وديع غزوان لم يكن ما أشيع عن تشكيل غرفة عمليات في وزارة الدفاع لمتابعة نشطاء التظاهرات في ساحة التحرير ، السبب الوحيد الذي دفع بمنظميها إلى اتخاذ خطوة صحيحة بعدم الحضور هذه الجمعة إلى الساحة ، بل بعدم الدعوة إليها اصلاً. فرغم ما قد يتصوره البعض عن هذه الخطوة ويعدها تراجعاً ونجاحاً للإجراءات الرسمية وغير الرسمية التي نفذت بأغطية وأساليب مختلفة لإنهاء حركة الاحتجاج السلمية والشعبية ، فإنها كانت في مكانها وتوقيتها الصحيح لأسباب باتت معروفة لدى الجميع .
وسواء صحّت هذه المعلومة التي نفاها البعض وأكدها الآخر فلا يمكن تجاهل حالة التحسب المشروعة لدى بعض الشباب ، خاصة وإنهم بتجربتهم البسيطة التي نضجت منذ جمعة الخامس والعشرين من شباط ، عرفوا كيف يمكن أن يواجهوا المخططات غير السليمة لأجهزة الحكومة وتفننها في اعتماد أساليب وطرق تجنبها فضح زيف ادعاءاتها و انكشاف حقيقة عقليتها المنافية لأبسط الطرق الديمقراطية ،من خلال إضفاء شيء من الشرعية على إجراءاتها بقطع الطرق و الأزقة و تكثيف تواجد مختلف صنوف الأجهزة الأمنية :عسكر وشرطة وغيرهما وهم يحملون الهراوات ، فأخذت تعتمد أسلوبا مفضوحاً بتكليف عناصر معروفة ومحسوبة عليها في التواجد بكثافة في ساحة التحرير وممارسة مهمة الضغط على صوت الشعب المعارض والمطالب بالإصلاح بهتافات نشاز هدفها افتعال المشاكل والاحتكاك المباشر بالآخرين على طريقة ما فعلته قبل ذلك أجهزة حسني مبارك وغيره من المستبدين . لم نكن نتمنى أن نشهد بعد 2003 مثل تلك الممارسات التي تنمّ عن بقاء عقلية التسلط والانفراد والاستعلاء على المواطنين ، كما كنا ،وياللأسف ، متفائلون جداً بأطراف العملية السياسية متوهمين حرصها على ترسيخ النهج الديمقراطي في المجتمع وان ما يحصل من تجاوزات هفوات شخصية لاعلاقة لها بطرف بحد ذاته . لاأستحي من القول إنني كنت والى فترة غير قليلة بعد أحداث جمعة الخامس والعشرين من شباط ، بقيت أحاول أن أقنع نفسي بعدم خطورة ما يجري من التفاف على أهم ما كسبناه: فسحة الحريات ، غير أن ما حدث في جمعة 10/6 التي أعقبت مهلة المئة يوم بدد كل الآمال كما يقولون ؛ حيث " اشتبك أشخاص مدعومون من الحكومة بالأيدي مع متظاهري ساحة التحرير المطالبين بالإصلاح ). طبعاً لم يكن هذا الحدث هو الوحيد أو الأول بل سبقه كما ذكرنا أحداث يشيب لها الرأس، ومنها اعتقال أربعة نشطاء والادعاء بأن هوياتهم الشخصية مزورة ، وما تعرضوا إليه من أساليب تنكيل لإسكاتهم بحسب ما أعلنوه في مؤتمر صحفي بعد نجاح الضغوطات لإطلاق سراحهم . انطلاقاً من كل ذلك أجد تصرف التجمعات الشبابية بعدم دعوة الناس هذه الجمعة إلى التظاهر في ساحة التحرير إجراء نبيهاً وعقلانياً يندرج ربما في إطار ما يسميه البعض التكتيك للتهيؤ لخطوة أكثر قوة وصلابة تدفع المسؤولين لمراجعة سريعة تنقذ العملية السياسية مما هي فيه ، وتلبي جزءاً من حاجة العراقيين بمختلف مكوّناتهم وتعيد الأمل الذي يكاد أن يفقد إن لم يضع.
كردستانيات :هذه الجمعة!
نشر في: 16 سبتمبر, 2011: 07:16 م