TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > نص ردن :الفيــل الطـائـر

نص ردن :الفيــل الطـائـر

نشر في: 24 سبتمبر, 2011: 08:53 م

 علاء حسن قبل شيوع استخدام ألفاظ وعبارات يتداولها الجيل الحالي عن الكذب والكذابين، من قبيل "يطير فيالة، ويهنبل، وسولفها على الدبة " كان الجيل السابق من أهالي العاصمة على وجه التحديد يصفون الكذاب بأنه: "يذب شيلمان " واحدهم حينما لا يصدق الآخر يخاطبه بالقول "لا تكوم تشيلمن " فيرد الثاني معاتبا "مع الأسف اني اشيلمن "وفي بعض الأحيان،  تدخل الأرقام مع الشيلمان،عندما تكون الكذبة مفضوحة:" شمر علينا شيلمان ابو التسعة "
 وبمرور الوقت وبعد انحسار استخدام الشيلمان في بناء السوق،  واستبداله بالخرسانة المسلحة، طارت الفيالة، اي الفيلة، وحطت في الساحة العراقية،  لأنها البيئة الوحيدة الملائمة لطيرانها، وباستمرار الكذب على المستويات الرسمية والسياسية وحتى الثقافية، أصبح بالإمكان رؤية الفيل الطائر في سماء العاصمة،  لان بغداد تشهد يوميا  نشاطات مختلفة، والمؤتمرات تعقد بالعشرات، والتصريحات على مدار الساعة.في زمن النظام السابق نشر محرر يشرف على صفحة تعنى بالعلوم  خبرا يقول، إن احد الباحثين العراقيين،تمكن من اختراع جهاز يستطيع  اكتشاف ما يدور خلف الجدران، المحرر اختلق الخبر ليشغل فراغا بصحيفته، وفي اليوم التالي اتصلت جهة امنية بإدارة الصحيفة، وطلبت المزيد من المعلومات عن الجهاز و مخترعه، وبدوره استدعى رئيس التحرير مسؤول الصفحة العلمية، واخبره بطلب الجهة الأمنية، المحرر ظل عاجزا عن الإجابة، وتفسير طيران الفيل من مطارات الصحف المحلية.نهاية عقد التسعينات نشرت مجلة أسبوعية محلية خبرا يفيد، بأن العراق امتلك تكنولوجيا متطورة قادرة على إسقاط الطائرات،ليس بالأسلحة المضادة المعروفة، ولكن بوسائل أخرى، وبعدما انكشفت تلك الأكذوبة ومن يقف وراءها،  منعت وزارة الإعلام جميع وسائل الإعلام من نشر التقارير والمقابلات عن الانجاز العلمي المزعوم، بعد ان روجت ولمدة أسبوع كامل لتلك الكذبة.ليست كل وسائل الإعلام مسؤولة  عن طيران "الفيالة "  فلرجال السياسة الدور البارز في هذا النشاط، وبهمم عالية، وبنفس طويل، فمن مطار المشروع الوطني طارت المئات، ومن ادعاءات اعادة البنية التحتية وانجاز المشاريع الستراتيجية طارت مئات اخرى، وبالنتيجة وبحسب تعبيرات ذلك الزمان  سقط على رؤوس العراقيين شيلمان ابو التسعة، وهم اليوم بانتظار المزيد بوجود مئات الصحف وعشرات الفضائيات، حتى اخذ القلق ينتاب الجميع من ضيق السماء لاستيعاب الأعداد الهائلة والكبيرة من الفيالة الطائرة، فعلى مدار الساعة هناك نشرات أخبار،تتضمن تصريحات ووعودا عن إقامة مجاميع سكنية وتوزيعها بين الفقراء والمتعففين، من ذوي الدخل المحدود، وفي اقل من خمس دقائق طار ألف فيل، وحينما تعلن جمعية او نقابة توزيع أراض سكنية بين أعضائها يطير الألف الآخر، وهكذا أصبحت السماء عبارة عن ساحة للخراطيم،بمختلف الأحجام،  والأشكال، ومن بينها خرطوم فيل طيره ناطق او متحدث رسمي،  أدلى بتصريح يفيد باستقرار الأوضاع الأمنية عبر فضائية،  يتابعها المشاهدون من كل دول العالم،فرمى عليهم شيلمانة من نوع ابو التسعة، وسولفها على الدبة.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram