المحـامي حسـن شعبـان جرى التصويت في مجلس النواب على نواب رئيس الجمهورية على أساس الدفعة الواحدة ، أي إما التصويت بالجملة على الثلاثة الذين رشحهم رئيس الجمهورية دفعة واحدة أو رفضهم جميعاً، وقد سمى رئيس مجلس النواب هذا الإجراء بالسلة الواحدة ورفض أصوات المعترضين بمخالفة هذه الآلية للقانون والدستور ودون مراعاة أن التصويت ينبغي أن يتم كلاً على حدة لأسباب تتعلق بأسمائهم وما ارتكبوه من مخالفات قانونية وغيرها إن وجدت .
ولم تكن هذه الطريقة ( السلة الواحدة ) آلية معتمدة لا في العراق ولا في أي بلد آخر ديمقراطي وحتى دكتاتوري أو شمولي إنما يجرى على أساس الاختيار الفردي ،وهذا مايحدث للوزراء ورئاسة مجلس النواب وبقية المسؤولين ،لكن على ما يبدو حينما يكون القانون والدستور ضعيفين في التطبيق في الشارع العراقي بنفس المستوى يحدث ذلك في أعلى سلطة تشريعية في البلاد ،وهذا حقاً مايثير التعجب والاستغراب ،وبدأت السلة الواحدة تتناقلها أفواه المواطنين بنوع من النكتة ، وبدأ المواطن يشعر بأن أية قضية تتفق مع القانون أو تتعارض معه بإمكان حكومة ما يسمى بالمشاركة الوطنية أو مجلس النواب تمريرها بكل سهولة وبدون عناء ،وهذا يذكرنا بأن رئيس النظام السابق كان يتصرف على أن القانون مجرد كلمات وضعها هو وبإمكانه تغييرها بنفس القلم .إنها بدايات خطيرة ،فالقانون والنص الدستوري واجب التطبيق ولا يمكن تجاوزه إلا بتعديل قانوني أو دستوري ولا بد من وضع حد لهذا الانفلات في القضايا القانونية.الاستاذ فخري كريم رئيس مؤسسة المدى مارس حقه بصفته مواطنا عراقيا بإقامة دعوى قضائية لدى المحكمة الاتحادية العليا معترضاً على هذه الآلية غير القانونية وغير الدستورية وغير الديمقراطية أيضا ، وسارت الدعوى وفق إجراءاتها القانونية المعتادة وبحضور المستشار القانوني للمدعى عليه ، حيث قدم بشأنها لائحته على عريضة الدعوى والسلة الواحدة ،وقد طلبت المحكمة من وكيل المدعي لائحة قانونية ودستورية تحدد اتجاه المطالبة بإلغاء إجراء السلة الواحدة .قدمنا لائحة للمحكمة تتعلق بالمخالفات الدستورية والقانونية لتصويت السلة الواحدة جاء فيها :أولا :- الدستور العراقي 1- المادة (1) نظام الحكم في العراق جمهوري نيابي ديمقراطي والمادة 2 منه ( لا يجوز سن قانون يتعارض مع مبادئ الديمقراطية ) من أهم مبادئ وآليات المنهج الديمقراطي فكراً وممارسة هذا الانتخاب الحر المباشر وعلى أساس الفرد والمعرفة به ووضعه الاجتماعي والقانوني خاصة إذا ما تطلب الأمر الآخر شروطاً معينة فيه . ونواب رئيس الجمهورية يشترط القانون فيهم ما يشترط برئيس الجمهورية ولا يوجد في أدبيات الفكر الديمقراطي أية إشارة لانتخابات السلة الواحدة ،وهذا يعني بالضرورة انه يتقاطع مع النظام الديمقراطي وهذه مخالفة دستورية بحتة .2- المادة (55) من الدستور ( ينتخب مجلس النواب في أولى جلساتة رئيساً ثم نائباً أول ثم نائباً ثانياً وبالأغلبية المطلقة بالانتخاب السري المباشر) ولابد من أن يكون الانتخاب فردياً ،وهذا نص دستوري يمكن القياس عليه . 3- المادة (70) من الدستور ( ينتخب مجلس النواب من بين المرشحين رئيساً للجمهورية بأغلبية ثلثي الأعضاء ) .وهذا النص لا يقبل الاجتهاد في طريقة التصويت وهو على أساس غير السلة الواحدة، فلماذا استعين بها في انتخابات نواب رئيس الجمهورية ،إنه أمر يحتاج إلى تفسير .4- المادة (76) من الدستور (ويعد حائزاً لموافقته (أي مجلس النواب) عند الموافقة على الوزراء منفرداً ...وهذا النص الدستوري حسم الأمر في قضية السلة الواحدة بأنه اجراء غير دستوري وغير قانوني فإذا كان المجلس ينتخب الوزراء بطريقة منفردة فمن باب أولى يشمل التصويت نواب رئيس الجمهورية . ثانياً :- في مجال القانون 1- في قانون نواب رئيس الجمهورية استناداً لأحكام البند أولا من المادة 61 والبند ثانياً من المادة 69 والبند ثالثاً من المادة 73 من الدستور يختار رئيس الجمهورية نائباً أو أكثر على ألا يزيد على ثلاثة ،ويعرض هذا الترشيح على مجلس النواب بالأغلبية 2- مايشترط في نائب رئيس الجمهورية يشترط في رئيس الجمهورية وهذا يعني أن يتم الانتخاب فردياً وليس السلة الواحدة .3- في قوانين المنظمات غير الحكومية والنقابات وفي كل القوانين الأخرى يجرى الانتخاب والتصويت على أساس الفرد وليس السلة الواحدة .ثالثاً :- بعد كل هذه الإيضاحات للمحكمة والتفسيرات القانونية والمنطقية وخطورة الأخذ بالسلة الواحدة والتي تتحول إلى سلات عديدة جاء قرار المحكمة الاتحادية في انه لايوجد نص دستوري أو قانوني يمنع من التصويت بسلة واحدة لنواب رئيس الجمهورية . بكل تأكيد نحن نحترم ونطيع قرار المحكمة وأية محكمة أخرى لكن من حقنا مناقشته بشكل موضوعي ونتساءل من المحكمة الموقرة . هل مفهوم السلة الواحدة وطريقة التصويت بموجبها يتفق مع العملية الديمقراطية الجديدة في البلاد فكراً وممارسة لنظام ينص الدستور عليه انه ديمقراطي تعددي هل أطلقت المحكمة على أي دستور ديمقراطي آخر وحتى غير ديمقراطي على تسمية السلة الواحدة طريقاً لانتخاب نواب رئيس الجمهورية التي ينص القانون على أن
قرار السلّة الواحدة يتقاطع مع أحكام الدستور والقانون
نشر في: 25 سبتمبر, 2011: 07:50 م