هاشم العقابي كانت العقدة الرئيسة التي عانى منها البعثيون في أول أيام عودتهم الثانية للحكم في العام 1968 هي تلك الصورة الدموية التي خلفتها في ذاكرة العراقيين تجربة حكمهم في العام 1963. تجربة لا يتذكر العراقيون منها غير رائحة الدم والتعذيب وهتك الأعراض. هذه العقدة اعترف حزب البعث بمعاناته منها في تقرير صدر عما يسمى بـ "المؤتمر القطري الثامن". وبسببها اضطر البعثيون الى إخفاء هويتهم ولم يكشفوا عن انهم هم من قاموا بانقلاب 17 تموز الا بعد شهور طويلة.
وبعد التغيير الذي حدث في العام 2003 وأدى الى سقوط نظامهم، واجه البعثيون سخطا جماهيريا جديدا بسبب انكشاف ما هو مخفي من مقابر جماعية وأفلام قتل وتعذيب وحشيين. لم يبق للبعثيين من تاريخهم إلا لعنة الناس التي تطاردهم الى اليوم. لكن، وبعد ثماني سنوات من سقوط حكم البعثيين وتفتت تنظيماتهم ويأسهم التام من العودة للسلطة، تأتي الحكومة الجديدة لتكرمهم بما عجزوا من الحصول عليه حتى في ايام نظامهم السابق. لم تكن ساحة التحرير في يوم من الايام ملكا للبعثيين. ولم يك البعثيون يحبونها بل عمدوا الى تشويهها وذلك بتحويلها من ساحة تسر النفس، قبل مجيئهم، الى ميدان لتعليق الجثث وتنفيذ الإعدامات. وفي الثمانينيات شاع خبر ان النظام كان بصدد تغيير اسم الساحة أو استبدال نصب الحرية بغيره. وقد حدثت اشياء مشابهة لذلك كتغيير اسم مدينة الثورة وشارع ابي نؤاس وغيرهما. لكن انشغال صدام بحروبه ربما جعله ينسى او يؤجل تنفيذ تلك الفكرة. واليوم، وبعد ان نفد صبر العراقيين على ما يرونه من عدم اكتراث الحكومة والبرلمان بمعاناتهم اليومية، قصدوا ساحة التحرير ليعبروا بالتظاهر سلميا عن مطاليبهم. ومن دون حساب او قراءة للتاريخ، ومن دون حياء أيضا، قالت الحكومة عنهم انهم بعثيون. وما كان ينقص الحكومة الا ان تضيف لذلك: "حتى وان لم ينتموا" كي تكمل السبحة. وفعلا عاملت الحكومة المتظاهرين وفق هذه التهمة فتعرض الكثير منهم للضرب والاعتقال والقتل والتصفية الجسدية احيانا. أما البعثيون المنتمون والذين لا ينكرون انتمائهم، بل ويتباهون به، فهؤلاء يسرح بعضهم ويمرح بالمنطقة الخضراء. وفيهم من يتمتع بمناصب رفيعة وميزات كثيرة. ماذا ينتظر البعثيون اكثر من ان "تكرمهم" الحكومة باقتطاع قطعة عزيزة من قلب بغداد كساحة التحرير وتسجل، كل من يقصدها ليعبر عن رأيه فيها، باسمهم؟ اي عقلية هذه التي تحول مكانا يعد رمزا من رموز الحرية الى "هايد بارك بعثي".أقول للبعثيين إنني أحسدكم حقا على هذا الحظ. ويا عمي بعد شتردون اذا الحكومة قررت ان كل من يذهب لساحة التحرير ليطالب بحقه من الكهرباء ويندد بالفساد بعثي. وكذلك الأرملة التي تبحث عن لقمة عيش لأيتامها بعثية. "وكولوا مو زين المامور"!والله يهنّي سعيد بسعيدة.
سلاما ياعراق :وكولوا مو زين المامور!
![](/wp-content/uploads/2024/01/bgdefualt.jpg)
نشر في: 1 أكتوبر, 2011: 09:03 م