TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > التظـاهـرات الشـعبية.. هل تعيـد لنـا الأمـل بالثـورة؟

التظـاهـرات الشـعبية.. هل تعيـد لنـا الأمـل بالثـورة؟

نشر في: 16 سبتمبر, 2011: 06:42 م

طارق الجبوريفي مجتمعاتنا العربية التصق مصطلح الثورة ومفهومها عند الكثير بالانقلابات العسكرية ، التي شهدتها المنطقة بداية خمسينات القرن الماضي بشكل خاص ، حيث كانت الأحزاب السياسية بمختلف تنوعاتها تعتمد على قادة الجيش لإحداث عملية التغيير الشاملة لأنظمة الحكم التي كانت سائدة ،فكانت ثورة عام 1952 في مصر وثورة  الرابع عشر من تموز في العراق عام 1958 شرارة عمليات تغيير واسعة امتدت لتشمل سوريا واليمن وليبيا وحتى الجزائر التي ارتبط نظامها بحركة تحرر واسعة من الاستعمار الفرنسي وحققت انتصارها عام 1962 لم تسلم من تحكم العسكر أو الابتعاد عن المفهوم الحقيقي للثورة، ونفس الشيء ينطبق على تونس الحبيب بورقيبة التي اتكأت على تاريخ وشخصية بورقيبة وحزبه الدستوري ما أبعدها  تدريجياً عن تطلعات وطموحات المواطنين  .
وإذا كان مصطلح الثورة المتعارف عليه يعني تغييراً شاملاً في كل مناحي الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية ، وتقدماً نحو الأفضل فان ما حصل في بلداننا العربية غير ذلك تماماً ، حيث بقي شعار الثورة يعني تسلم السلطة والاستئثار بها من قبل مجموعة من العسكريين تستهويها لعبة كراسي الحكم فتشرع بين فترة وأخرى بتنظيم انقلاب عسكري يأتي بعناصر جديدة . قد تكون ظروف المرحلة آنذاك  تفرض على الأحزاب السياسية  الاعتماد على خلايا وتنظيمات الضباط الأحرار ، غير أن المشكلة التي طبعت حياتنا وانعكست بشكل سلبي على واقعنا ، هو أن الهدف الذي كان يجمع الضباط الأحرار سرعان ما يتحول إلى أهداف متعددة بمسميات شتى تتناسب والغطاء الذي توفره كل حركة سياسية للانقلابات العسكرية فيتحول رفاق الأمس إلى أعداء  ، وهكذا تحولت الثورة إلى اسئثار بالسلطة ليس إلا . ومراجعة سريعة للأوضاع في محيطنا العربي تظهر مدى ما آلت إليه الأمور تحت كنف " الثورات" ، فإضافة لحملات الاستبداد وقمع الحريات ، عمد بعض الحكام ، وإمعانا في جبروتهم وسيطرة عقلية الاستحواذ على مخيلتهم  ، إلى تهيئة أبنائهم لتسلم زمام السلطة فلم يبقوا من  الجمهوريات إلا اسمها . لانريد أن نستعرض هنا  ما حقتته الثورات في العالم من تغييرات حاسمة في المجتمع ، سواء ما يصح تسميتها بالشعبية ، استناداً الى دور الشعب فيها كالثورة الفرنسية عام 1789 او العسكرية كما حدث في روسيا عام 1917 او الفلاحية في الصين عام 1949 ، رغم ما شهدته هاتان الدولتان لاحقاً من أحداث بعد موجة الثورات الشعبية التي اجتاحت مجمل المعسكر الاشتراكي منذ عام 1989 ، لكنا نذكرها لنقرب صورة الهوة الشاسعة التي صيرتها إلينا الأنظمة الاستبدادية وجعلت الكثير يتحسر على أيام "الملوكية" كما يسميها البسطاء من أبناء شعبنا ، وينتظر خلاصاً عاجلاً وبأي صورة مما هو فيه من ذل وهوان ، حيث وجد كل أحلامه تضيع  لتحقيق  اشتراكية تمثل كل  تطلعاته في المساواة والعدالة  والحريات ، في بلداننا " الثورية وغيرها " لايملك المواطن إلا أن  يحذر الأنظمة وأحزابها التي يفترض أن تمثله ويطمئن إليها . وفي ظل أوضاع مزرية كالتي نعيشها  ومع ما حصل بعدها من تقلبات حادة هوى على أثرها المعسكر الاشتراكي بعد  هيمنة القطب الواحد أميركا بماكنتها الحربية والإعلامية ، لم يكن معولاً كثيراً  ولا ممكناً إجراء تغييرات كالتي شهدتها فترة  الأربعينات والخمسينات  خاصة بعد الضربات التي تلقتها الأحزاب والحركات السياسية التي اختزلت في اغلب الأقطار العربية بحزب واحد  بل بشخص واحد  يهيمن على مقدرات الأمور ويتحكم بمصائر البلاد والعباد. هذه هي الصورة باختصار في محيطنا العربي  لايستثنى منها نظام بحد ذاته بما فيها تلك  التي أعطت فسحة حريات شكلية لتشكيل أحزاب كمصر مثلاً . وسط تلك الصورة القاتمة جاء لتغيير الدرماتيكي في العراق الذي قادته الولايات المتحدة الأميركية في 2003  . فما الذي حدث خاصة على مستوى التطبيق الديمقراطي ؟  وهل أصبح العراق بحق نموذجاً للتغيير الذي قاده الشعب أو كان لحركاته السياسية بمختلف مشاربها  دور مؤثر فيه ؟لن ندعي أن عراق ما بعد 2003 يخلو من ايجابيات أبرزها أجواء الحريات التي تجسدت في تعدد وسائل الاعلام  وانتشار ثقافة الحاسوب في تقصي المعلومة وإجراء انتخابات وحق النقد للحكومة ومجلس النواب  . وهو ما يتبجح به السياسيون وكأنه منة ، متناسين ، لجهل بعضهم بأوليات السياسة أولا وتعمد آخرين منهم تزوير التاريخ القريب جداً ،  حقائق أساسية من أبرزها إن ما حصل حتمية فرضتها المصالح الاميركية قبل كل شيء ولولاها ربما كنا مضطر ين للانتظار سنوات يعلم الله عددها لإحداث التغيير المطلوب بعيداً عن شبح الاحتلال، هذا أولا وثانياً :إن  الأطراف السياسية تعمدت إبقاء الصيغ المحاصصية التي ابتدعتها الإدارة الأميركية لتمييع التطبيق الديمقراطي    والتخلص بهذه الطريقة  من عبء بناء أسس  دولة مدنية مستقبلاً لن تكون بأي الأحوال متوافقة ومصالحهم الحزبية الضيقة ، أما ثالثاً فهو الخطأ الذي أوقعت به نفسها بقصد او بدونه حركات او إطراف وشخصيات سياسية عندما بقيت صامتة وغير مبالية بما يجري من ممارسات خطيرة تؤدي بنتائجها للإجهاز على ما تبقى من صيغ ديمقراطية ومن أخطرها تأخير تشريع قانوني الأحزاب والانتخابات و المماطلة في تعديل الدستور والتجاوز عليه بتفسيرات أفقدت معنى وجوده ، حتى صارت القاعدة استثناء والاستثناء هو القاعدة&nbsp

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram