ترجمة المدى من المعتاد عند نهاية اية حرب ان يكون هناك رابح و خاسر. و بما اننا نقترب من نهاية الحملة العسكرية الاميركية في العراق فمن المناسب ان نقرر من الذي خسر و من الذي كسب و ما يعنيه ذلك لمستقبل العراق.يعتقد ليون بانيتا، وزير الدفاع الاميركي،
بان الاميركان و العراقيين يمكن تصنيفهم بـ "الرابحين " سواء أكان الكسب دبلوماسيا ام عسكريا، فقد كسبنا علاقة طويلة الامد مع العراق، لقد استثمرنا دماء كثيرة، و من خلال التضحيات الجمة فقد اسسنا ديمقراطية مستقرة نسبيا نعمل معا ان تسود هذا البلد". لكن بناء على اسس اكثر صلابة فليس من الواضح ان الولايات المتحدة او العراق قد كسبا شيئا. لقد فقدت الولايات المتحدة 4474 جنديا، اضافة الى الاف المعوقين و المصابين، و انفقت ملياري دولار ساعدت على تحطيم اقتصاد الولايات المتحدة و لم تحصل على شيء بالمقابل. الدماء مقابل النفط ؟ واحد من كل ثماني ضحايا في العراق مات و هو يحمي قوافل الوقود. ناتج النفط العراقي بقي كما كان قبل الحرب و سيبقى كذلك لبعض الوقت. انخفاض اسعار النفط العالمية سيدمر الاقتصاد العراقي. رغم تصريح بانيتا برغبة العراق في العمل مع الولايات المتحدة، فان العراق ككيان سياسي يتبع مسلكه الخاص، و يتحالف مع ايران و لا يدعم الاحلام الجيوسياسية للاميركان. الحكومة الاميركية ستبيع بعض الالات و التجهيزات العسكرية للعراقيين لكسب بعض المال، لكن في النهاية ذهب جورج بوش للحرب و كل ما حصلنا عليه كان دكتاتورية رخيصة تحولت الى دولة شبه بوليسية لا تساوي الكثير. كما انه ليس من الواضح ان كانت الولايات المتحدة ستحافظ على قواعد دائمية في العراق، و ما اذا كان يسمح ببقاء اية قطعات بعد نهاية العام الحالي.اما بالنسبة لكون العراق قد كسب بعد انتشار الجيش الاميركي على اراضيه، فلقد تمزق مجتمعه المدني و عانى من ثماني سنوات من الحرب الاهلية الطائفية وشهد مصرع اكثر من مئة الف من ابنائه و اصبح موطنا لارهابيي القاعدة. لقد غادرت الولايات المتحدة حتى دون اجراء صفقة بين الكرد و العرب تاركة القضايا تغلي بينهما. كما ان الولايات المتحدة فشلت في تاسيس حدود مستقرة للكرد مما فسح المجال لايران ان ترشق اقليم " كردستان" بالمدفعية من الشرق بينما الطائرات التركية تقصفه بالقنابل من الغرب.مازالت التوترات الطائفية في ذروتها في العراق، و لم تتمكن الولايات المتحدة فعل شيء بهذا الشأن، ما عدا تقديم بعض المساعدة الفنية و ربما القيام ببعض العمليات الخاصة قليلة الاهمية. لقد اتخذت حكومة الولايات المتحدة موقفا جانبيا محايدا تجاه العنف الطائفي على مدى الاشهر القليلة الماضية تاركة العراقيين يتقاتلون مع بعضهم. و سواء بقي ثلاثة الاف او عشرة الاف مقاتل اميركي في العراق فليس من المحتمل ان تتدخل مثل هذه القوة الصغيرة في هذا الصراع.ان الشرارة الكامنة للامور جعلت الحكومة العراقية تمنع عرض مسلسل تلفزيوني يدور حول الاحداث التي قادت الى الانشقاق التاريخي في الاسلام الى سنة و شيعة قبل مئات السنين، و طلب البرلمان العراقي منع عرض مسلسل " الحسن و الحسين " على اساس انه يثير التوترات الطائفية و يغالط الحقائق التاريخية و يتضمن قضايا حساسة في التاريخ الاسلامي. و لا حاجة الى القول انه من خلال نظرة بسيطة الى الاخبار اليومية يمكن ان نكتشف انخفاض نشاط التفجيرات الانتحارية و اعمال القتل التي تستهدف اشخاصا معينين و التي صارت اليوم جزءا طبيعيا من الحياة.من كسب الحرب ؟ ايران كانت تنتظر بصبر، بينما الولايات المتحدة تخترق عدويها الاساسيين صدام و طالبان، و تخلي حدودها الشرقية و الغربية بلا مقابل فاسحة الطريق الى طهران ( يبدو ان ايران كانت تسعى في 2003 الى نوع من العلاقات الدبلوماسية مع الولايات المتحدة، لكن بعد رفض ادارة بوش قررت الانتظار و مراقبة اميركا و هي تغرق في المستنقع ).كانت ايران تلعب دورا في كل اجزاء المجتمع العراقي بعد 2003، من بينها اعمال العنف اليومية. انها لم تفقد عدوا فحسب عند شنق صدام و انما كسبت ايضا حليفا في العراق الجديد. ان لايران حاكمها في بغداد و الذي يعرفه العراقيون جيدا الا ان الغرب لا يتحدث عن ذلك. حيث استلم هذا الرجل عمله بعد ان شغل منصب رئيس العمليات الخاصة الايرانية - قوات القدس. و بينما تبدو العلاقات الستراتيجية و السياسية مهمة بين العراق و ايران، فان العلاقات الاقتصادية و الاجتماعية – الدينية هي التي عززت العلاقة و كشفت ان ايران هي الرابح الحقيقي في الحرب. فالارقام هي التي تحكي الجزء الاكبر من القصة: التجارة السنوية الحالية بين البلدين تبلغ قيمتها اربعة الى خمسة مليارات دولار و هي بازدياد مستمر،لا شيء اغرب من ان تقضي اياما في تحرير العراق لكي تسلمه الى وكالات سياحية هي الوحيدة المستفيدة من ذلك التحرير. لم نكن نعرف ذلك في حينها، لكن سواحنا كشفوا لنا لمحة عن المستقبل، عن من الذي كسب و من الذي خسر.عن: موقع السي
من الذي كسب الحرب فـي العراق؟

نشر في: 30 سبتمبر, 2011: 09:04 م









