وديع غزوان بعد تصعيد غير مسبوق في ملف العلاقة بين المركز والإقليم كما يحلو للبعض أن يسميها، بدت تلوح في الأفق بوادر انفراج نتمنى أن يكون قاعدة لحلحلة عدد من القضايا التي بقيت دون حل وانعكست سلباً على مجمل العملية السياسية. المتابع للأحداث يلمس أن المشكلة تتعدى علاقة الإقليم والمركز وتمتد لمستوى العراق ككل، وهو ما أشرنا إليه في مواضيع سابقة وقلنا أن مشكلة المادة 140
وقانون النفط والغاز وغيرها من القضايا الأخرى، ترتبط بمواقف القوى السياسية من مجمل هوية العراق الذي ينبغي أن يكون وعمليته السياسية، والمنهج الديمقراطي الذي يفترض أن يترجم إلى أفعال تتناسب وما جاء في الدستور، وإن أي حل لقضايا الإقليم بالاتجاه السليم سينعكس إيجابا على مجمل أوضاعنا. الأستاذ فخري كريم أكد هذا الفهم خلال لقائه رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني، عندما أشار إلى أن ( تطويق الأزمة وإخمادها حماية للعملية الديمقراطية، وبالاستناد إلى مبادئ الشراكة والأسس الديمقراطية والدستور، والانتباه إلى بعض المظاهر المتعارضة مع روحيتها ومبادئها.. ). ونعتقد أن ما نشرته وسائل الإعلام من أخبار عن طبيعة الفهم الكردستاني لهذا الملف هو الذي دفع أطرافه السياسية للاتفاق على إرسال وفدين إلى بغداد،الأول مهمته لها طابع سياسي ترتبط بتصحيح العلاقة بين أطراف العملية السياسية على مبدأ شراكة حقيقية تضع الجميع أمام مسؤولياته التاريخية في إنقاذ العراق من الواقع الذي هو فيه استناداً إلى روح اتفاقية أربيل، والآخر لاتنفصل مهامه عن الأول كثيراً بل هي في قلبها لكنه سيركز على موضوع العلاقة بين الحكومة الاتحادية و حكومة الإقليم وتفرعاتهما، ما يعزز القناعة بأن مهمة اللجنتين متداخلة وتصب جميعها في خدمة العراق ككل. لن ندعي أن المهمة سهلة أو أن الطريق أمامها مفروش بالورد، خاصة وان البعض ما زال يصر على نزوع للانفراد و مسك ملفات ليس من الصحيح أن يتحكم طرف واحد فيها ونقصد به الجانب الأمني. وكان من الطبيعي أن تحفز الخروقات التي حصلت و تحصل منذ أيام،وآخرها أحداث كربلاء القائد العام للقوات المسلحة على التنسيق مع رئاسة مجلس النواب لغرض عقد جلسة تكرس لمناقشة ما يطرح من آراء بشأن هذا الملف ، وكان يمكن أن تكون الجلسة مغلقة، غير أن الذي حصل هو العكس حيث جعل البعض من موضوع تضييف رئيس الوزراء القائد العام للقوات المسلحة إلى المجلس محل خلاف جديد آخر، وبشكل يوحي إلى ترسخ نفس غير صحيح وعقلية تسلط واستعلاء عند البعض أثرت على أداء مجلس النواب والحكومة على حد سواء ودفع ثمن ذلك الشعب. ما نأمله أن يبحث الفرقاء السياسيون في مباحثاتهم القادمة مجمل الوضع بكثير من الصراحة والموضوعية والتشخيص الدقيق لخطأ كل فريق، وهذا لا يتحقق إذا لم يؤمن الجميع بأن كل واحد ارتكب خطأ في هذا الجانب أو ذاك قد يكبر أو يصغر بمقدار عبء المسؤولية الملقاة على كل واحد، غير أن النتيجة هي إن الجميع مسؤولون.
كردستانيات :الجميع مسؤولون
![](/wp-content/uploads/2024/01/bgdefualt.jpg)
نشر في: 27 سبتمبر, 2011: 07:45 م