عباس الغالبييبدو أن السبل انقطعت بالحكومة في إنجاز المشاريع الإسكانية على طريقة الاستثمار الأجنبي أو التنفيذ المباشر من قبل شركات وزارة الإعمار والإسكان، ولجأت إلى هذه الطريقة بالتنفيذ عن طريقة إعلان (بسماية) للتسجيل على الوحدات السكنية وبثلاث مساحات وللشرائح المجتمعية المختلفة.
وإذا كان مشروع مدينة بسماية أول الغيث في مشوار تخفيف أزمة السكن، فإنه لم يخفف في الوقت ذاته عن كاهل المستفيدين على الرغم من القدرات التمويلية التي تسعى الى تهيئتها الهيئة الوطنية للاستثمار في إطار سعيها الدائم للانجاز، ولاسيما في الاستثمار الإسكاني. أزمة السكن في واقع الأمر لا يمكن ان يحتويها مشروع واحد بهذا الحجم أو حتى مشاريع عدة. ولا يمكن في الوقت ذاته أن تغطيها موازنة استثمارية بمثل الموازنات السنوية المعلنة ضمن الموازنات العامة للدولة خلال السنوات القليلة الماضية، ول ايمكن لجهة حكومية او مؤسسة تمويلية كالمصارف الحكومية الحالية أو صندوق الإسكان أن تغطي حجم الحاجة للتمويل او الإقراض، فالأمر بحاجة الى خطط قصيرة وأخرى متوسطة وبعيدة الأمد كلها تسير بشكل متواز، وصولاً الى خفض الحاجة الكلية التي يقدرها الخبراء بـ 3 ملايين وحدة سكنية. وهذه الخطط لابد من سيرها في فضاءات القطاعين الحكومي والخاص معاً، مع الإشارة الى ضرورة التركيز على القطاع الخاص وإعطائه دور الريادة في التنفيذ والانجاز، ذلك ان القطاع الخاص أذا ما فتحت له الآفاق واضطلع بدور تنافسي من اجل الوصول الى مسارات تنفيذ تنسجم والحاجة الفعلية وطبيعة الشرائح المستحقة والأولويات في هذا الاتجاه.وعلى الرغم من هذا الإجحاف الحكومي بحق قطاع الإسكان، إلا أننا نرى في مشروع مدينة بسماية خطوة قد تتبعها خطوات اكثر جدية وعملية وواقعية، وأكثر تعاملاً مع الفئات المستحقة المحرومة التي تتطلب دعما عالي المستوى وفي اتجاهات التشخيص والتمويل والمنح ومن ثم سرعة الانجاز.ومن هنا فإن هذا المشروع وان كان يبعد الحكومة عن الدعم المطلق له كما أوضح السيد رئيس هيئة الاستثمار في مؤتمره الصحفي الذي أطلق بموجبه التسجيل على الوحدات السكنية، فلا يمكن ان يعفي القطاع الخاص، ولاسيما المؤسسات التمويلية من الإسهام الفاعل والمباشر في إدامة زخم هذا المشروع، مع ضرورة الإشارة الى أهمية دخول القطاع الخاص في التنفيذ إقراضا وتنفيذاً وإدارة مع دعم لوجستي وفني وقانوني لجعل هذا المشروع واقع حال.دعونا نتفاءل بهذا المشروع الذي أتوقع له ان يكون رائدا في ظل انحسار وقلة المشاريع الإسكانية وقصور عملية التخطيط عن ملاحقة الازدياد الكبير في عدد الوحدات السكنية التي تغطي الحاجة المتفاقمة، ذلك ان مرور الوقت من دون مشاريع تذكر تنسحب على الحاجة الفعلية وهي متزايدة فعلاً.
اقتصاديات: بسماية.. أول الغيث
![](/wp-content/uploads/2024/01/bgdefualt.jpg)
نشر في: 23 سبتمبر, 2011: 08:35 م