إحسان شمران الياسرياستمعت باهتمام إلى الندوة التي عرضتها قناة العراقية الفضائية عن موضوع إعادة هيكلة العملة العراقية وحذف ثلاثة أصفار منها. وكنت قد استمعت إلى تصريحات أحد المسؤولين في الدولة الذي يُعارض هذهِ القضية ويُسوّق الذرائع عن مخاطر الموضوع..
وقد فعلت قناة العراقية خيراً إذ التقت محافظ البنك المركزي العراقي ونائبه والسيد رئيس اللجنة المالية في مجلس النواب.. تقول الفكرة التي يُبشّر بها البنك المركزي إن عملية رفع الاصفار تهدف إلى تقليل أعداد الأوراق النقدية التي يتداولها الناس.فالبنك ينوي طباعة سلسلة جديدة من الأوراق النقدية تتضمن فئات عالية (50 ديناراً، 100 دينار و200 دينار)،إضافة إلى الفئات الموجودة حالياً بعد حذف أصفارها (5 دنانير، 10 دنانير و25 ديناراً).. وبهذا تصبح الفئات الكبيرة أدوات مهمة لحمل النقود وللادخار ولإنجاز المعاملات المالية الكبيرة.. إذ تصبح الورقة ذات الفئة الكبيرة (200 دينار أو 250 ديناراً) تعادل نحو (200) دولار. وبهذا لا يكون المواطن مضطراً للبحث عن الدولار و(دفاتره). وبإمكانه إنجاز معاملاته بعملته العراقية. أما الفئات الصغيرة (5، 10، 25) فهي تؤدي الغرض بالمعاملات اليومية.ووجود الفئات الكبيرة من العملة يساعد على تقليل عدد الأوراق التي ستطبع، إذ تعادل آخر فئة نحو عشرة أضعاف أكبر فئة من عملتنا الحالية وهي (25000) دينار والتي ستتحول إلى (25) ديناراً. وستختصر فئة الـ (100) دينار أربع أوراق نقدية من أعلى فئة (25000) دينار وتختصر فئة الـ (50) ديناراً فئتين منها.وتذهب فكرة البنك المركزي إلى قصة أخرى، وهي الأرقام الحسابية الكبيرة التي تملأ أعمدة الموازنات والجداول والميزانيات.. حتى قيل إن العراق هو الدولة الوحيدة بعد أمريكا الذي أصبح يتعامل بالترليون!.. ولا يستفيد الجمهور وحده من عملية تقليل الأرقام الحسابية، بل تستفيد المؤسسات والشركات بعد أن تترشّق معاملاتها وحساباتها بما يتوافق مع الهدف.ومن ناحية الأهداف النفسية، قد تتمكن عملية رفع الاصفار من إضفاء الثقة بالعملة الوطنية التي ستكون قريبة من حيث القيمة من الوحدة العالمية وهي الدولار.. سيكون الدينار الواحد مقارباً للدولار.. وهي خاصية افتقدناها منذ عام 1980 بعد أن بدا الهوان يزحف لعملتنا الوطنية.إن ما علق في أذهان الناس من عملية استبدال النقود التي حدثت عام/2003 التي جرت بشكل عاجل وخلال ثلاثة أشهر، لم يجر التركيز عليه من قبل المسؤولين، للتأكيد على مدد الاستبدال التي أوضحها السيد المحافظ.. فبدلاً من ثلاثة أشهر التي استغرقتها العملية عام/2003، يبدو إن هناك أجلاً أطول، وآليات أفضل، وأنظمة رقابة شديدة كما قال النائب حيدر العبادي.. وهذا هو بيت القصيد في المخاوف التي حاول إطلاقها المسؤول الحكومي حتى قبل أن يتداول البنك المركزي مع الحكومة والسلطة التشريعية.. يجب ألا نتناسى عشرات الضحايا الذين سقطوا صرعى الغيلة والغدر وهم يحملون أكياس الدنانير في الأسواق والمؤسسات.. ولا نتناسى ألوف الموظفين الذين فقدوا معاشاتهم وهي في الطريق من المصارف..إن عمليات استبدال العملة بعملة جديدة ستحقق الكثير، حتى لو كان بعض المكاسب والمزايا للأمة مؤجّلاً حتى حين، لكن الظاهر للعيان أن مقتضيات الشروع بالمشروع أولى من التأجيل.
على هامش الصراحة: الدينار وحذف الأصفار
نشر في: 23 سبتمبر, 2011: 08:24 م