TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > المجتمع المدني وغياب البيئة الثقافية

المجتمع المدني وغياب البيئة الثقافية

نشر في: 30 سبتمبر, 2011: 06:15 م

ميعاد الطائي لم يكن العراق ساحة مناسبة لعمل منظمات المجتمع المدني الحقيقية قبل 2003 بالرغم من وجود بعض أطرها وأشكالها متمثلة بنقابات وجمعيات شكلية أوجدها النظام الشمولي للترويج لأفكاره وخدمة مصالحه وتوجهاته السياسية التي حكم العراق من خلالها بمركزية وتفرد في السلطة
ولذلك فشلت هذه المنظمات في دعم السلطة ولم تتمكن من مساعدتها على الوقوف بوجه الانهيار الكامل الذي تعرض له النظام ومؤسساته في 2003 ،وذلك لأنها لم تكن حقيقية ولا تمتلك أي عمق مجتمعي ولا ترتكز على دعائم سليمة. وبعد سقوط النظام انطلقت منظمات المجتمع المدني بقوة على الساحة العراقية لنشهد انتقالا من أقصى المركزية إلى أقصى الحرية ما ساهم في بداية غير صحيحة ولا ترتكز على خبرات كافية ،إضافة إلى غياب ثقافة المجتمع المدني  الذي ساهم في ولادة غير متكاملة (مشوهة) تسببت في وجود معوقات ومشاكل ما زالت منظمات المجتمع المدني تعانيها لحد اليوم ،ونجد أن المشهد العراقي بحاجة ماسة للوقوف على هذه المعوقات ووضع الحلول المناسبة لها لنتمكن من إقامة مجتمع مدني حقيقي يمكن أن يساعد العراق في تجاوز مرحلة التحول الديمقراطي باتجاه تطبيق المفاهيم الجديدة والتخلص من مفاهيم الدكتاتورية والتفرد بالسلطة وباتجاه تنمية اقتصادية واجتماعية وثقافية.ومن أهم المشاكل التي تواجهها منظمات المجتمع المدني ضعف اهتمام الدولة بهذه المنظمات وعدم اكتراثها بالنشاطات والأعمال التي تقوم بها، إضافة إلى ضعف الدور الإعلامي في دعمها ،فقلما نجد صفحات وبرامج تخصص لنشاطات المجتمع المدني في ظل حاجة المنظمات الماسة للترويج عن مفاهيمها وتنوير الرأي العام بأهمية دورها في ترسيخ المفاهيم الديمقراطية علاوة على دورها في تقييم ومراقبة الأداء الحكومي، لا سيما أن التجربة حديثة وبحاجة إلى جهد إعلامي كبير .ومن خلال متابعة الأحداث نجد أن من اخطر المعوقات التي واجهت منظمات المجتمع المدني التهديدات الأمنية التي يواجهها أعضاء المنظمات خلال السنوات الأخيرة حيث ساهمت الفتاوى التكفيرية في الحد من نشاطاتها خاصة في المناطق التي تتواجد فيها الأفكار الإرهابية المعادية للديمقراطية والتي شوهت صورة المنظمات الأهلية والإنسانية لإبعادها عن أداء دورها في المجتمع، ومن هنا يأتي دور الإعلام وكل أركان المجتمع الأخرى في تصحيح هذه الصورة وتوعية المجتمع بأهمية دور هذه المنظمات في مساعدة المجتمع ونشر الثقافة والقيم والأخلاق والفضيلة إضافة إلى القيم الديمقراطية والإنسانية ..ولابد لنا ونحن نتحدث عن مشاكل منظمات المجتمع المدني من أن نشير إلى نقطة مهمة ،وهي غياب المظلة أو المرجعية التي يجب أن تنضوي تحتها المنظمات العراقية أو العربية على المستوى المحلي أو الإقليمي حيث نشهد عدم وجود نقابة أو اتحاد أو جمعية تعمل المنظمات من خلالها على التعاون والتشاور وتنظيم العمل وتبادل الخبرات والتجارب لضمان النجاح والتطور في العمل ،كما نرى بان العمل الجماعي يساعد على الإبداع والابتكار والتطور لخدمة المجتمع من خلال الاستفادة من خبرات الآخرين .ومن جانب آخر نجد أن بعض الأحزاب السياسية تعمل على زج منظمات تعمل تحت غطاء وبرامج المجتمع المدني إلا أنها في الحقيقة واجهة لهذه الأحزاب وتمثل مصالحها ،الأمر الذي يشكك في مصادر تمويلها ولا يتناسب مع مبادئ وقيم منظمات المجتمع المدني التي يجب أن تكون بعيدة عن التجاذبات السياسية وصراعاتها. خلاصة القول :إن منظمات المجتمع المدني إذا ما تهيأت لها البيئة المناسبة فإنها يمكن أن تلعب دورا مهما في في عملية البناء الثقافي للمجتمع فضلا عن دورها في إعادة اللحمة الوطنية والمجتمعية والمساهمة في إنجاح المشروع الديمقراطي في البلاد، لذلك علينا توفير البيئة القانونية والتشريعية المناسبة وتطوير الكوادر العاملة فيها من خلال إقامة الدورات والندوات والورش التثقيفية والتوعوية إضافة إلى توفير الدعم المطلوب لتغطية نشاطاتها , بالمقابل على المنظمات أن تعمل على إصلاح وتطوير آلياتها الديمقراطية وتطوير نظامها الداخلي ليكون أكثر ديمقراطية وشفافية للتخلص من هيمنة بعض القيادات لتتمكن من تحقيق الأهداف التي جاءت من أجلها .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram