عامر القيسيغالبا ما يتحفنا المسؤولون في الحكومة بـ"انجازاتهم" الباهرة، وهم في حقيقة الأمر لا يميزون بين ما هو واجب عليهم لا ينتظرون منه جزاءً ولا شكورا، وبين المنجز الذي ينبغي أن يكون في سياق التحول النوعي في عالم الزراعة والصناعة والتكنولوجيا والثقافة وحقوق الإنسان .
المسؤولون يعتبرون أن القبض على الإرهابيين والمجرمين وتحسن الوضع الأمني في مكان ما "منجز" وهو من واجبات الحكومة في توفير الأمن والآمان، ويعتبرون زيادة ساعة في الكهرباء، إن وجدت، منجزا، ودفع رواتب المتقاعدين في موعدها المحدد، أن حصل، انجازا لا يشق له غبار، وان توفير الرحلات لمدرسة والأدوية في مستشفى... الخ، من "المنجزات" التي ينبغي أن نقف أمامها إجلالا لحكومتنا الرشيدة ونسبح بحمدها ليل نهار!. النماذج المذكورة من باب الامثلة ليس الا، لان هذه الواجبات نفسها غير متوفرة وفي أحسن الحالات سيئة، فالكهرباء شحيحة والمدارس بائسة والأدوية مفقودة. لكنها في نظر الحكومة منجزات! تابعوا تصريحات الوزراء في الفضائيات وستكتشفون أن السادة الوزراء لا يميزون بين ما هو واجب عليهم ومن أولويات مهام مراكزهم الوظيفية، وبين أن يقدموا للمواطنين عملا متميزا ينقل حياة المواطن والبلد من حال إلى حال. لو أن الحكومة مثلا، استطاعت أن تحول البلد من مستورد لمائدته الغذائية إلى مصدر لفائضها، لحسبناه لها منجزا، لو أنها أتحفت السوق بالصناعة العراقية الخالصة المنافسة للمنتجات الأجنبية، نوعا وسعرا، لحسبنا ذلك لها، لو أنها مع كامل الطبقة السياسية استطاعت أن تؤسس لنا ديمقراطية نفخر بها أمام خلق الله لقلنا لها "شبيك لبيك" لو انها وضعت العراق في آخر سلم الدول في نسب الفساد المالي وسرقة المال العام، أو اقل، لقبلنا رأسها وشكرناها ليل نهار، لو أنها يا سادتي جعلت دول الجوار تحسب ألف حساب قبل ان تعتدي علينا وان تحترمنا بقية دول العالم لقلنا لها بالفرنسية "برافو" حتى لا يقال عن الشعب أنه عميل للأميركان! ماذا تفعل هذه الحكومة؟وماذا نفعل بحكومة تعتبر تبليط شارع طوله عشرة أمتار انجازا وتحولا نوعيا وانطلاقا في مارشال إعمار من النوع الخاص جدا؟! ماذا نفعل بمسؤولين يمنون علينا بساعة كهرباء متقطعة ولتر من الماء الملوث ومدارس توزع الكتب في نهاية العام ومستشفيات لا دواء فيها وأجهزة امن تتجاوز على حقوق المواطنين كما لو أنها تشرب قدحا من الماء، وتكتفي من باب رفع العتب بفتح التحقيقات في عمليات اغتيال لنبلاء الوطن والنتيجة، هواء في شبك! نحتاج إلى احد يجيبنا من داخل الحكومة والبرلمان والطبقة السياسية على سؤالنا المؤرق.. ماذا نفعل بكم إذا كنتم لا تفرقون بين ما هو واجب عليكم ومنجز يجب أن تقدموه لتقدم البلاد والعباد وتكتفون بإتحافنا بطلعاتكم البهية من على شاشات الفضائيات تبتسمون وتقولون لنا انتظروا المنجزات؟!!
كتابة على الحيطان: ماذا نفعل بحكومة لا تعرف الواجب من الإنجاز!
نشر في: 12 سبتمبر, 2011: 10:44 م