TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > التهديدات التركية.. والجاهزية العراقية

التهديدات التركية.. والجاهزية العراقية

نشر في: 27 سبتمبر, 2011: 07:25 م

حسين علي الحمداني بالتزامن مع الكثير من المشاكل والأزمات التي تعصف بالمشهد السياسي العراقي، واختلاف وجهات النظر بين الشركاء في العملية السياسية في البلد، برزت أيضاً مخاطر كثيرة خارجية، بدأت تأخذ منحنيات خطيرة في الأيام الأخيرة، خاصة ما يتعلق منها بعمليات القصف بالمدفعية والطائرات لقرى كردستان العراق من قبل الجانبين الإيراني والتركي لملاحقة عناصر معارضة للحكومتين التركية والإيرانية.
هذه المخاطر أو التحديات تمثل أخطر ما يمكن أن يواجهه العراق في هذه المرحلة ، خاصة وإن الموقف السياسي وإن كان شاجباً ومستنكراً ، إلا أنه بالتأكيد لم يكن بمستوى هذه التحديات ودرجة تأثيراتها على العراق ، وهذا ناجم من اختلاف وجهات نظر الشركاء في العملية السياسية في البلد لهذه الأحداث وغيرها، وهذا ما يضعف القرار السياسي العراقي لصالح الدول المجاورة وقد يفسره البعض بأنه ضوء أخضر أو ما شابه ذلك . وأبرز هذه المخاطر والتي وصلت لذروتها يتمثل بتهديد تركيا بشن هجوم برّي لإقليم كردستان بحجة مطاردة مسلحي حزب العمال الكردستاني ، علينا أن نتوقف عنده أكثر من مرة ، أولاً في معنى الهجوم البري ذاته والذي سيكون إعلان حالة حرب مع قوى معارضة داخل أراضي دولة أخرى لا ناقة لها ولا جمل في هذا الصراع سوى أنها مجاورة وبتضاريس جغرافية معقدة جدا ، ومن جهة أخرى عن موقف أمريكا باعتبارها حتى هذه اللحظة مسؤولة أمام المجتمع الدولي في الحفاظ على أمن وسيادة العراق بموجب قرارات أممية سعت أمريكا لأن تسبغها الصفة القانونية وتوثقها في وثائق الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي على إنها دولة محتلة للعراق ، ومن جهة ثالثة فإن شن هجوم بهذا الحجم الذي صورته وسائل الإعلام يعني في ما يعنيه بأن تركيا بلد غير ديمقراطي ومازال يتعامل مع المعارضين بالقوة وليس الحوار، وبالتالي لا يمكن أن تكون تركيا مثالاً يحتذى به في عالمنا ومنطقتنا طالما إنها تبتعد عن لغة الحوار وتجنح للقوة العسكرية في التعامل مع المعارضين وإن كانوا أقليات في بلدهم ، لأن النظم الديمقراطية بقدر ما تعني حكم الأغلبية فإنها أيضا مسؤولة عن حماية الأقليات وإعطائهم حقوقهم بعيداً عن الإقصاء والتهميش والمطاردة والعنف.نعود للهجوم البري المتوقع خاصة وإننا سمعنا بعض التصريحات لنواب عراقيين يؤكدون قدرة العراق على صد الهجوم البري، وأيضا هنا علينا أن نسأل عن آليات صد هذا الهجوم ونحن بلد لا يمتلك طائرات أو مدفعية أو دبابات أو حتى بنادق قتال متقدمة كتلك التي تمتلكها الجيوش الأخرى في العالم .ولا ننسى بأننا لم نستطع منع القصف المتواصل سواء من الجانب التركي أو الإيراني في الأسابيع الماضية ، أي بالمفهوم العسكري نحن لا نمتلك قوة ردع في أدنى درجاتها لمواجهة المخاطر الخارجية المحتملة.وبالتأكيد نحن لا نعول على أمريكا بأن تصد بالنيابة عنا هذا الهجوم المتوقع وحسب التهديدات الواردة من تركيا وتضحي واشنطن بمزيد من جنودها على حدودنا الشمالية التي هي الحدود الجنوبية لحلف الناتو التي تشكل تركيا قاعدة مهمة من قواعده ، بل قاعدة ذات تأثير كبير في الشرق الأوسط خاصة بعد أن تم نشر منظومة ردع كبيرة وواسعة في الأراضي التركية من قبل أمريكا وحلف الناتو .وبالتالي فأمريكا ليست مستعدة بأن تدخل في صراعات المنطقة التي هي عبارة عن أزمات داخلية تحاول دول الجوار تصديرها للعراق بآليات وطرق عديدة أهمها بالتأكيد قصف القرى وتهجير العوائل من أجل مطاردة معارضيها داخل أراضينا التي يعرف الجميع بأنها لا يمكن السيطرة عليها لتضاريسها المعروفة ولتداخل الحدود وهذا ليس عذراً نعلل به تواجد بعض هؤلاء ولكنها حقيقة يعرفها الجميع . وحقيقة الأمر فإن ما يحدث سواء في إيران أو تركيا من أزمات داخلية من المفترض أن لا تعنينا ولا تؤثر على سيادتنا وأمننا الوطني ،ولا تشكل عبءاً علينا خاصة في ظروف كالتي مر ويمر بها العراق الذي مازال يعاني من مخلفات الشمولية وتداعياتها التي أوصلت البلد لأن يكون تحت وصاية الاحتلال منذ عام 2003 ، مما أدى لفقدانه جزءاً مهماً من قوته العسكرية .وبالـتأكيد فإن على الأصدقاء في تركيا وإيران معاً اللجوء للحوار مع القوى المعارضه لهما بدل استخدام القوة التي لا تؤثر على معارضيهم فقط بل تؤثر على مواطني كردستان العراق وأمن وسيادة العراق بصورة عامة .وهذه الحالة من القتال بين الحكومتين الإيرانية والتركية مع معارضيهما في أراضينا جعلت حالة من القلق والخوف تسيطر على السكان الذين نزحوا من قراهم ، والسبب في إن القتال مستمر والتهديدات مستمرة بين كل الأطراف دون وجود بارقة أمل باللجوء للحوار وتجاوز مرحلة القتال والقصف أو حتى التهديد بالهجوم البري الذي لا يمكن أن يكون خياراً لدولة باتت أنموذجاً في الديمقراطية في المنطقة.والشيء المهم هو أن تكون تصريحات نوابنا واقعية وبعيدة عن الشعارات ، والواقعية هنا مطلوبة جداً لأنها ستضع الكثير من النقاط على الحروف وأهمها بالتأكيد عملية بناء القوات المسلحة العراقية وتجهيزها لأننا نعيش في منطقة تعج بالأحداث والحروب وبالكاد يمكن إسكات مدافعها يوما ً ما.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram