TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > العمود الثـامـن :ربيع العرب وخريف المالكي

العمود الثـامـن :ربيع العرب وخريف المالكي

نشر في: 11 سبتمبر, 2011: 11:19 م

علــــي حســين بصراحة لم أستطع استيعاب ما صرح به وزير الثقافة والدفاع معاً السيد سعدون الدليمي من أن ثورات الربيع العربي ما هي إلا مزيد من الفوضى، التي ستنعكس حسب قوله على الوضع العراقي، وقبله خرج علينا رئيس الوزراء محذرا مما يسمى "ربيع العرب"، متسائلا "لا ندري كيف تستقر الأمور وعلى أي قاعدة وكيف ستنطلق الدول الأخرى في عملية البناء والتماسك"، مضيفا أن "الاحتجاجات التي تشهدها بعض البلدان لن تكون ربيعا، بل ستتحول إلى خريف"،
 إذن نحن أمام شعوب تريد الفوضى لبلدانها بعد أن كانت هذه البلدان تنعم بالازدهار والاستقرار بفضل جهود حسني مبارك وبن علي والقذافي وبشار والمناضل العتيد علي عبد الله صالح. يدرك العراقيون جيدا أن بضاعة العديد من ساستنا أصبحت قديمة وبالية، ولا تناسب مطالب الناس بالعدالة الاجتماعية وبالإصلاح السياسي -باختصار شديد- هي بضاعة مزيفة لا يمكن لمواطن ذكي أن يقتنيها، وهي البضاعة نفسها التي كان يصدرها مبارك ومن قبله بن علي مرورا بالعقيد والأخ القائد. لقد بات واضحا اليوم أن المسؤولين العرب -معظمهم تقريبا- من العينة نفسها، وكأنهم إنتاج مصنع واحد متخصص في صناعة الطغاة والطغيان، مصنع لم يفلح في تعديل خطوط إنتاجه ليصنع لنا ولو مسؤولا نصف عادل..الكثيرون يتفقون أن القذافي دمر ليبيا منذ توليه الحكم عام 1969، ويورطها الآن في كارثة، وان نظام الحكم في سوريا أشد بطشاً وعدوانا من أي نظام حكم عربي آخر. بعث سوريا أشد دهاء وخبثا من بعث صدام، لكنه نجح في تسويق صورة زائفة لجزء من العرب مفادها أنه يقود المقاومة ضد إسرائيل. و نظام الأخ صالح مجرد حكم عائلي ينهب ثروات اليمن فيما الملايين تعيش تحت خط الفقر، ولا يفرق مبارك عنهم شيئا فالرجل ظل يخطط لسنوات كي يعيد مصر إلى عهد الأسرة الحاكمة، دجل هذه الأنظمة وكذبها انتهى عندما وجهت رصاصاتها إلى رؤوس وصدور المواطنين العزل في القاهرة والإسكندرية ودرعا وطرابلس ودمشق وتونس وتعز وصنعاء والمنامة. ولا ادري كيف نسي المالكي و مقربوه من صناع الاستقرار ان أمثال مجنون ليبيا كانوا حتى لحظاتهم الأخيرة يسخرون من الديمقراطية العراقية، بل أن العقيد طالب وفي مؤتمر القمة العربية بتقديم شكوى ضد أمريكا لأنها أزاحت صدام، فيما دكتاتور اليمن لا يزال حتى هذه اللحظة يؤوى جماعات مسلحة تهدد أمن واستقرار العراق، ويحلم بعودة عزة الدوري للحكم وقبله قدم حسني الخفيف النصح للأمريكان بان يحافظوا على نظام صدام لأنه صمام أمان لمنطقة الخليج. كنت سأفتخر ويفتخر معي العراقيون كافة لو أن رئيس الوزراء قدم تهانيه للشعوب العربية الثائرة ضد انظمه الطغيان، وكنت سأرفع راسي عاليا لو أن ساستنا قالوا بصوت واحد أنهم مع تغيير هذه الأنظمة الرثة، وكنت سأتباهى لو أن مجلس وزرائنا الموقر اصدر بيانا أعلن فيه تضامنه مع ثوار ليبيا واليمن وسوريا والبحرين ومصر وتونس، وكنت أتمنى ألا يستمر هذا المسلسل الكوميدي الساعي إلى تخويف العراقيين من التغيير في سوريا ومصر وليبيا واليمن ولكن للأسف يبدو أنني لا استطيع اقنع رئيس الوزراء ومعه مجموعة المقربين حتى ولو صرخت بهم دماء آلاف السوريين الأبرياء الذين تم قتلهم بدم بارد لأنهم خرجوا ليقولوا لا. ودماء آلاف الضحايا الليبيين الذين نحرهم العقيد المناضل قربانا لبقائه على كرسي الحكم، وسأظل مندهشاً واسأل : لماذا لا يقتنع السيد المالكي أن الدفاع عن أنظمة دموية تغتال الأطفال والنساء والشيوخ جريمة لا تغتفر؟  ودعونا نتساءل؛ هل أن نظام بشار الأسد والقذافي وصالح، أنظمة ديمقراطية أم لا، هل تقبلها الشعوب أم لا؟، ليس مهما ما ترفعه هذه الأنظمة من شعارات كبرى عن الحرية ومقاومة الاستعمار.. المهم ما يفعلونه على الأرض مع مواطنيهم.كل الذين يدافعون عن نظام الأسد، ويتخفون من ربيع الشعوب العربية لم يسألوا أنفسهم أبدا ماذا تريد الشعوب، وهل من حقها أن تختار حكامها أم لا؟.أيتها الشعوب العربية العظيمة.. وأنتم اليوم تعيشون أصعب أيامكم، لا يهمكم كلام المالكي ولا خزعبلات بعض الساسة العراقيين وتصريحاتهم العجيبة، فحلمكم يقترب من التحقيق، ودماء شهدائكم لن تذهب هباء، وكل السفاحين المجرمين والقتلة سيقفون في يوم قريب داخل قفص العدالة سواء في دمشق أو القاهرة أو طرابلس أو صنعاء مثلما وقف "القائد الضرورة" في بغداد، واعلموا أن الشعب العراقي معكم من البصرة وحتى دهوك سواء وافق السيد المالكي ام لم يوافق.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram