هاشم العقابييا هادي، انا موجوع في هذا الخميس اكثر من وجع خميس قتلك. تعال واقنعني بانك مت لتريحني من حزني. أنسيت حين غنيننا بالقاهرة معا اغنية "الولد نام يمه يا يمه؟". اردتك ان تنام يا هادي ولكن ليس بهذه الطريقة. كنت تلح علي ان اكثر من نواعي "الدللول". لقد ملت برأسك على طرف الأريكة وكأنك غفوت. لكني حين سكت حتى ادعك تنعم بنومة هادئة، يا من لا تعرف الهدوء، جفلت. عرفت حينها انك ما نمت ولا هدأت، بل ملت برأسك حياء من دموعك التي غلبتك. قلت لي: كمل بروح ابوك. وتناوبنا الانين: "دلول الولد يبني دلول ..
عدوك عليل وساكن الجول". والله بعدك لن اغنيها. لان عدوك مازال صلفا ولم يسكن "الجول". بل انت سكنت المقابر وهو منعم. ألم أقل لك ان في شعرنا واغانينا كذب كثير، وأن من الكذب ما قتل؟ولانه قد "يفوتك من الكذاب صدق كثير"، لذا اجد في قول من قالت في واحد من دارماياتها: "حزن اليموت اسبوع .. حزن العدل دوم"، نفحة صدق. فيا ايها الميت الحي، سيطول الحزن عليك وعلى شعبك الحي الميت. هل تصدق يا هادي ان في شعبك من شتمني البارحة؟ نعم، وحق روحك الطاهرة، لقد شتموني. كتبوا لي البارحة: "لك شخبصتونا انت وربعك وجريدتك بهادي؟ صارلكم اسبوع بس تكتبون عليه؟ شنو هذا هل ...؟". وشتموك أيضا يا صاحبي، بابشع الكلمات البذيئة و "المعطرة" برائحة المديح لحكومتهم "العفيفة".شيء مفجع، لا بل مفزع، ان تسمع من يشتم ميتا ما زال دمه طريا أو يشمت به. لقد همت على وجهي من الفزع يا هادي. صرت ابحث عن ملاذ فلذت بالبحث عما قيل فيك وعنك في المواقع الأجنبية. كتبت اسمك على الجوجل بالانجليزية بأمل أن اجد عند الغرباء من ينصفك ولا يشمت بك. وفعلا وجدتهم كذلك. أجمل ما وجدته كان لقاء معك أجرته صحيفة "نيويورك تايمز" قبل اكثر من عام، وبالتحديد في 14/5/2010. لقد سموك "راش ليمبو" العراق. وهذا الرجل يعد من اشهر قادة الرأي بامريكا من خلال برنامجه الاذاعي الذي يخاطب به الناس كما كنت تخاطبهم في "يا سامعين الصوت". لكن هل اخبرتك التي قارنتك به ان راش وقع عقدا بـ 400 مليون دولار لمدة ثماني سنوات مع احدى القنوات الاذاعية؟ وهل اطلعوا على عقد عملك ان كان لديك عقد بالاساس؟ اعرفك كم كنت محتارا بتدبير لقمة عيشك اليومية يا صاحبي. فخليها سكتة.قرأت ان احدهم اثناء اللقاء أتاك بورقة صغيرة تناشدك ان لا تتكلم عن السياسة في برنامجك في ذلك اليوم. تقول الصحافية، التي حاورتك، انك التفت اليها قائلا: "لعد عليمن احجي .. قابل على أمي؟". هم ترجموها هكذا: What am I supposed to talk about? My mother?. أما انا فبماذا تريد ان اقسم لك لتصدق اني سمعتك باذني وشاهدتك بعيني كيف تقولها. نسيت موتك فضحكت من كل قلبي. ساعد الله قلب امك يا هادي التي ليتك تكلمت عنها فلربما تركوك بحالك. الحوار طويل ولذيذ أيضا. تقول الصحافية ان الاذاعة كانت تستقبل سيلا من الرسائل الالكترونية المجهولة تهدد هادي بالقتل. وآخرها كان منشورا تركوه على عتبة مبنى الاذاعة يقول لهادي: "سوف نقتلك ونقطع رأسك". هادي الذي قرأ المنشور قال للصحيفة: "بصراحة انها مغامرة مني .. انا اعيش لوحدي واخاف .. لكني حين اكون وراء الميكرفون، اصبح سوبرمان".الآن عرفت لماذا فرحوا وشمتوا وشتموا هادي وشتمونا. ولم لا يفرحون؟ فلعمري لقد قالوها وقد فعلوا. زلم آخر زمن.وما بين الالم والحزن، والهم والفزع، اردت أن "افزّع" عشيرة المثففين حين طل الفجر، لاكتب لهم ان: لا تقولوا بان هادي مات حتى نقبر شماتتهم في بطونهم. لكن كيف وهادي فعلا قد قتل. التفت لروحي فغنيت "لا تكولونش مات .. يشمت عدوه" لكن ليس بلحنها الريفي المعتاد بل بطريقة نعي الشيخ الوائلي، وانهيت الاغنية ناحبا:يا اهل بغداد لا مقام لكم بها.
سلاما يا عراق: لا تكولونش مات
![](/wp-content/uploads/2024/01/bgdefualt.jpg)
نشر في: 14 سبتمبر, 2011: 09:26 م