TOP

جريدة المدى > غير مصنف > هل غيّر 11 أيلول وجهَ الأدب؟

هل غيّر 11 أيلول وجهَ الأدب؟

نشر في: 12 سبتمبر, 2011: 05:54 م

اسم الكتاب: الحياة الهانئةاسم المؤلف: غاي ميغ اينبريفي البداية فضل الصحفي الإجابة عن السؤال الذي طرحه في العنوان: نعم غيّرت أحداث أيلول من وجه الأدب. وتعمق في الإجابة إثر قراءته منذ عهدٍ قريب الرواية الأخيرة لـ(غاي ميغ اينبرني) (الحياة الهانئة) بحيث أحيا فيها من جديد شخوصاً كان قد تعامل معهم في روايته (ثلاثون عاماً من تساقط الغبار) وكان أحد هؤلاء الشخوص قد توفي في برج التجارة العالمي. والشيء ذاته ينطبق على بطل الرواية الثانية للمؤلف (جوناثان صفران فور) (أوسكار) وكيف فقد هو الآخر (كما ذكرنا سابقاً) والده في تلك الحادثة.
وأخذت حياة الطفل اليتيم ذي الثماني سنوات، منحاً آخر عندما وجد مفتاحاً مخبأً في وعاءٍ يعود لأبيه وقضى أيامه بعد ذلك ،باحثا عن القفل الذي يتوافق مع هذا المفتاح. وقد أسرف المؤلف في استخدام الطرفة والمزاح السوداويين ولكن بصورة غريبة نوعاً ما: فكلما يجعلنا ظرفاء أكثر، كلما تنساب الدموع من عيوننا حسرة أكثر. وقد تفاجئنا النهاية بمنظر (القافز) الذي يصعد عالياً في السماء بدلاً من أن يتحطم ويتقصف جسده على أرضية القار.وبعيداً عن ذلك، لا ننسَ أن الحادي عشر من أيلول يمثل واحداً من مآسٍ كثيرة وإن كانت كذلك فلماذا يا ترى غيرت طريقتنا في القراءة والكتابة أكثر من الآلاف من المدنيين الذين قتلوا ويقتلون منذ ذلك الحين في أنحاء العالم كافة؟ ربما يعود هذا الأمر إلى العرض الذي بثته معظم بلدان العالم مباشرة. وقد تشبه المسألة هنا وإلى حدٍ ما أول رجل فضاء وطأ بقدميه أرض القمر وكيف أنه قفز من المنصة بلا جاذبية أمام أنظار العالم كله. وجاء في الرواية: "إنها قفزة صغيرة إلا أن تأثيرها كبير....". والتأثير ذاته أحدثه ذلك اليوم لأنه دمّر اليوطوبيا الرأسمالية. وكان الكّتاب والأدباء هم الوحيدين الذين تنبئوا بذلك. وكتبوا عن كثير من الأمور التي لم تجرِ في مجراها الصحيح. إذ توجب على وكالة المخابرات الأميركية توظيف أسماء معينة أمثال: دون ليلو، ي.ج. بلارد برت بلستون ايلس....وآخرون. وليس من البراعة أن نجزم بأن التقدم التكنولوجي والكبرياء الإنساني قد تصادما ليظهر الصراع جلياً على  الشاشة. وما هذا الصدام سوى البداية. فما تغير هو الطبيعة الجمالية وتلك الخاصة بالجيل الجديد. ولم يعد الأدباء من أقران المؤلف قادرين على وصف الحياة كما كانت عليه سابقاً وكيف أمست في نيويورك بعد الحادي عشر من أيلول. ومثال ذلك، جاء في الكتاب بأن الناس كانوا يشعرون بالزهو والخيلاء وبلحظات من الشاعرية لحظة مرور طائرة في السماء، إلا أنه بعد عام 2001، وَلّدَ هذا الحدث لديهم شعوراً بالحزن والخوف في الوقت ذاته. وهكذا صحح العالم روايات هؤلاء. وأدى الإفراط في الإرهاب أو الإرهاب المفرط إلى استخدام مفردات مرادفة لها وهي قابلية الجروح للالتئام بشكلٍ مفرط والدقة المفرطة أيضاً والهلع والرعب المفرطين وكذلك الطرفة المفرطة والمزاح المفرط...الخ. ومنحت الحقائق الجديدة الخيال العلمي دوراً مختلفاً وربما مهمة جديدة لا تتجه صوب فن الأدب التعليمي فقط: فالمؤلف لا يجبر أحداً على إتباع نصائحه ولا يلزم بها أحد سواه. وأعرب فريدريك بيرجيه عن أن الرواية تسمح بفهم الحدث على نحوٍ أفضل وعلى حقيقته لأن الصورة عادة ما تكون صامتة. فهو لم يشعر بشيء عندما رأى الطائرتين تثقبان البرجين، إلا أن الدموع انسكبت من عينيه حالما تذكر وتخيّل الأبرياء الذين لا ذنب لهم سوى تناول وجبة الإفطار فيه. كما يرى بيرجيه أن موت الشخص وهو في مكتبه مشغولاً بأعماله أكثر عبثية من القتلى الذين رحلوا جراء الحروب العبثية. ولطالما شعر المؤلف بالإهانة لكتابته عن مآسٍ أخر تثير الرعب في النفوس إلا أنه يجزم بأن أحداث الحادي عشر من أيلول جسدت فرصة مثالية نسبة للكّتاب وقد اغتنموها بكل ما تحتويه الكلمة من معنى ووظفوها لوصف مآسٍ أخر. ومنها في سبيل المثال، المأساة التي حدثت لبطل رواية المؤلف (لوران موكيفيه) (هيزل) وكيف اقتفى المؤلف عن طريق هيزل هذا أثر مشجعي كرة القدم الذين استقلوا قطاراً لينتهي الأمر بمصرعهم أثناء المباراة النهائية لكأس أوربا، وقد تمكن فريدريك من رؤية هذه المأساة لأول مرة من خلال وسائل الإعلام. إذ تبوح لنا صور الكتل البشرية المسحوقة بين القضبان الحديدية بكلام مختصر ومؤثر أقل بكثير من الكلمات المنمقة والعبارات المنسقة التي تعلو صفحات روايته (بين ثنايا الجماهير) لدار النشر الشهيرة (مينوي). وثمة رأي يقول: إن الأدب قد وجد، منذ أحداث الحادي عشر من أيلول فائدة كبيرة ومنفعة عظيمة: فقد نجح في إضفاء الطابع الإنساني على ما هو غير إنساني وأبدع في وصف ما يتعذر وصفه وانسابت منه الكلمات لتقول ما يعجز عنه الكلام وتتمكن من تخيل ما لا يمكن تخيله أو ما هو بعيداً أساساً عن الخيال...الخ. وقد كتب موغيفيه هذه الرواية بالأساس لتعيننا على رؤية الأشياء بطريقة مختلفة عما نراه بعيني المشاهد الضجرتين والمتعبتين. ويعتقد فريدريك بأن الحائز على جائزة الغونغورد الفرنسية، المؤلف (جوناثان ليتل) لم يتمكن من كتابة رائعة أعماله (المتسامحون) قبل عام 2001. وربما يقول الكثيرون :إن الفن الروائي أوشك على الموت وهذا ليس صحيحاً لأنه في طور التقدم طالما يريد إخبارنا وإعلامنا بشيءٍ ما، وطالما يرغب بإفهامنا أن الإنسانية قد تختفي وتتوارى قبل اختفائه.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

بالحوارِ أم بـ"قواتِ النخبة".. كيف تمنعُ بغدادُ الفصائلَ من تنفيذِ المخططِ الإسرائيلي؟

تحديات بيئية في بغداد بسبب انتشار النفايات

العراق بحاجة لتحسين بيئته الاستثمارية لجلب شركات عالمية

الكشف عن تورط شبكة بتجارة الأعضاء البشرية

مركز حقوقي: نسبة العنف الأسري على الفتيات 73 % والذكور 27 %

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

"إعادة العرض": لوحات فنية ترصد مأساة العراق

اعتقال صاحب منزل اعتدى على موظف تعداد سكاني في الديوانية

البرلمان يستأنف جلساته الاسبوع الحالي بعيداً عن التشريعات الجدلية 

مقالات ذات صلة

البرلمان يستأنف جلساته الاسبوع الحالي بعيداً عن التشريعات الجدلية 
غير مصنف

البرلمان يستأنف جلساته الاسبوع الحالي بعيداً عن التشريعات الجدلية 

بغداد/ المدى كشف نائب رئيس الأقاليم والمحافظات البرلمانية جواد اليساري، مساء اليوم السبت، عن عودة عقد جلسات مجلس النواب خلال الأسبوع الحالي، فيما أكد عدم وجود أي اتفاق على تمرير القوانين الجدلية. وكان البرلمان...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram