TOP

جريدة المدى > مقالات رئيس التحرير > فخري كريـم:أية صيغـة خارج الديمقراطية تدفع البلد إلـى متـاهات خطيرة

فخري كريـم:أية صيغـة خارج الديمقراطية تدفع البلد إلـى متـاهات خطيرة

نشر في: 17 سبتمبر, 2011: 11:55 م

 فخري كريم

من خلال استضافته في برنامج قريب جدا، الذي تقدمه قناة "الحرة" سلط رئيس  مؤسسة المدى للإعلام والثقافة والفنون الأستاذ فخري كريم

الضوء على عديد من  القضايا التي طرحها عليه مقدم البرنامج  بشأن الأوضاع في العراق ، خاصة ما  يتعلق منها بالعلاقة بين التيارات العلمانية والليبرالية

 من جانب والتيارات الإسلامية  من الجانب الآخر. وانتقد كريم زج الدين بشكل سيئ في السياسة ، مشيراً الى محاولة بعض المتطرفين استغلال الدين لقمع الحريات والالتفاف على الديمقراطية التي نص عليها الدستور . وأوضح  الهدف الحقيقي لحملة الدفاع عن الحريات التي نظمتها المدى وحاول البعض متعمداً ربطها بالخمور والحانات ، مؤكداً ضرورة البناء الديمقراطي للعراق كونه الضمانة الحقيقية لكل المكونات .

 وفي محور آخر تحدث رئيس مؤسسة المدى عن ضرورة التمييز بين ما حصل من تطبيقات خاطئة للفكر الاشتراكي وبين الشيوعية والماركسية كفكر .

 في عدد اليوم ننشر الجزء الأول من اللقاء الموسع، علما أن هذا اللقاء تم تسجيله قبل نحو سنة لكنه بث قبل أيام.

 

 المقدم: مساء الخير،شخصية مثيرة للجدل رجل يتصف بالذكاء الحاد واللطف، في السابعة عشرة من عمره افتتح دارا للنشر،دخل نقابة الصحافة بوساطة من الشاعر محمد مهدي الجواهري،انضم باكرا للإخوان المسلمين ثم إلى الحزب الشيوعي العراقي وقيل انه كان حتى العام 1993 القائد شبه الفعلي للحزب.. أرحب  بصاحب دار المدى الكاتب فخري كريم،أهلا وسهلا بك.

 فخري كريم: أهلا وسهلا شكرا جزيلا.

 المقدم: بداية أستاذ كريم، شيء عن طفولتك،أين ولدت؟ كيف أمضيت طفولتك؟

 فخري كريم: ولدت في مدينة الحبانية وهي معسكر بريطاني وترعرعت فيها   حتى العام 1958 وقيام  ثورة تموز و في عام 59 أبعدت  من اللواء كله إلى بغداد  " كان آنذاك يسمى لواء الرمادي  " بقرار من الحاكم العسكري، ومنذ ذلك الوقت لم أر هذه المدينة التي كانت مسيّجة  ويمنع الدخول والخروج منها إلا ببطاقة  من الحاكم البريطاني.

 المقدم: لم تزرها بعد ذلك ؟

 فخري كريم:أبدا،لم أر المدينة إطلاقا.

 المقدم: مرتع الطفولة؟

 فخري كريم: أبدا لأنه لم استطع،الوقت اللاحق كنت في السجن وفي الاختفاء والمصائب الأخرى،التي جعلتني لا استطيع العودة لهذه المنطقة

 المقدم: إذا ارتد أن اروي  سيرتك بالسجون فقط والهرب من السجن ثم الحياة السرية في بيروت وفي سوريا، يعني سيرة طويلة عريضة، لكني أريد شيئا عن والديك من هما؟ كيف كانت طفولتك ؟ يعني العلاقة مع الوالد كانت صعبة؟

 فخري كريم: لا أبدا بالعكس، أنا مدين في القيم الايجابية في تربيتي للوالدين اللذين كانا يتميزان بالتدين السمح  واعتقد أن العائلة كلها كانت ضحية خياري السياسي والفكري  ودفعوا الثمن غاليا طوال حياتهم.

 المقدم: كانوا ضحية مشاكستك.

 فخري كريم: بالضبط

 المقدم: ماذا أردت؟ سجنت في عهد  عبد الكريم قاسم في  العام 1962، وفي 8 شباط يوم الانقلاب 1963 سجنت في سجون البعث،أليس كذلك؟

 فخري كريم: لا بالعكس  ففي  8 شباط،كسرنا السجن نحن السجناء وهربنا.

 المقدم: كان انقلاب البعث؟

 فخري كريم: انقلاب البعث الدموي الشهير  ومنذ ذلك الوقت حتى عام 1969 أنا كنت في العمل السري.. فقد ألقي القبض علي وأكملت السجن فهربت وخرجت إلى موسكو للدراسة في المدرسة الحزبية، او معهد العلوم الاجتماعية  ثم عدت لأواصل العمل حتى نهاية عام 1969 حيث تحولت الى العمل العلني كنائب لنقيب الصحفيين وفي وقت لاحق  كصاحب لجريدة الفكر الجديد التي كانت هي الجريدة العلنية الأولى للحزب الشيوعي العراقي  ثم مدير تحرير طريق الشعب  اليومية السياسية للحزب الشيوعي. 

 المقدم: فخري كريم أنت عراقي كردي شيعي،ثمة أقلية شيعية بين الكرد  كيف تحدد موقعك اليوم في العراق وسط كل التغيرات ؟

 فخري كريم: هذه عناصر هويتي كوطني عراقي لا أكثر ولا أقل  وهذا هو التعبير عن التنوع في المجتمع العراقي الذي هو أساس بنية هذا المجتمع  المقررة لمصيره.

 المقدم: هل عراقيتك قبل أو كرديتك؟

 فخري كريم: لا تستطيع أن تفصل،فان كنت كرديا موجودا في العراق فأنت عراقي، وان كنت كرديا موجودا في إيران فجنسيتك إيرانية  يعني الجنسية تكتسب بالجغرافية ولكن القومية  تأخذ طابعاً آخر وبالتالي هويتك، يعني أنت بعد ذلك سوف تسألني  وأنت شيوعي أيضا كنت، فأين أنت من هذا كله؟، فإذاً هذه كلها عناصر من هويتك التي تتشكل.

 المقدم: نعم ولكن القومية قبل الجنسية؟

 فخري كريم: أنت قومي أنت كردي لا تستطيع ان  تنزع هذه الصفة منك، ولكن أنت يجب أن تقول هذه العناصر الثلاث ماذا خلقت منك ،آنذاك سأقول لك  هويتي الإنسانية.

 المقدم: هل حقق الكرد العراقيون مطالبهم، والى ماذا يطمحون بعد؟ البعض يقول إنهم مشكلة للعراق؟

 فخري كريم: أنت تلاحظ  في مختلف المراحل هم كانوا، وأنا أتحدث كعراقي ومن موقعي الفكري والسياسي، كانوا أساسا لوحدة العراق  وليس العكس. اما فيما يتعلق بحق تقرير المصير،فللأسف الشديد هناك فهم خاطئ  لحق تقرير المصير.. هناك من يعتقد آن هذا الحق  بشكل مطلق يعني الانفصال  والحال ليس هكذا، فحق تقرير المصير من الممكن أن يأخذ طابع حقوق ثقافية، طابع حكم ذاتي، فدرالية اتحادية الى آخره .الآن  القيادة الكردستانية عبرت بشكل  واضح وفي كل المناسبات ان حق تقرير المصير بصيغة الدولة الاتحادية الديمقراطية يعبر عن تطلع الشعب الكردي،ولكن هل  إن هذا مطلق،لا فهذا مرتبط بهذا الظرف.

 المقدم: بصراحة إن هذا يعني أنهم  يسعون إلى دولة كردية؟

 فخري كريم:هناك شعب،وليس هناك من قومية لا تتطلع الى  أن يكون لها كيانها المستقل  لكن هذا رهن بالظروف ورهن بالصيغة التي يسير عليها العراق الديمقراطي الاتحادي،والكرد مثل المكونات الأخرى يشعرون أنهم معبر عن  تطلعاتهم وعن ذاتهم الحقيقية.  فلماذا  يفكرون بصيغة أخرى.

 المقدم: الكرد المتواجدون في سوريا في تركيا كيف تتخيل مستقبلهم؟

 فخري كريم:هذا رهن بتطور الأوضاع في كل بلد وهذا رهن بالصيغة التي سوف تتشكل فيها المجتمعات  داخل هذه البلدان، و كل شعب هو الذي يعبر  عما يريد ولا استطيع أن أنيب عن احد.

 المقدم: فخري كريم في الدستور العراقي  أن الدين  الإسلامي هو احد مصادر التشريع  على  ألا يتعارض مع الديمقراطية، لكن تقول  وتكتب أن القوى المتطرفة تفتح العراق  على أبواب جهنم  ما الذي قد يحول بين ذلك  هل الديمقراطية في العراق هي توافقية كما في لبنان؟

 فخري كريم: أولا فيما يتعلق بالدستور كما تفضلت أكد  بشكل واضح على ان الإسلام مصدر من مصادر التشريع على ان لا يتعارض مع المبادئ والقيم الديمقراطية واعني بذلك  كل أولئك الذين شكلوا لجنة كتابة الدستور  من جميع المكونات  توقفوا طويلا عند هذه المادة  وجرى صياغتها بدقة لكي يجري التدقيق على أن النظام  هو نظام ديمقراطي  وليس نظام حكم إسلامي. و  للأسف هناك تشوه  وهناك من لا يفرق بين الدولة الإسلامية ونظام الحكم الإسلامي،العناصر المتطرفة التي أشرت إليها.. نعم إنها تسعى  لدفع الأمور  بالاتجاه الذي يتعارض مع الدستور ولكن الضمانة في تقديري هي وعي كل المكونات بان اي صيغة خارج الديمقراطية التعددية التوافقية سوف  تدفع البلد الى متاهات لا احد يعرفها.

 المقدم: لماذا قلت ان المشاريع  الوطنية للسنة والشيعة على المحك بعدما تشكلت الحكومة وقد بات  هناك تحد امام رئيس الحكومة  السيد المالكي، ما هو المطلوب منه بوجهة نظرك؟    

 فخري كريم: قلت لك وأؤكد هنا ان  مختلف القوى التي دخلت في قوائم الانتخابات الأخيرة وحتى في انتخابات المحافظات لا بد انك تلاحظ أنها اختارت صيغا وطنية  بمعنى أنها مشاريع وطنية وليست مشاريع طائفية أو دينية.. لا توجد في القوائم  التي دخلت الانتخابات سواء في المحافظات او في الانتخابات النيابية العامة الا على وفق مشروع  وطني. انا اعتقد ان المرحلة القادمة، السنوات الثلاث القادمة  ستضع  كل هذه القوى على المحك  هل هي مشروع وطني؟ هل ان هويتها وطنية،ام انها طائفية؟ الكل مشمولون بهذا التساؤل، رئيس الحكومة الذي شكل قائمة دولة القانون  سواء في انتخابات المحافظات او في الانتخابات الأخيرةـ وهذه القائمة قد أحرزت 89 مقعدا بمعنى أكثر دقة  المقاعد موزعة بين  القوائم الشيعيةـ وكذلك القوائم الأخرى العراقية التي تقول  انها مشروع  وطني وليس طائفياً وكذلك  الائتلاف الوطني.. كل هذه القوى  ستكون  الآن و في المرحلة القادمة امام  متابعة  الناخب  العراقي  المواطن العراقي، الذي سيتابعها. هل هي مشروع وطني ام طائفي؟ وهل هي تسعى لتكريس  أسس الدولة المدنية؟

 المقدم: دعنا نناقش لماذا قلت بغداد لن تكون قندهار، وانتقدت حركات الإسلام السياسي وقلت إنها تسيء الى الإسلام  وبغداد  لن تكون قندهار أخرى  على اي أساس تبني كلامك،هم يقولون ان الحرية التي تدعون اليها  اجتماعيا على الأقل مبالغ فيها، يعني الخمر  ليس  حرية، الحانات ليست حرية، هناك ضوابط هي بنت المجتمع وبنت البيئة،كيف ترد؟

 فخري كريم: نحن  لم نتحدث لا عن الخمور ولا عن الملاهي الليلية ،فقد تحدثنا عن الحريات العامة  ولكن للأسف الشديد ان هذه القوى  وأمثالها  تبدأ بما هو منكر  وغير مقبول اجتماعيا بشكل عام، نحن تحدثنا عن الحريات بشكل عام.. في البصرة بدؤوا في السرك، وحتى العارضات كن يلبسن ملابس محتشمة لكنهم ألغوا السرك بعد شهر، وفي إحدى المحافظات فرضوا محرما على عضوات مجالس المحافظات ويتقاضون رواتب، في محافظات أخرى فرضوا الحجاب على صبيات  لم يتجاوزن  الخمس سنوات،ومنعوا الاختلاط في المدارس الابتدائية، و في بغداد بدؤوا باقتحام اتحاد الأدباء  الذي أسسه الجواهري بعد ثورة 14 تموز وأغلقوا النادي الاجتماعي. نعم ربما في النادي خمور الى آخره، ولكنهم اقتحموها بالشرطة والجيش بحجة أنها لا تمتلك رخصة، في حين  انه  وفي أماكن أخرى هناك حانات بين البيوت، في الكرادة مثلا ،وانا تساءلت مع احد المسؤولين  هل هنالك احد من المسلمين ممكن ان يفتح حانة  في منطقة الكرادة  من دون ان يكون مسندا من احد الجهات السياسية القوية؟.دون أدنى شك ان هذه الجهات هي جهات إسلامية وليست جهة أخرى، لذا فهذا يعني أننا  اعترضنا ودافعنا عن الحريات  بشكل عام  وفقا للدستور لكنهم لخصوا   هذه القضية  بالخمور والنوادي!

 المقدم: ماذا تطلبون انتم  من حركات الإسلام السياسي؟ يعني توجههم ديني ويريدون توجه دولة دينية،وانتم تختلفون  معهم ،هم يواجهونكم بأنه الله يقول هكذا  والدين يقول هكذا. هذه المعركة  مفتوحة في كل العالم العربي  هناك من يتكلم  باسم الله هل من أفق لهذا الجدال او هذا الصراع ،كيف يمكن للقوى الليبرالية ان تواجه الله؟

 فخري كريم: للأسف لو كانت المواجهة مع الله سبحانه و تعالى كان من الممكن أن نصل الى تفاهم ولكن المشكلة ان وسطاء كثر  ليس لديهم وسيلة اتصال لا بالله ولا  بالرسل  هم من يحاولون أن  ينوبوا عن الله. الحديث لا يدور عن صراع مع الله ولا مع الأنبياء ولا مع الأولياء، الصراع يدور مع بشر وهؤلاء البشر من كل الطوائف  هم مدارس ونحل، وهناك صراعات فيما بينهم. من هذا الجانب أنا قلت ان الإسلام السياسي في الغالب يسيء الى الإسلام  لأنه في الغالب ما يدخل  الإسلام او يدخل الدين، سواء  إن كان مسيحيا او إسلاميا، في صراعات سياسية. وفي السياسة كما تعرف  هنالك ممارسات  كثيرة جدا تتعارض مع القيم  الدينية بشكل عام.. وهنالك خرائب, وهنالك فساد وتفسخ  فانا دائما  اطرح هذا السؤال، لنتحدث عن قيمتين  في الطائفة السنية  من الذي يعبر عن  الإرادة السماوية؟ بن لادن؟ طالبان؟ الشوافع او السلفيون او الاخوان المسلمون؟ وهؤلاء يتقاتلون في أماكن متعددة، وبين الشيعة  في العراق، هل هم التيار الصدري  او المجلس الأعلى  او حزب الدعوة برئاسة المالكي او برئاسة ابراهيم الجعفري.. من يعبر عن هذا؟ وبين هؤلاء صراعات سياسية لماذا نقحم  الدين في كل هذا، أضف الى ذلك ان  الدستور منع استخدام الرموز الدينية والمساجد والدين  في الصراع السياسي.

 المقدم: ولكن من يحترم الدستور؟

 فخري كريم: للأسف الشديد لا يحترمون الدستور.

 المقدم: طيب أين هي المشكلة هل المجتمع مهيأ لتقبل  فكر سياسي على أساس ديني، أليس المجتمع مهيأ؟أليس ان الأحزاب الليبرالية لا تقدم بديلا مغريا والعلمانيون لا يقدمون بديلا مقنعا؟

 فخري كريم: طبعا وللأسف أن الانهيارات الكبرى التي جرت في العالم خلقت فراغا على الأرض.

 المقدم: سنتحدث عن العراق أستاذ كريم. 

 فخري كريم: هنالك تراجع خطير جدا  لدى القوى الديمقراطية ،ليس هناك قوة ديمقراطية فاعلة  وقوية تستطيع ان تقدم  إجابات على التساؤلات ولا على حاجات المواطنين  وبالتالي تفسح المجال امام القوى الدينية.

 المقدم: لماذا ليس بإمكانكم تقديم قريبين من الفكر الغربي الحديث  لأنكم قريبون من الأمريكيين،لماذا المشروع الليبرالي في العراق وفي بقية دول المنطقة العربية يتعسر،والناس يذهبون تجاه المشاريع الدينية لماذا في رأيك؟

 فخري كريم: هذا أساس موضوعي في كل العالم، يعني ان الانهيار الذي جرى كما ترى  ليس محصوراً  في العراق ولا في البلدان العربية، ولا في العالم  الثالث، فحتى في البيت الأبيض  في العقود الأخيرة  كان  رؤوساء  في البيت الأبيض، يلجؤون الى عرافين. فسحة الأمل تراجعت بالنسبة للناس  والمشاريع الكبرى التي كانت تبشر بجنة على الأرض  لم تتحقق،  بل للأسف الشديد قد انهارت.. الإنسان عموما لم  يجد تمامه إلا أن يتوجه الى شيء آخر، وأرجو أن لا يساء فهمي، يعني ان يرتبط بتلك المشاريع التي تعده  بجنة أخرى.أنا لا أقول شيئا فيما يتعلق بهذا الأمر ولكن ان هذا الوعد  يكون على حساب الحياة في الأرض،  و للأسف الشديد  الحركة الديمقراطية تراجعت في اغلب مناطق العالم.

 المقدم: يعني انتم،الشيوعيين، وعدتم الناس بجنة على الأرض وكان من السهل عليه ان يكتشف ان هذه الجنة لم توجد  أما عن  الجنة في السماء فمن الصعب ان تقول له ان ليس هناك جنة فيها ؟

 فخري كريم: لماذا نقول له ان ليس هناك جنة في السماء ،اذا كنا لا نستطيع تقديم الجنة في الأرض فلماذا نمنعه عن الحلم  بان هنالك جنة  أخرى،ولكن على ان لا تدفعه إلى اليأس. 

 المقدم: أنت أشرفت على  المجلة الفصلية (النهج) كانت مجلة الأحزاب الشيوعية  والعمالية في الدول العربية  وهي كانت من أفضل المجلات الثقافية وعندك نضال كشيوعي  وماركسي  اليوم  بعد عقد ونصف او عقدين  على انهيار الشيوعية  هل ما زلت شيوعيا؟

 فخري كريم:أولا انهيار التجربة الاشتراكية في العالم،وليس الشيوعية،لان الشيوعية فكر كيف تنهار!

 المقدم:أليس هناك من أفكار توضح انها غير صالحة للتطبيق في الواقع؟

 فخري كريم: الناس منذ قرن  او قرنين يقولون ان الرأسمالية غير صالحة ولكن  المفكرين الى الآن  لم يستطيعوا ان يكتشفوا الميكانيزم للرأسمالية وقدرتها على ان تتجاوز أزماتها  ونحن كنا نقول ان هذه الأزمة هي أعلى مراحل الرأسمالية  وسوف تنتهي.

 المقدم: الأزمة الأخيرة ؟

 فخري كريم:لا،قبل الأخيرة  حتى في أواخر القرن الماضي كنا  نقول  أثناء الإفلاسات الكبرى في العشرينات ان هذه المرحلة العليا للرأسمالية  وسوف  تنتهي او الامبريالية هي المرحلة الأخيرة.

 المقدم: الأزمة المالية الأخيرة في العالم،البعض قال ان ماركس قد عاد الى مسرح العالم؟

 فخري كريم: هو لم يغب  و يبني الذين يقولون ان  ماركس عاد  استنتاجاتهم على ان الفكر الليبرالي نفسه  واجه أزمة كبيرة  عندما  اتخذ إجراءات هي على الضد من فكره  في ميدان الاقتصاد، وتدخل الدولة  بصورة مباشرة ومساعدة للمصارف  وضبط الحركة الاقتصادية في العالم كله  وليس فقط في الولايات المتحدة، وبالتالي أود ان أقول لك ان الماركسية  كفكر لا اعتقد بأنها انتهت  لان الأدوات الماركسية فيما يتعلق بتحليل المجتمع  تعاد صياغة ما ينبغي منها  اليوم   من قبل مفكرين كبار  في الغرب وليس في الشرق، جومسكي، هوبسباوم، وميلي باند وعشرات المفكرين الكبار في الولايات المتحدة  يتصدون لهذا. وعن سؤالك هل أنا شيوعي؟ يعني الشيوعي هو ان يكون منتميا للحزب في داخل البلد  ومنظم في خلية او هيئة  تؤمن بالبرنامج الداخلي وتحضر الاجتماعات،بهذا المعنى أنا متقاعد.

 المقدم:أنت ماركسي ام ليبرالي ؟

 فخري كريم: أنا لست ليبراليا  وماركسيتي هي محدودة ،لان الماركسي يجب ان يعتمد على المعرفة  بالفكر الإنساني عموما، وبالتالي أدوات الماركسية ان تكون  متمكنا منها،  ونحن للأسف الشديد كنا نتحدث  عن ماركسيين  بالانتماء وليس  بالثقافة  ولا بالدراسة ولا بالوعي  المبني  على مثل هذه الدراسة.

 المقدم: قلت لي خلال تحضير الأحزاب الشيوعية  العربية  كانت كلها مجلوبة مستوردة   لم يكن هناك فكر ابن للبيئة المحلية؟

 فخري كريم: لا  ليس مستوردة وإنما  لم تكن  مستندة الى دراسة  الواقع

 المقدم: ألم تكن ممولة من الخارج والاتحاد السوفيتي ؟

 فخري كريم: دعني  أقول لك بصراحة....

 المقدم: قال ذلك كريم مروة في هذا البرنامج.

 فخري كريم: كريم مروة   له اجتهاداته الخاصة  يعني الأحزاب الشيوعية صحيح أنها بنيت تحت تأثير نجاحات الاشتراكية  في الاتحاد السوفيتي وأيضا استندت على المعرفة التي كانت تضخ من هذه البلدان،لكنها لم تستند على دراسة فكرية منهجية  للمجتمعات التي أنشئت فيها هذه الأحزاب  وتتحرك برامجها وتوجهاتها وشعاراتها على أساس استنتاجات من هذه الدراسة.

 المقدم: من المآخذ على الشيوعيين الإلحاد مع ان ليس كل الشيوعيين  او الماركسيين ملحدين وقيل  ان هذه الفكرة كانت وراء عدم  نجاح  الاشتراكية والأحزاب الشيوعية في العالم العربي،أنت على صعيدك الشخصي مؤمن؟ ملحد؟

 فخري كريم: لقد سئلت هذا السؤال  عدة مرات ودائما أجيب كما يلي،أنا  لا ادعي الإيمان  ولا أتفاخر بالإلحاد  وأود ان أقول  لك ان الإلحاد مثل الإيمان  بحاجة الى معرفة  موسوعية في مختلف المجالات  ،اذا كنت تريد  ان تتحدث عن الإيمان الحقيقي والإلحاد الحقيقي  هذا من جانب، اما من جانب اخر  فربما المشاهد لا يعرف  ان هنالك عددا كبيرا من الملحدين في الولايات المتحدة  وفي اوروبا  ربما اكثر مما سمي بالبلدان الاشتراكية، ولكنهم  معادون للشيوعية  كيف تفسر هذا ؟.. هم ملحدون   ولكنهم معادون للشيوعية.. معادون للاشتراكية. فإذن ليس هناك من رابط بين الإلحاد  وبين الشيوعية وقد استخدمت في حينها فزاعة سياسية لكي  يلاحقوا الناس سياسيا، وأنت تعرف ان تهمة الشيوعية  كانت تترصد كل القوى السياسية دون استثناء. في العراق المادة التي كانت تحكم على الشيوعية كانت تحكم على البعثي وعلى الإسلامي  وعلى حزب الاستقلال وحزب الوطني الديمقراطي ما يعني ان لا رابط بين الاثنين  وليس هناك في اي منهج من مناهج الأحزاب الشيوعية من يتحدث عن الإلحاد. واسمح لي ان أشي لك عن حادثة  بسرعة فبعد ثورة 14 تموز  كان  كل من في المنطقة  الريفية والفرات الأوسط والجنوب من الفلاحين من أنصار الحزب الشيوعي أما أعضاء أما  أصدقاء وأما  منتمون الى جمعيات فلاحية، طيب هؤلاء  هل كانوا ملحدين؟! بالعكس أشير لك على واقعة انه أثناء  الاجتماعات  التي كانت تحصل في ريف القرى، وربما  هذه مفارقة، وعندما  كانوا يجلسون ويتحدثون و يريد ان يؤكد احدهم  ان كلامه صحيح يقسم بالله العظيم والعباس  والحسين  الشهيد.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram