د. سعد بن طفلة العجمي كثيرة هي العوامل التي تجمع الكويتيين والعراقيين، فما يجمعنا كشعبين عربيين وجارين أكثر مما يفرقنا. صحيح أن السياسة والحروب تركت ندبات في نفوسنا، لكن الأصح أن شعوبا مرت بتجارب دامية تجاوزتها بعقلية براغماتية وعملية وواقعية.
عندما غزا صدام الكويت عام 1990 واحتلها ومسحها من الخارطة السياسية، ما كان للكويت وأهلها قدرة على دحره وطرده دون مساعدة دولية، وهو ما كان. فقد أجمع العالم على دحر العدوان لأسباب مختلفة، وكان الجيش الأمريكي الأداة الضاربة التي طردت صدام من الكويت في مئة ساعة. لكن لولا الإجماع الدولي، والمناصرة الدولية للكويت، لبقيت محتلة حتى اليوم. الاستعانة الكويتية بالمجتمع الدولي واجهت هجوما من مؤيدي صدام في حينها من "العربجية" و"القومجية" الذين كالوا السباب للكويتيين "الجبناء" الذين لم يستطيعوا تحرير بلادهم بأنفسهم، فجاءت المجندات الأمريكيات لتحريرهم. . الخ اسطوانة "العنطزة" و"الفنطزة" والمزايدة. ثار الشعب العراقي بعد تحرير الكويت، فكانت مجازر يشيب لها الولدان، وسحق صدام وقواته شعبه بوحشية يخجل منها طغاة التاريخ. إلى أن دارت الأيام، وغزت الولايات المتحدة الأمريكية العراق عام 2003 انطلاقا من الكويت التي كانت الدولة الوحيدة التي سمح شعبها وحكومتها للولايات المتحدة بتخليص الشعب العراقي من طاغيته، فتعرض العراقيون لنفس ما تعرض له الكويتيون من "تخوين" واتهامات بالعمالة للأجنبي الغربي الخ. وكأن هؤلاء يقولون: "دعوا صدام يعمل فيكم القتل، فالاستعانة بالأجنبي خيانة للتخلص من القهر والظلم"!! وهي استعانة جمعت الكويتيين والعراقيين ضمن عوامل كثيرة تجمعهم. ودارت الأيام، فتحولت ليبيا إلى مزرعة للقذافي وعياله، وسوريا إلى شركة مقفلة للأسد وأسرته، وعمل النظامان على تحويل كل مقدرات ليبيا وسوريا لحماية النظام، وعملا على ترويع البشر وحكمهم بالحديد والنار والمخابرات والقهر. فثاروا بشكل سلمي في بنغازي، وكانت أول ردة فعل القذافي "صدّامية" بامتياز: مضاد طائرات عيار 50، والمدفعية وطائرات الميغ لقمع شعبه. فاستنجد الليبيون بالمجتمع الدولي، فتنادى لهم الناتو وخلصهم من طاغيتهم. ومازال النظام السوري يسحق شعبه بلا هوادة، فقد اختطفهم وعمل على قتلهم وترويعهم منذ أن خرجوا مطالبين بالحرية والكرامة. وبدأت أصوات سوريّة تطالب المجتمع الدولي بالتدخل لحماية المدنيين. ومن بين تلك الأصوات أصوات أعرفها شخصيا، قالت في الكويتيين والعراقيين من نعوت التخوين والعمالة والجبن ما لا تستوعبه مقالة. ليس ما أكتبه هنا من باب التشفي أو الشماتة- حاشا لله- لكنه تذكير بما وصل به حالنا من حكم أنظمة خارج التاريخ، ومن عقلية بطش خارج العصر لا يمكن لشعوب عزّل أن تتقي شرها وتسقطها دون مساعدة خارجية. كان الكويتيون ومن بعدهم العراقيون أول من استنجد بالعالم لتخليصه من البطش والطغيان، فكان ذلك عاملاً مشتركاً يضاف لما بينهما من عوامل ووشائج تجمعهما.
جسر :مما يجمعنا
نشر في: 1 أكتوبر, 2011: 07:04 م