا بالدرجة الأولى .إن الإنفاق العسكري هو بمنزلة قرار سياسي واستراتيجي واقتصادي, حيث إن من البديهي أن تخضع عملية اتخاذ القرار في هذا الخصوص لتأثير عوامل مختلفة, سياسية وإستراتيجية واقتصادية, تتفاعل في ما بينها, حيث تشمل العوامل السياسية الوضع السياسي القائم في البلد المعني, وطبيعة نظام الحكم فيها, ودرجة استقراره السياسي, ومن الطبيعي إن ثمة علاقة مباشرة بين عدم الاستقرار السياسي والإنفاق العسكري, وكذلك في التحالفات الإقليمية للبلد المعني ومدى ارتباطه بتحالفات عسكرية, يمكنها أن تجعل إنفاق ذلك البلد عند مستويات عالية, وأما العوامل الإستراتيجية فتتمثل في خطر نشوب الحرب، حيث إن الإنفاق العسكري يكون عاليا في المناطق التي تلوح في أفقها احتمالات الحرب, وكذلك الحروب الأهلية والنزاعات الإقليمية, والتي تطلق سباقات التسلح بين دول المنطقة ككل, بينما تتمثل العوامل الاقتصادية بتوافر الموارد الاقتصادية, فكلما كانت الدولة غنية بمواردها الاقتصادية, كانت أكثر من غيرها قدرة على الإنفاق على الأغراض العسكرية, والعكس صحيح, ولذلك فإن مستوى التنمية الاقتصادية, والذي يعبر عنه عادة بالتغيرات في متوسط نصيب الفرد من إجمالي الناتج الوطني, فإنه يلعب دورا مؤثرا في تحديد مستويات الإنفاق العسكري, فمع تزايد وتائر النمو فإن هذا الإنفاق قد يميل إلى الارتفاع, وكذلك في الصرف الأجنبي, فإن توافر الصرف الأجنبي يمكن أن يساعد الدولة على تلبية احتياجاتها من المعدات العسكرية المختلفة والمتطورة, مما يدفع النفقات العسكرية أيضا إلى الارتفاع, والعكس صحيح, وأخيرا في التصنيع العسكري, أي مدى وجود صناعة عسكرية لأي بلد, ففي الدول التي تتوافر فيها صناعات عسكرية, تجد المؤسسة العسكرية التابعة لذلك البلد نفسها تحت ضغط ضمان  مستمر وكاف على إنتاج هذه الصناعات, الأمر الذي يجعل الإنفاق العسكري عند مستويات مرتفعة جدا له.ولم تجلب نهاية الحرب الباردة السلام النهائي للعالم ككل, وقد كانت النتيجة النهائية لاحتدام التناقضات بين جميع الدول, وانتشار النزاعات المختلفة وكذلك تفاقم الصراعات, وأيضا تسارع عجلة سبق التسلح, أن تعاظمت النفقات العسكرية لأغلب بلدان العالم, فحسب معطيات معهد ((ستوكهولم)) لأبحاث السلام الدولي, فقد شهدت الفترة من عام ((1989)) وحتى عام ((2006)) ارتفاعا كبيرا جدا وغير مسبوق له في النفقات العسكرية على جميع مستوى العالم, وكان السباق الأكبر للولايات المتحدة الأمريكية بالطبع, والتي شكل الإنفاق العسكري فيها قرابة نصف مجموع الإنفاق العسكري على مستوى العالم ككل, وقدر ذلك الإنفاق العسكري بنحو ((1464)) مليار دولار في سنة ((2008)) وحدها, وبزيادة مقدارها ((4%)) بالأسعار الحقيقية, مقارنة بإنفاق عام ((2007)), وزيادة بنسبة ((45%)) على فترات السنوات العشرة من العام ((1999)) وحتى العام ((2008)), وقد شكل كل ذلك قرابة ((2.4%)) من إجمالي الناتج المحلي العالمي, أو ((217)) دولار لكل فرد, وبقيت الولايات المتحد الأمريكية الدولة الأكثر إنفاقا في سنة ((2008)), حيث استأثرت ب ((41.5%)) من الإنفاق العسكري الإجمالي في العالم, تلتها الصين بنسبة ((5.8%)), ثم فرنسا وبريطانيا وروسيا بنسبة ((4 – 4.5%)) لكل منها, ول تقتصر معدلات الارتفاع الكبيرة هذه في الإنفاق العسكري على البلدان الكبيرة والمتقدمة فقط, بل إن بلدانا كثيرة نامية في آسيا وإفريقيا وأمركا اللاتينية تنفق أيضا قسما كبيرا من ثرواتها الوطنية على اقتناء هذه الأسلحة, وذلك بدواعي حماية الأمن الوطني لها ومواجهة التهديدات الخارجية الفعلية والمفترضة عليها, وبسبب النزاعات الداخلية والإقليمية وغيرها, وتشير الوقائع والمعطيات المتوافرة إلى إن هذه البلدان أهدرت خلال العقود الأخيرة  موارد ضخمة جدا على التسلح, حيث كان من الممكن أن توجهها لمواجهة التخلف والفقر, وأيضا لتحقيق التنمية المستدامة لشعوبها.وثمة علاقة عكسية الآن بين وتائر ارتفاع الإنفاق العسكري والتنمية الاقتصادية, حيث توجد دراسة لأحد الخبراء الأوربيين نشرت في صحيفة ((هانديلسبلات)) الألمانية بتاريخ ((13 حزيران 2002)), تشير إلى إن

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram