TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > نــص ردن :بزازين الرقيب

نــص ردن :بزازين الرقيب

نشر في: 16 سبتمبر, 2011: 10:31 م

  علاء  حسن في زمن النظام السابق اعترض رقيب وزارة الإعلام على نص مسرحي ، تضمن مشهدا  استمده المؤلف  من قصيدة للشاعر الشعبي المعروف الملا عبود الكرخي يصور هجوم قط على مجموعة من الفئران بعد خرقه اتفاق نهاية الصراع الأزلي بين البزازين والجرذان ، وكان تأويل الرقيب ينطلق من فرضية أن مؤلف النص يريد الإيحاء لفرض إرادة الحاكم بالقوة، مستخدما سطوته وجبروته وضعف منافسيه .
قبل أيام أعلن  احد النواب ملاحقة إعلاميين من منتقدي الحكومة وأدائها ، والتشهير بمسؤوليها بأخبار كاذبة وملفقة ، بالمادة الرابعة من قانون مكافحة الإرهاب ، وجعل النائب من نفسه وزيرا للإعلام ورقيبا مخلصا في أداء مهمته برفضه التعرض للبزازين الجديدة  .خالف النائب وبشكل فاضح وصارخ الدستور العراقي ، وما تضمن من مواد تتعلق بحرية التعبير ، لاعتقاده بان مهمته الرقابية تمنحه حق اعتقال إعلاميين، طالما دافعوا عن النظام السياسي من سراق الديمقراطية ، ودعاة عبادة الفرد وبزازين الأحزاب المتنفذة .دفاع النائب عن البزازين جسّده بتوجيه اتهاماته لوسائل إعلام معروفة ، وصفها بأنها تتجاهل عن قصد الانجازات الايجابية للحكومة ، وخصوصا في ما يتعلق بالملف الأمني ، وتكتفي بتسليط الضوء على الجوانب الأخرى المعتمة والقضايا الخلافية بهدف زعزعة ثقة العراقيين بحكومتهم المنتخبة . تناسى رقيب البزازين ما تشهده الساحة العراقية يوميا من تصريحات وصلت الى حد التشهير بشخصيات سياسية، فهذا دكتاتور، وذاك عميل لدولة مجاورة ، وآخر يقبض الأموال من جهات إقليمية ، ورابع يخطط لتنفيذ انقلاب عسكري ، وكل هؤلاء من المشتركين في الحكومة والملتزمين بالدستور ،بحسب مزاعمهم ، ومن المؤمنين بالديمقراطية والتداول السلمي لانتقال  السلطة ، هؤلاء تجاهلتهم مجسات الرقيب ، فوجه غضبه وتهديده للإعلاميين ، لأنهم لم ينضموا إلى جوقة المؤيدين لرافع راية الانتصار للمظلومين .اعتاد نواب بعض الأحزاب المشاركة في الحكومة تعليق أسباب فشلها في إدارة الكثير من الملفات، وأبرزها الأمني على شماعة الخلاف السياسي ، وبغض النظر عن مدى صحة ذلك ، فان الوضع العراقي الحالي يتطلب من النخب السياسية إعادة النظر بمواقفها وحساباتها لتشخيص الخلل بالوقوف على قاعدة مشتركة ، ولاسيما إن الجميع يعترف بالدستور بوصفه  المرجعية الوحيدة لحسم الخلافات والنزاعات .الدستور العراقي قابل للتأويل وهذه العبارة طالما رددها السياسيون ، ولأنه يتضمن هذا الخلل باحتمال خطا التأويل فستكون مواده معرضة لتفسير ذلك الرقيب المدافع عن البزازين ، وما شهدته البلاد من أزمات سياسية ما زالت مستمرة من دون حسم أو اتفاق يؤكد أن الأطراف المشاركة في الحكومة احتفظت باجتهاداتها وتفسيراتها ، واعتمدتها أسلوبا في التعامل مع الدستور ، ولكن بطرقها الخاصة .دستورنا  يحتوي على العديد من المواد تتطلب التعديل ، وخلال دورة تشريعية كاملة لم يتحقق ذلك، على أمل ان ينجز مجلس النواب الحالي المهمة ، ويحسم الجدل حول النقاط الخلافية ، ولكن ليس في الأفق ما يشير إلى إمكانية إجراء التعديلات الدستورية ، فالبعض يعتقد بان الدستور بشكله الحالي يخدم أطرافا سياسية ليس من مصلحتها إجراء التعديل ، ومقابل هذا الرأي هناك من يرى بان الأجواء السياسية الحالية وفي ظل انعدام الثقة لا توفر الفرص الملائمة لتعديل الدستور .يبدو أن الرقيب المدافع عن البزازين استخدم نظرة أحادية ضيقة  في اكتشاف الأشياء ، فتجاهل أسباب الخلاف السياسي ، وحمل الإعلاميين مسؤولية بروزه واحتدامه ، والتنافس بين الأطراف السياسية في بعض الأحيان يأخذ شكل تراشق بالتصريحات ، وحينما تفشل في تحقيق أهدافها يلجأ المتنافسون إلى الاستعانة بوسائل أخرى لحماية البزازين من انقلاب عسكري  عبر التلويح  بقانون مكافحة الإرهاب ضد السلطة الرابعة .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram