TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > فضاءات: المرآة العاكسة

فضاءات: المرآة العاكسة

نشر في: 23 سبتمبر, 2011: 08:29 م

 د. مهدي صالح دوّايتمارس العملات الوطنية  للدول أدواراً اقتصادية وسياسية واجتماعية ونفسية بالغة الآثار والنتائج ، باعتبار تلك العملات مرايا عاكسة للأداء الاقتصادي بأنشطته المختلفة ، بل إن انتكاسات العملة قد تمس سيادة البلد عندما تلجأ البلدان الى إجراءات نقدية ومالية غير مدروسة لإنقاذها . وعلى مدى العقود الأربعة  الماضية عبّر الدينار العراقي عن زئبقيته المتأرجحة اتجاه المتغيرات السياسية والاقتصادية التي عاشها العراق ، وبالنتيجة أصبح إنعاش الدينار العراق مسألة وطنية واختبار حقيقي للسلطتين التشريعية والتنفيذية نحو هذا الهدف الاستراتيجي.
فقد اعتمد البنك المركزي العراقي نمط ( سعر الصرف الثابت ) خلال عقدي السبعينات والثمانينات ، فكان الدينار يعادل( 3,33 دولار ) ، إلا أن ظروفاً سياسية واقتصادية غير مواتية شهدها عقد التسعينات ،قد أدت إلى انهيار قيمة العملة العراقية بشكل غير مسبوق ، مما قاد الى اعتماد نمط ( سعر الصرف العائم) ، أي ترك قوى العرض والطلب هي المحددة لقيمة الدينار العراقي ، ومنذ العام 2004 لوحظ استقراراً في قيمة الدينار العراقي تجاه الدولار ( 1500 دينار لكل دولار)، واستمر التحسن وصولاً الى 1200 دينار للدولار الواحد ، في ظل اعتماد ما يعرف ( بسعر الصرف المدار ) وهو نمط يأخذ من سمات كلا النمطين السابق ذكرهما ، فالبنك المركزي قد احكم السيطرة على تقلبات الدينار العراقي في ظل بعض الانفراجات السياسية والاقتصادية لما بعد 2007 .وفي إعلانه التفاؤلي ، بيّن البنك المركزي العراقي أن احتياطيات البلاد من النقد الأجنبي ارتفعت الى نحو 58 مليار دولار ، ومن المتوقع أن تواصل الارتفاع بفضل زيادة الإيرادات النفطية ، وهذا ما يشكل معياراً مهماً للبنك المركزي باتجاه اعتماد نمط ايجابي في تحديد سعر صرف الدينار العراقي اتجاه العملات الأجنبية،لاسيما مع إمكانية زيادة صادرات النفط العراقية ، بعد انجاز جولات من التراخيص النفطية ، وإمكانية تشريع قانون النفط والغاز ، إضافة الى إطلاق البنك المركزي مشروع حذف الاصفار الثلاثة ، بما يعزز من القيمة الاعتبارية للدينار العراقي بعدما تجاوزت كتلته النقدية الـ ( 25) تريليون دينار .  وما يمكن التأكيد عليه بهذا الخصوص  ، أن الدينار العراقي في ظل أحادية الاقتصاد العراقي المرتكز على الصناعة الاستخراجية ، سيبقى رهناً بالعديد من المتغيرات وتحديدا الخارجية منها  ، فالفرص مواتية في المدى المنظور لتحقيق المزيد من التفاؤل في ظل سياسات نقدية ومالية وتجارية داعمة لتنويع مصادر الدخل ، وجاذبة لرؤوس الأموال العراقية والعربية والأجنبية للاستثمار في العراق ، تدعمها بنى تحتية متكاملة ، وإرادة سياسية راعية لتلك الأنشطة الاقتصادية بمزيد من التحسن الأمني وإنضاج التشريعات المحفزة للاستثمار، وبهذا التضافر الرسمي والمجتمعي سيمثل الدينار العراقي المؤشر الحقيقي  للمرور نحو آفاق التطوّر والعالمية.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram