عبد الله صالح تطرقت في مقالات سابقة إلى توصيف مختصر للوضع العراقي الداخلي ومسؤولية جميع الأطراف عنه، وأحاول اليوم التطرق إلى وضع حلول لبعض المشاكل الموجودة . قبل كل شيء، علينا أن نعترف بان الدستور العراقي من حيث الفكر الإداري وستراتيجية سياسة بناء الدولة هو فوق مستوى وعينا الإداري والسياسي،
لأن الدولة العراقية الحديثة الموصوفة فيه هي دولة مركبة، ويتوزع اتخاذ القرار فيها -وعلى جميع المستويات- إلى أجزاء صغيرة ،فمثلا جميع الخدمات في كل محافظة يكون مجلس المحافظة هو المسؤول عنها قرارا وتخطيطا وتنفيذا، وعلى الحكومة الاتحادية تهيئة مستلزمات تنفيذ هذا القرار من موارد مادية وبشرية وخبرات وغيرها .... و هذا ما لم نتعود عليه، حيث أن كل ما نعرفه وعشنا في ظله هو الدولة البسيطة المركزية التي تتحرك جميع مكوناتها وأجزائها حسب مزاج الزعيم والقائد. والسؤال المطروح الآن هو هل علينا تغيير الدستور وتصغيره لكي يكون بمستوى وعينا أم نطور وعينا بحسب ما يتطلبه الدستور؟ بالتأكيد علينا أن نطور وعينا السياسي والإداري ومعالجة جميع عقدنا النفسية وخصوصا الازدواج في الشخصية الناتجة عن الكبت الاجتماعي والحضاري، والتعبيرعن الذات بكافة إشكاله، وأعتقد جازما إن اكبر الأخطاء التي ارتكبتها أمريكا والأحزاب المعارضة (قبل التغيير) هي عدم تهيئة الموارد البشرية المطلوبة لعراق ما بعد الدستور.... وكذا أتصور إن نصف مشاكلنا إن لم يكن معظمها، تتعلق بضعف الوعي الإداري لبناء الدولة الحديثة، وهذا الضعف تعبرعنه الصراعات السياسية متعددة الألوان، وهو النموذج الصارخ للازدواجية في الشخصية، حيث لا نملك الجرأة الكافية للاعتراف بما نعانيه، ومحاولة علاجه.لهذا السبب وأسباب أخرى ذكرت قسما منها في مقالي السابق وصلنا الى تشكيل حكومة إدارة أزمات، وبضمنها الإدارة على أساس المساومات والاتفاقات الوقتية كسبا للوقت، على أمل الرجوع عنها (المساومات)، وهذا ما أدخل البلاد في دوامة من الاجتهادات والتفسيرات المزاجية والمصلحية، وفوضى في الرؤى أنتجها من يريد تصغير الدولة والدستور حسب حجم وعيه ومصالحه. وبين رافض لهذا ولكن لا يمتلك البديل، وبين آخر صامت وجاهد لاستغلال هذه الفرصة إلى أقصى حد لمصلحته، للأسف لم أجد لحد الآن من ينادي بالرجوع إلى خارطة الطريق التي رسمها الدستور بجميع بنوده. وسط هذا الجو والأمر الواقع... ما هو الحل؟ في تصوري إن الحل يكمن في معالجة الأسباب التي خلقت هذا الوضع وأوصلت إليه، ومعالجة الأسباب التي أنتجت حكومة إدارة الأزمات، وخلق بيئة بناء مؤسسات الدولة والابتعاد عن المساومات على حساب بناء الدولة حسب الدستور... وهذا الحل يتلخص في: أن يقتنع التحالف الوطني (الممثل الأكبر للمكون الاجتماعي الشيعي) انه لا يمكن أن يستفرد بالدولة العراقية، لا على أساس المكون ولا على أساس الأحزاب ولا على أساس الصراعات الإقليمية والوضع الإقليمي. يجب عليه أن يعلم بأن هذه فرصته الوحيدة لإنصاف المكون الشيعي في العراق وتقديم نموذج لإدارة الدولة يثبت مظلوميته التاريخية، وهذا يتطلب منه العودة إلى الدستور وتنمية الطاقات البشرية في المحافظات وعدم عرقلة إقامة الأقاليم وعدم التشبث بالمركزية بأي حجة كانت، لأن جمبع الحجج خاطئة وغير صحيحة. على المكون الكردي الاهتمام الجدي ببناء الدولة العراقية الاتحادية، حيث انه من مصلحة شعب وكردستان أن تكون في بغداد حكومة اتحادية ديمقراطية قوية، وان الفوضى تضر بشعب كردستان أكثر من غيره، لأنها تطلق أيدي الدول الإقليمية في العراق، وتخدم أجندتها، وحيث إن شعب كردستان لا يملك عمقا ستراتيجيا لدى دول المنطقة كغيره من المكونات. على المكون السني أن ينخرط في العملية السياسية الجديدة بفاعلية من منطلق بناء الدولة العراقية الفدرالية الحديثة، وتشجيع قيام الأقاليم وترسيخ ممارسة الصلاحيات الدستورية والقانونية الممنوحة للمحافظات غير المنتظمة في إقليم.ما ذكر أعلاه يتطلب من الجميع ما يأتي :مناقشة تفاصيل الهيكلية الأساسية الجديدة للدولة الاتحادية على أساس الدستور وبالتحديد المادتين (1، 116).تشكيل حكومة اتحادية في بغداد من :وزارات ذات صلاحيات حصرية كما نصت عليها المادة 110 من الدستور (كوزارات الدفاع والخارجية والمالية)، تمارس عملها على جميع الأراضي العراقية ووفق قوانينها.وزارات ذات صلاحيات مشتركة، كما نصت عليها المادة 114 من الدستور(كوزارة الصحة والتربية والتعليم العالي، الزراعة، الصناعة، الكهرباء وغيرها)، تمارس عملها بالاتفاق بينها وبين مجالس المحافظات وفق المادة 123 من الدستور، ومن مهامها المساعدة في تطوير الثروة البشرية في محافظاتها، لتمكينها من اداء مهامها بشكل متطور نحو الأفضل.على مجالس المحافظات أن تبدأ بتشريع القوانين المتعلقة بتشكيل الدوائر الحكومية في حكومتهم المحلية من حيث الهيكلية والمهام وتكون جميعها مرتبطة بالمحافظة.على مجلس النواب أن يتفرغ لتشريع القوانين البنيوية للدولة الاتحادية المنصوص عليها في الدستور وفق المادة 110 وترك جميع الأمور الأخرى لأنها خارج صلاحياته الدستورية إلا بالاتفاق مع مجالس المحافظات.ولابد لمجلس النواب أن ي
توجد حلول بالتأكيد
نشر في: 24 سبتمبر, 2011: 07:34 م