بغداد / قيصر البغدادي – مجموعة طلاب من جامعة بغداد مقمعون، يائسون، غير واثقين بأنفسهم، هكذا عبر أغلب الشباب عن أنفسهم في الاستبيان الذي أجرته مجموعة من الطلبة العراقيين في الجامعات العراقية ، الاستبيان الذي أطلع عليه وقرأه أكثر من 700 شاب وفتاة، وشارك 123 منهم فعلياً به ربما يعطي - بالأرقام - صورة واضحة للحال التي وصل إليها شبابنا في ما يتصل بحرية إبداء الرأي والتعبير.
بداية دعونا نقول إننا عنينا بالدكتاتورية القمع والكبت والضغط المجتمعي والفكري، متحفظين بذلك على أي تأويلات سياسية للكلمة، فالدكتاتورية كما نراها باتت سلوكاً اجتماعياً مكرساً أكثر من كونها إرادة وممارسة من حكومية ، فالوالد قد يضرب ابنه إن تبول بغير إرادته، والأستاذ قد يوبخ تلميذه لمجرد أنه خالفه الرأي، والشاب قد يعادي زميله لأنه لم يقتنع بوجهة نظره . إن هذه الدكتاتورية تعيد إنتاج نفسها منذ عقود، وبالتالي فإن أي فرد من هذا المجتمع لا بد من ان يمارس دكتاتوريته أينما حل، سواء صار وزيراً أو خفيراً أو أو موظفاً أو بقي فرداً هامشياً، سيصبح دكتاتوراً ما لم يضع حداً لتورطه في هذه الأزمة الأخلاقية. الاستبيان الذي أجراه الطلاب شمل 3 أسئلة، سنعرض هنا لأهمها، ولما دار من نقاشات حولها هل تعتقد أن الدكتاتورية تُمارس ضدك.؟عن هذا السؤال أجاب الغالبية بنعم ،وفي معرض تعقيبهم عليه نقتطف جزءاً مما قاله البعض. احمد سالم 20 عاما كلية التربية : نعم أنا لا أعتقد بل متيقن من أنها الدكتاتورية تمارس عليّ من كل الجهات .سميّة عادل 19 عاما كلية العلوم :برأيي الدكتاتورية هي كالهواء الذي نتنفسه فهي موجودة في كل مناحي حياتنا ، وبأشكال مختلفة وعديدة . الدكتاتورية تتجلى من خلال فرض الرأي دون أن تستطيع نقاش أو فعل عكس ما تم أمرك به، وكثيراً ما نتعرض في حياتنا في البيت أو في الشارع أو في العمل أو في دائرة من دوائر الدولة لعملية من هذا النوع. وأمام جرأة الكلمة وحدّتها فضّل آخرون عدم الإجابة، مكتفين بالرفض والاستغرابمن المسؤول عن ذلك..؟ كان جواب الغالبية على هذا السؤال أن الحكومة هي المسؤولة أولاً وأخيراً.المسؤول هو الحكومة لأنها هي التي تمسك بزمام الأمور وتتحكم في جميع مفاصل الدولة، رغم ذلك لم ينف البعض مسؤولية الفرد والمجتمع في تكريس الدكتاتورية كسلوك اجتماعي.حارث 21 عاما ، كلية الهندسة : كلنا يحمل بداخله دكتاتورا،ويمارس دكتاتوريته أولا على نفسه ومن ثم على الآخرين، وبالتالي أنا ألقي بالمسؤولية الكبرى على عاتق الفرد، برأيي يجب أن نبدأ من أنفسنا،أي أن نكون واعين لحقوقنا وأن نعيش الديمقراطية ونمارسها مع أنفسنا أولا، ثم المجتمع .سحر 22 عاما ، كلية الآداب : برأيي المجتمع هو السبب، لأن كل من الحكومة والفرد ينتمون للمجتمع، وأرى بأن الحكومة تحمّل المجتمع المسؤولية، والمجتمع يرى العكس. فيما ذهب البعض إلى حد تحميل الجميع المسؤولية، معتبرين أنه لا يمكن إسقاطها عن أحد. سرمد هشام 23 عاما ، كلية التربية الرياضية : أنا مسؤول والمجتمع مسؤول والدولة مسؤولة وعلماء الدين مسؤولون والمثقفون مسؤولون والقضاة مسؤولون،لا يمكن أن تكون جهة لوحدها هي المسؤولة، فأي دكتاتور لن يكون دكتاتوراً بدون سلطة فاسدة مستبدة، ودون نخبة مرتزقة ، ودون علماء جهلة وأنصاف متعلمين، ودون شعب خانع ذليل.هل تعتقد أنك ستقدر في المستقبل القريب على قول رأيك بحرية؟. لعل هذا السؤال هو الأهم من بين ما طرحناه،وقد قصدنا من طرحه استشراف الآفاق المستقبلية التي يتطلعون إليها في ما يخص قدرتهم على التعبير عن آرائهم، وكما كان متوقعاً بدا الغالبية محبطين وغير واثقين بأنفسهم، وهذا ما عكسته نتيجة التصويت إذ أجاب 60% بـ لا.علاء محمد 24 عاما ، كلية القانون : الحكومة تضع معايير معينة تناسبها لتأمين ممتلكاتها أو ما يعرف عندنا بمؤسسات الدولة، و الشعب من جهته يريد " تشعيب" هذه المؤسسات للمشاركة في بناء وطنه ، هذه المفارقة تصنع اضطرابات وسوء تفاهم بين الطرفين، وفي كلتا الحالتين الشعب هو الخاسر. مروة حاتم 19 عاما ، أكاديمية الفنون الجميلة : برأيي أن الموضوع لا ينتهي عند إبداء رأينا بصراحة و بدون خوف، والسؤال هنا هل يا ترى سيسمع رأينا ويكون له قيمة سواء كان ذلك في البيت أو بالجامعة، و بالجامعة تحديداً الجميع يدعي الديمقراطية،ولكنك تفاجأ بعكس ذلك. ودائماً يبقى هناك من يرى بصيص أمل يمكن النفاذ منه،ولاء حسن 22 عاما ، كلية الإعلام : نحن من يصنع حريتنا بفكرنا و استغلال القليل المتاح في سبيل الحصول على الكثير المأمول، الحرية لا يعطيها الآخرون إلا لمن يسعى في سبيل الحصول عليها، و هذا السعي يجب أن يقترن بالوعي بمختلف آفاقه.
إنهم خائفون... من دكتاتورية جديدة
نشر في: 23 سبتمبر, 2011: 08:12 م